آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 11:58 م

قلب للإعارة

سهام طاهر البوشاجع *

أن تعيش بقلب ينبض فسيولوجيا هذا أمر مفروغ منه فهي طبيعة الجسد البشري، وهكذا قدر له أن يكون، وأن تعيش بقلب ينبض سيكولوجيا بالحب والهدوء والتسامح فهذا النبض خاص قدر لبعض القلوب وليس لجميع قلوب البشر.

هل تعيرني قلبك المتسامح؟ كيف توصل نبض قلبك إلى هذا الهدوء والسكينة؟ من يمتلك قلبا كهذا كيف هي حياته اليومية؟

تساؤلات في مستوى الأمنيات، ومعايير ذات فخامة، يود الإنسان لو يمتلكها أو على الأقل تعار إليه في أقسى الظروف وأكثرها حاجة إلى الاستقرار والطمأنينة والهدوء بعد معترك مع الهواجس أو الظنون أو الأحزان المباغتة.

من يمتلك قلبا بهكذا مواصفات، فهو الأكثر تسامحا وتقبلا لذاته ولمن حوله من أبنائه وإخوته وجيرانه وأصدقائه، وهو الأكثر تغاضيا عن تفاهات الأمور التي تمر، وفي طريقها قد تجرح أو تحدث خدشا يحتاج إلى ترميم معين.

يحكى أنّه كان هناك رجل حكيم يأتي إليه الناس من كلّ مكان لاستشارته، لكنهم كانوا في كلّ مرّة يحدّثونه عن نفس المشاكل والمصاعب التي تواجههم، حتى سئم منهم وفي يوم من الأيام، جمعهم الرجل الحكيم وقصّ عليهم نكتة طريفة، فانفجر الجميع ضاحكين بعد بضع دقائق، قصّ عليهم النكتة ذاتها مرّة أخرى، فابتسم عدد قليل منهم، ثمّ ما لبث أن قصّ الطرفة مرّة ثالثة، فلم يضحك أحد. عندها ابتسم الحكيم وقال: "لا يمكنكم أن تضحكوا على النكتة نفسها أكثر من مرّة، فلماذا تستمرون بالتذمر والبكاء على نفس المشاكل في كلّ مرة؟

القلق لن يحل المشاكل، وكذلك التفكير الزائد أصل المشكلة لن ينجي منها، بل سيهدر الكثير من الوقت والطاقة وسيستفز القلب في الإسراع من نبضه بنبضات الخوف والتوتر والتشتت أحيانا، وعدم الخروج من الصندوق المغلق إلى خارجه لمعرفة أهم طرق حل المشكلة قبل معرفة أسبابها، قد يتساءل البعض عن كيفية الوصول إلى هذا الهدوء والاستقرار بنبضات القلب وجعل التفكير يسير في وتيرة الطمأنينة للوصول إلى الحل المثالي، أو الرضا والقناعة ومن ثم التسامح مع الذات والآخرين، حتى لو لم يجد حلا للمشكلة ذاتها.

هنا تأتي إحدى مقومات الراحة والطمأنينة ولعل أبسطها بين أيدينا، ولكننا أحيانا قد نغفل عنها، - القراءة - بحد ذاتها مفتاح للوصول إلى هذا الطريق ولا سيما قراءة الدين، وليس هناك أفضل من القرآن الكريم لقراءة الدين، هناك أكثر من 70 دراسة أجنبية وإسلامية جميعها تؤكد على أهمية الدين في رفع المستوى النفسي للإنسان واستقراره وضمان الطمأنينة له، ومن فوائد قراءة القرآن المعروفة هي صفاء الذهن - الفرح والسعادة - التخلص من الحزن والقلق - القدرة على بناء العلاقات الاجتماعية بكل ثقة - كسب الثقة الذاتية وغيرها الكثير ولا أنظر، بينما هي دراسات أثبتت بالفعل جدارتها في تلك الأمور وأكثر ونجح العديد ممن جربها في ذلك، ووصل إلى واحدة من أهم متطلبات الحياة في أيامنا الحالية، لا سيما مع ارتفاع وتيرة التوتر على نطاق الأخبار السياسية والصحية والاجتماعية السيئة التي تنشر في وسائل الإعلام وتكون على مرأى ومسمع الجميع وتخزن في العقول اللاواعية والواعية، فتظهر بسلوكيات يفاجئ منها الكثير حين يسمع عنها، كقتل رجل لأبيه أو رمي أم لأطفالها ونفسها تحت عجلات قطار، أو حرق ابن لوالدته، وغيرها من السلوكيات التي لا يتقبلها أي قلب أو عقل مطمئن متسامح يرفل بالهدوء والنعم ويشكر الله عليها.

كاتبة ومحررة في صحيفة المنيزلة نيوز