آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 4:17 م

زوايا أسرية 16

محمد الخياط *

”الدنيا ستدور والمشاهد ستعاد، والأدوار ستتبدل وكل ساق سيسقى بما سقى“ - نجيب محفوظ

كانت اجابة أخيها منذ اللحظة الأولى صادمة لها وللجميع لمعرفته بسلوك أخته والمتقدم لخطبتها بقوله: إنكما شخصان مختلفان ومتشابهان عشتما حياة يشوبها اللهو تنتشيان بجميع ملذاتها الزائلة والكثير منها هو في دائر الشبهات دون وازع أخلاقي وكل منكما يبحث عن شيء لذاته دون ادراك للمسؤولية، تتصرفان وكأن الحياة ستدوم لكما، ورهانكما على اعادة توازنكما الأخلاقي وارتباطكما بالزواج للتخلص من آثار الماضي ومستنقعاته الآسنة والراكدة دون أن يكون هناك قيود جدية لبناء علاقة زوجية من شأنها تؤسس الألفة والمودة والرحمة والاحترام والاهتمام الحقيقي في عدم تجاوز الحدود المتفق عليها عقلاً وشرعاً وقانوناً، فزواجكما سيكون سفينة في بحر تعج به الرياح، وسيشكل لكما حالة من القلق والأرق المستمر لوجود الأفكار السوداء الموروثة من الماضي البعيد، والخوف من الآثار السلبية التي يعلم كل منكما بعض ماضي الآخر، فتنازلكما لبعض أحسبه أمراً في ظاهره محبب وحسن، وادعو الله لكما بالتوفيق إلا أن يكون نتيجة ضغوط نفسية واجتماعية وانجرار خلف عواطف مؤقته، والرهان على الزمن غير منطقي والاستمرار سيكلفكما عدم الوثوق ببعضكما وليس هناك امكانية استقلالية في كل ما يخصكما، وقد يستمر الصراع وعواقبه غير محمودة لا على الجسد فقط، إنما يؤرقني يا أختاه أن تكوني في خطر مستمر مما يوصلكما أو أحدكما إلى اضطراب نفسي لاستمرار الضغط وغياب الطمأنينة والشك والريبة لكل سلوك، فحياتكما في ضل هذا الزواج قد يدوقكما الأمرين.

نعم قد يكون حكمي قاسياً لخوفي أن يعد كل منكما أنفاس الآخر، وأني لمغبون فيما أقول لكن هي كلمة حق أسجلها للتاريخ وأضن أنني صائب فيما أقول، لخوفي من الرجوع للمربع الأول لعدم وجود الأخلاق الداعمة للنزاهة والحياد والابتعاد عن الأغواء والفساد والمساومة في كل أمر، ورفض المحيط العائلي بالتواصل معكما لامتلاء النفوس من الماضي ومعرفتهم بكل منكما وإن كان هذا الأمر ظلماً وتنمراً ورجماً بالغيب يعده البعض، والبعض الآخر يعتبره هو نتيجة طبيعية لقواعد عقليه شرعية «ما بني على باطل فهو باطل»، وما بني على معادلة عقلية معرفية فيها من العلم والتحليل والمشورة وحسن الاختيار فهو أقرب إلى الصواب.

لذلك جوابي كان ولايزال هو عدم القبول مع التأكيد على أن القرار لك، واعلمي يا أختاه إن الحياة الزوجية ليست تجربة كما كنت تعتقدين في الماضي وليست نزهة أو سفرة وتنتهي أو منافسة وتحدي للنفس والواقع والآخرين من سيربح الجائزة ويعلق درع الفوز ويخسر الآخر، إنما هي رباط مقدس له من القيم والسلوكيات والالتزام ومراعاة المصالح المشتركة المبنية على الحوار والثقة والتفاهم والتغاضي والتغافل عن الهفوات.

هل من حق أخيها ممارسة الوصاية عليها؟

* قد يرى البعض نبرة الخطاب قاسية واعتداء لفظي من قبل الأخ ولا يحق له ذلك.

* يرى آخرون هي تحتاج النصيحة والتوجيه لظرفها الاجتماعي والسلوكي من قبل الأخصائي أو الطبيب النفسي وللوحدة التي تعيشها ولبلوغها منتصف العمر ونقص في فكرها أصبحت أسيره للقبول.

* هناك من يُحملُها المسؤولية لعدم وجود منطق في التصرفات غير المسؤولة.

* وجهة نظرها تقول: من أوصلني لما أنا فيه هو نتاج ظلم أبي وجهلي وزوجي السابق وصغر سني.

وهناك من يُحمل التقاليد والأعراف والموروث باسم الدين إلى وقت قريب كل السلبيات المجتمعية التي كانت عليها المرأة والرجل بنسبة ما.. في اختيار شريك الحياة وكأنهما - أي الأبوين - أوصياء أو انبياء وبيدهما العلم والدين ومفاتيح الجنة والنار دون أن يكون للمرأة والرجل حق الاختيار - لا تقل في الماضي - فهناك من يعمل به بطرق أخرى في الحاضر..

أعلمُ قد تكون الكلمات جارحة ومؤلمة وقد تكون مستنكرة ومنفية عند البعض

لأثرها على النفس، وتبريرهم في ذلك أنهم يقدمون النصيحة من باب الواجب والحب والمسؤولية الأبوية.

وأنت ماذا تقول: أهي على حق أو يحق لها فعل ما تريد؟

أو ترى أن خوضها التجربة الثانية بهذه الصفات هو شبه انتحار؟

ضع جوابي وجوابك جانباً، سلباً أو ايجاباً واقعياً أو خيالاً، ولنرسم دراما لتحليل شخصية حكايتنا من أي الصفات هي؟ ولنسرد صفات لشخصيات أخرى يفرضها المقام علينا لما فيها من المثيرات ما يفوق العادات والمواقف والسمات الشخصية الكبرى من منظور نفسي اجتماعي سلوكي التي تشتمل على:

العصابية: حساسة جدا وقلقة غاضبة وتعاني من الاكتئاب ونقص بالوعي الذاتي اندفاعية وتفتقد القدرة على تحمل الضغوط لشعورها بالعجز واليأس.

الانبساطية: هي أكثر اجتماعية وتميل في كثير من المواقف إلى الايجابية والتفاؤل مع العلم، وممن يستهويهم حب السيطرة والبروز وإن كان سلبي، وغير متحفظة في كثير من المواقف

الاستبطانية: شخصية تميل إلى الهدوء، محدودية العلاقات والنشاط الاجتماعي وليس بالضرورة الحكم عليها أو تصنيفها في خانة الانطوائية.

الانفتاحية: هي من المبدعين وأصحاب الأدب والفن سيماهم في وجوههم، لهم من المنطق وحسن الحديث، ومن صفاتهم أيضا التواضع والصدق ولين العريكة صريحين متعاطفين متعاونين متحابين لا يقبلون التنازل عن حقوقهم وإن كانوا حذرين في بعض المواقف.

التوافقية: يجيدون الحوار وإظهار الود ويتميزون بالتسامح والألفة والثقة بالنفس وبالآخرين، ولهم من صفات التواضع وصدق الحديث، مبادرون في التعاون والدفاع عن حقوق الآخرين.

أصحاب الضمير الحي: لا يقبلون الخطأ من أي شخص كان، وهم يتصرفون بحكمة في المواقف الصعبة، والحديث الجاد منطقهم، قراراتهم تكون بحذر إن تعلقت بالآخرين، ملتزمين بالقيم الأخلاقية ومنظمين وسهلي المعشر واثقين من أنفسهم.

بأي حق تقرر؟!

ارتفع صوتها بكلمات تعانق بعضها البعض، وانتفخت منها الأوداج غضباً وحنقاً على أخيها وبصوت مبحوح وبكلمات الألم لصدمتها من كلام أخيها القاسي تقول في أي عنوان تضعني وأنت تحلل وتحكم وتقرر ما أنا عليه من صفات وسمات وسلوك؟ أهذا جوابك عوضاً عن الدعاء والتشجيع والتحفيز والاحساس بفيض من الرحمة وعبارات مُطمئنة ومُساندة للعبور مما أنا فيه من ضياع ووحدة وخوف وأنا في منتصف العمر لكي أنسى الآلام وأمسح من ذاكرتي الماضي البعيد والمظلم وأعيش ما بقي من عمري بعيداً عن الكبت الذي يُشكل ضغطاً نفسياً وينعكس سلباً على سلوكي العام من قلق وتوتر وخوف من الماضي والمستقبل!!

لسان حالها..

هنا يغفل أخي وباقي أفراد العائلة أنهم في دائرة الاتهام الأولى، لتقصيرهم واهمالهم وعدم عنايتهم والانشغال بالنفس فقط في الماضي، وأنهم مسؤولون عن ما حدث بتزويجي وأنا صغيرة، وما سيحدث لي ولباقي أخواتي،،،

كل شيء يقف ضدنا وقتل أحلامنا في مهدها باسم التقاليد والأعراف وإن المرأة تبقى رهينة رأي الأب والأخوة الذكور.

أليس الزمن غير الزمن؟

أليس من حقنا الحياة كباقي البشر؟

الله سبحانه وتعالى يجود ويعطي، ويغفر ويهدي ويرحم، وأنتم تحبسون عنا ذلك؟! إنه لوجعٌ أكبر وأعظم من فقد أحد الأبويين، أوحكم بالإعدام ونحن أحياء.

أليس ما نحن عليه هو نتاج تربوي ومجتمعي لعدم وجود الدعم والتوجيه والارشاد وتزويجي قبل أعوام وأنا طفلة في السادسة عشر «16» من عمري لرجل لم يخاف الله أوصلني لما أنا عليه اليوم من هلع دائم ومرض نفسي، واستهداف جسدي وسمعتي الشخصية، والابتعاد عن الأخلاق وعدم الالتزام بالقيم والسلوك الإنساني؟

فمن المسؤول عن ما حدث وتأثيره منذ ذلك التاريخ إلى ما أنا فيه اليوم الذي أقرر فيه أن أخوض تجربة ثانية يقف الجميع ضدي وهم يعلمون أني أصبحت حطاماً وأعد أيامي وأنا في الأربعين من عمري دون سند أو ونيس أعيش الوحدة القاتلة دون مبالاة من المحيطين وهم لا يزالون يمارسون على المرأة الوصاية الذكورية باسم الدين والادعاء بالمعرفة وبشؤون الحياة بعيداً عن الحوار والمناقشة فلا تسمع من الرجل إلا عبارات الحرمان والتهديد بالطاعة العمياء الموصلة في كثير من الأحيان إلى حالة الرفض أو الهروب بالصمت والخوف المؤدي إلى الاكتئاب المرضي الذي يترك أثراً يحتاج إلى أساليب علمية علاجية وفق استراتيجيات علم النفس الاجتماعي أولاً، وثانياً: للتخلص من تداعيات التجربة السابقة خلافاً لرأي البعض إن الوقت قد فات!

قراءة أولية لتحليل الموقف:

* الشعور بعدم وجود معنى للحياة لرفض الآخرين لها

* وجود فراغ عاطفي لتجربة قاتلة ومستقبل مجهول

* الوحدة واليأس من المحيطين دون مساندة

* الشعور بالإحباط والندم من الماضي

* الملل وعدم الاستقرار والقلق من المستقبل

* فقدان الطاقة والمعاناة من الأرق أو كثرة النوم واهمال النفس حد المرض

* التفكير السلبي الدائم بالموت لتوهم المرض.

التمرد والهروب وتحدي الآخرين والواقع المر جعلها تصر على خوض تجربة جديدة مع وجود الخوف الناشئ عن معرفتها المسبقة لصفات المتقدم لها، إنهما قد يفشلان لهذه الصفات

سريع الغضب - يميل للعزلة - لا يكترث للعلاقات الاجتماعية - دائم الريبة والشك، ليس له التزام أخلاقي - كثير السفر - دائم التوتر - دخله المالي متوسط

خاض تجربتين زواج وليس له أولاد.

تغذية وتوجيه هام للمرشد

يجب ضبط النفس في الاجابات المستفزة والخادشة للحياة والقيم، ويجب مراجعتها بدقة متناهية لتحسين صورة المسترشدة عند نفسها وزرع الثقة بالنفس بعيداً عن موضوع الزواج إنما لقيمتها الاعتبارية الشخصية وإن كل انسان خطاء وخير الخطاؤون التوابون، وعملية البناء وتحقيق خطوات علاجية للحيلولة دون البقاء في منطقة الصفر وتحريك الدوافع لإنجاز وارساء قواعد علمية للتغذية الايجابية وحفظ ماء الوجه، وإن كان يستغرق وقتاً إلا أن الانجاز بتصميم السعي للنجاح والعمل والسعي الجاد والاشراف والمساندة المباشرة من قبل المحيطين والمختص يقلل الزمن والتراخي، ويحفز على عدم التباطؤ، ويرسم مساراً للحصول على نتائج مرجوه لعودة الحياة إلى أطارها الطبيعي بالقيم الانسانية والأخلاقية.

وقع المحذور فيما تخشى

بعد عامهما الخامس من الزواج تزداد الهوة يوماً بعد يوم، ويقع المحذور بينهما في عودة الزوج لما كان عليه من بعد المواثيق والعهود التي تعاهدا عليها قبل الزواج وقبل أيام وصلت المسافة بينهما صفر في جغرافية التواصل والاتصال بعد أن كانت الحياة تدب فيها بإيجابياتها وسلبياتها، وسكن الصمت بينهما وأصبحت الحياة رتيبة يسودها الهدوء قبل العاصفة، إلا أن الأحداث التي سجلها التاريخ تلعب المواقف فيها أدواراً مختلفة باختلاف سلوكيات وقيم وأخلاقيات الأشخاص، كما أن للبيئية الحاضنة وزمن ومقدار قرب المتحدث معك يحاول المسترشد أن يلقي بظلاله عليك محاولاً اقناعك بما هو عليه وإنه لعلى صواب، وهي فطرة سلوكية تتأثر بها حسب مقدرة وحقيقة ما تواجه، وتبقى نظرية الاختلاف وادارته في جميع سلوكياتنا كبشر، وهذا الأمر طبيعي جداً إلا إن التجاوز في الاختلاف أوصل البعض إلى رحلة الخلاف والافتراق الموصل لحالة الندم بعد فوات الأوان، فيؤسس رحلة جديدة من الألم والضبابية وعدم الاطمئنان لاستمرار الضغينة والخوف من الانفصال وتناسي العهود والمواثيق في بناء منزل يسوده الود والرحمة والعشرة التي بنيت على مدى خمسة أعوام متناسياً الماضي والفعل الخادش للحياة، أعادة ما كان يؤرقهما، فلن تعود علاقتهما وثقتهما ببعض بكلمات متقاطعة يطلب فيها العودة لوضعهما الطبيعي وإن لم يكن يخلوا من العنف والتنمر واستمرار الاتهامات المتبادلة والهجرة في العلاقة الخاصة لفترة طويلة دون وصال حتى تجمدت وتبلدة فيها المشاعر والأحاسيس وحرقت فيها كثير من الروابط بكلمات جارحة وخادشه للحياة، وفيها الكثير من الأسرار الخاصة المتعلقة بزواج كل من هما من السابق ومما زاد الأمور تعقيداً يتم ذلك أمام مرئ العائلة ومن لهم صلة، مما جعل الأمور تكون أكثر تعقيدا.

تعاطف محذور

هنا رسمت فجوة كبيرة بين التعاطف العائلي والهوة بين متطلبات الزوجين في طلب الانفصال، وسعى المقربين من عدم الانفصال خوفاً من الضياع لوجود طفل في الرابعة من عمرة وطفل آخر سيولد بعد شهور، وهناك قرض كبير من البنك باسم الزوجة لصالح الزوج هي من تدفع الأقساط الشهرية بالإضافة إلى أقساط السيارة الخاصة بها وراتب سائقها.

خبر لم يكن في الحسبان

ازداد الأمر تعقيدا وكثرة التساؤلات عندها والخوف الذي انتاب الزوج من المحيطين وعلامات الاستفهام.. متى وماذا وكيف حدث ذلك؟

نتيجة لفعل الزوج المستمر في السفر وسلوكه غير السوي اكتشف قبل أيام عبر رسالة أن له ابن يبلغ من العمر سبع سنوات في الخارج، هذا الخبر زاد من الهوة بينهما وأصبحت لاءها نعم، هذا ما وضعهما في أخطار كبيرة جدا أمام العائلة والمجتمع فأصبحت حياتها الزوجية يحيط بها أمور تدور في دائرة الخطر المحدق بهما، وقررا التماس المشورة من المرشد النفسي الذي يحتاج إلى وقت واستشارة من جهات قانونية ومالية لمعرفة تفكيك القضية والخروج بها من النفق الذي يشعر الجميع أنه أصبح في حالة ظلام وليس هناك حلول إلا أن المرشد بكفاءته وخبرته الكبيرة وضع الأمر نصب عينياه بخطة كانت تسير وفق نقاط محكمة، مع كثرة المعاناة وحجم القضية وعمق الألم الذي ينتاب الجميع لم يقف الأخصائي مكتوف الأيدي ولم ينتابه الخوف والعجز والتهرب بل واجه الواقع وعمل على تفكيك المشكلة بعد أن تم تقسيمها إلى..

الزوجة

كان الحديث معها يحمل معنى الجدية وإن كان فيها من الأسرار المتعلقة بحياتهما بين الماضي والحاضر الذي أثار شرارة ما هم عليه اليوم من صراع وإن كانوا يُصرحون بأنهم لا يحملون في نواياهم خُبثاً متعمداً اتجاه بعضهم البعض وإن الممارسات غير السلوكية يعلمون بأنها أصبحت في دائرة السلوك الذي ظهر على مسرح الحياة، وشكل لهم أزمة أخرى مع المجتمع والخوض في ذلك أصبح يشكل مأساة لتدحرج كرة الثلج فزاد الهوة والصراع والضغينة والشكوك والاتهامات المتبادلة وإن كانا يجمعهما سقف واحد، إلا أن التصحر العاطفي والسعي المتواصل في الانفصال من قبل الزوجة على وجه الخصوص لكثرة الضغوط المجتمعية والنفسية جعلت المشهد عندها سوداوي خالي من الآمال، وكل من يسعى في ذلك كان يُتهم بالحياد مع أحدهما ضد الآخر، لذلك حينها تم التواصل مع جهات ذات الاختصاص.

الأخصائية

تم وضع خطة علاجية بالتشاور مع الاخصائية النفسية وفريق العمل، تشمل بناء قيم وسلوكيات لتعزيز الثقة بالنفس والعمل على تخطي الظروف المحيطة والضاغطة نتيجة لأحداث مرت بها في حياتها السابقة والحدث الأخير، وإنه واقع عليها مواجهته وتزويدها ببناء قدرة للمقاومة والتحمل مما يتيح لها رباطة الجأش لفترة أطول عندما تزيد الأمور تعقيداً والعمل على اقناعها بالتعاون لتجاوز الحدث وسيمر وإن كان هناك احساس بالإعياء والإرهاق النفسي، فالتواري عن الأنظار ليس هو كل الحل بل الاندماج الاجتماعي ومواجهة الواقع دون صدام وأن تعددت التوجهات في تقريب المسافة بين الزوجين، وكان قرارهما أنهما اجتازا نقطة ألا عودة لحياتهما الزوجية نتيجة للبركان الهادر من الزوجة.

ينكشف للأخصائية بأن الزوجة غير قادرة على مواجهة المشكلات والأزمات والضغوط وأنها فقدت الأمان النفسي، والشعور اتجاه الزوج بالميل والاحترام في استمرار الحياة معاً خصوصاً بعودة زوجها إلى ماضيه وظهور طفل له في الخارج زاد من صدمتها واصرارها على انهاء تجربتها الثانية وإن كان فيها موت للحياة النفسية والمجتمعية وضياع للأبناء وأنها غير قادرة على تجاوز سلوك زوجها رافضة للحوار والجلوس معه مغلقتاً منطقة العبور وتحرير العقل والعاطفة والحاجة والاجابة على المجهول من تساؤلات.

تشخص الحالة وتضع قراءة أخرى فيها من الآفاق ما يسهم من تد ليل الصعوبات ومراعات حاجتهما للعودة والاستمرار دون أن يكون هناك معجز أو جبر مع توظيف كل الجوانب التي تمنحهم الثقة بالنفس وبالآخر، ومجابهة الصعاب وانهاء ما يعكر صفو العيش بسلام، وما يختلج من ماضي مؤلم ومشاعر مسمومة والعمل على منهج يتضمن

* معالجة النضج الانفعالي والتوافق النفسي

* العوامل السلوكية وطرق التواصل بينهما

* العامل العاطفي والجنسي

* انهاء حالة الشك والريبة

* المصارحة بالحب

* السكوت والتعاطي والتغافل عن الهفوات

* عدم ممارسة التحقيق

* المسؤولية مشتركة في عدم البوح للآخرين بما يدور في منزلهم

* المساهمة المالية في بناء الحياة والعيش الرغيد

* قبول العلاج

لم تغلق الستارة..

لا زال ملف الدراما مفتوح والممثلين والكومبارس وكاتب السيناريو والمصورين والمشاهدين يبحثون عن النهاية وأن أصبح البعض عنده تساؤل مشروع كغيره ممن له اهتمام بالقضايا الاجتماعية، أين دور الرجل «زوجها»؟ ولماذا الصمت السلبي عنه؟ وكأن المرأة هي المذنبة فقط، وهي التي عليها أن تبحث عن حل لأنها هي من أصرت خوض هذه التجربة مجردين أنفسنا والمحيطين بها والأعراف عن المسؤولية الانسانية المجتمعية بممارسة اللوم والوصاية والحكم على الآخرين بدون عقلانية وعلم وأخلاق، والبعض رسم سيناريو مدعياً أن الحقائق للآمال الكاذبة تتكشف لغياب العقل والسير خلف العواطف بقرار سلبي أو ايجابي، وآخرين قالوا ليس هناك من حكايات تحدث في مجتمعاتنا الاسلامية بهذا المستوى منزهين أنفسنا عن العنف والتنمر والسلوك المشين، وكأننا خلقنا رسل أو اوصياء أو ملائكة مقربين.

نداء أخير

وقف الحضور يبحثون عن صوت مضطرب من خلف الستار بنداء يطلب منهم البقاء قليل ويخبرهم أنه يبحث عن اجابة للتساؤلات

* هل نحن في قراءتنا للسلوك المجتمعي نضخم مشاكلنا؟

* لماذا نقرر الاعتزال عوضاً عن البحث لحلول المشاعر الصادقة؟

* ماذا يعني لكل قضية وخلاف زوجي حل أو نهاية؟

* ماذا لو رجعت هذه المرأة لزوجها، هل أنت مساند أو معاند أو صامت...؟

* حكمك دون أن تساهم في نشر ثقافة تأهيل الزوجين واللجوء للمختصين عند الخلاف الزوجي هل يحرك ساكناً؟

* أمثل هذه الزوايا الأسرية تُساهم في اثارة التوجه الأسري لتثقيف الفتيات والشباب المقبلين على الزواج وطرح حلول للقضايا الزوجية؟

كي تتجلى تعاملاتنا الحياتية الزوجية وتكون كاشفة لبصيرتنا المستقبلية في إطار سلوكي إنساني أخلاقي نحتاج نلتمس العذر، ونقبل الحوار والتسامح والنصيحة دون أن نجعل حكمنا على الآخرين رأياً نهائياً.

فأفعالنا هي من تزودنا على الدوام بالكثير من المعلومات التي تسهم في رسم وتحليل وعلاج ظواهر لخلافاتنا الزوجية والمجتمعية

كانت هذه سطور لدراما صادمة لمزاجية القارئ، تبين أن ثمة اتجاهات للحزن والفرح واليسر والعسر وللظروف الضاغطة التي نستجيب لها في كثير من الأحيان فتؤثر على قدراتنا واتزاننا في وقت نحن في أمس الحاجة إلى المقاومة والصبر عوضاً عن البقاء في منطقة الصفر والصمت القاتل دون سعي لا نهاء حالة الخلاف الزوجي والخوف والاكتئاب وعدم التعالي لمعرفة أهمية لجوءنا للعلاج في حل خلافاتنا الزوجية والسلوكية عند المعالجين المختصين فقط

كاتب سعودي ومدرب في شؤون الأسرة