لست أفنى
مجموعة شعرية للشيخ سعيد أبو المكارم المولود في بلدة العوامية بالقطيف عام 1350 للهجرة، وأحد علمائها وأدبائها وخطبائها المعروفين باطلاعه وخطابته.
نسأل الله تعالى له الصحة والعافية.
تعلّم في بداياته على يد والده وعلماء المنطقة كالشيخ حسين القديحي، ثم سافر إلى النجف ودرس على يد كبار العلماء من أمثال: الشيخ محمد تقي الجواهري، والسيد محسن الحكيم. ونال عدة شهادات تدلل على مكانته من مجموعة من الأعلام أبرزهم: الشيخ المرعشي النجفي، والشيخ محمد أمين زين الدين، والسيد محمد مهدي الأصفهاني.
أطلق الشيخ على مجموعته «لست أفنى» في مقدمته مصطلح «ملحمة» لما لها من الطول على الجامعية واحتواء المادية والروحية وما فيها من أبعاد المعرفة كما يقول. وقد كتب معظم مقاطعها قبل أكثر من ربع قرن، وهي تشبه في نظمها طلاسم الشاعر اللبناني «إيليا أبو ماضي» غير أنه جعلها خماسية الأشطر، وتلك رباعية، وفي نهاية كل خماسية يختمها بقوله: «لست أفنى».
تنقّل في هذه المجموعة في المادة واستكشاف الكون والمعرفة والفلسفة والأخلاق والدين، وتحسب له جرأته في بعض خماسياته بنقده اللاذع لبعض السلوكيات الاجتماعية التي تتسربل بالدين والقيم والعادات والتقاليد.
واحتوت المجموعة على «205» خماسية، وجميعها على بحر الرمل.
وأما عبارته «لست أفنى» التي عنون المجموعة بها، فهو لا يقصد بالفناء زوال المادة، ولكنه ناظر لمعنى آخر نابض وحي، فالفناء الذي يقصده هو الذي يحمل راية التمرد في نصرة الحق والدفاع عن الخير والحب، فمثل هذا الفناء لن يفنى ولن يهزم، بل سيخلد ويبقى.
والملاحظ في عنوان المجموعة «لست أفنى» بضمير المتكلم سيرى قوّة إيمان وعزيمة رغم كبر سن الشاعر.
رتّب الشيخ مجموعته حسب حروف الهجاء بأسلوب سهل وسلس واتجاه كلاسيكي.
ولعل تسمية المجموعة بلست أفنى أفضل من تسميتها كعنوان رئيس بالملحمة وذلك لافتقارها لمقومات الملحمة الفنية.
قال في إحدى خماسياته:
هل بحثنا بحث ألفاظٍ حيالَ النائبات؟
ولمسنا من سطوح الغيب قلب الناضبات
أم حلبناها زُعافًا من ضروعٍ خائبات؟
وتجرّعنا لظاها موجباتٍ سالبات؟
وبهمس الحرف أبقى في مضاءٍ
لست أفنى
وقال في إحدى خماسياته:
فكأني في ثياب الموت يومًا أُدرجُ
وعليّ الأرض قد أطبق منها المدرجُ
ليس لي من كل ما يؤلم روحي مخرجُ
ما سوى اللُّطف ولطف الله فيه الفرجُ
أشقاءٌ هذه الدنيا لأني
لست أفنى
وهو القائل:
هل ترى من مؤمن آخاك رمزاً للإخا
طيلة العمر وفياً عهده ما نسخا
صدق العهد وعن خط الهدى ما انسلخا
لا ترى إلا خؤوناً أي عهد فسخا
قائلاً -.. إن الوفا عهد الكسالى -
لست أفنى
وقال:
أنا في نفسيَ آراءٌ لها تعنو الفِكر
أنا حرٌّ لستُ مقتادًا بتقليد البشر
فلسفاتُ الكون كل الكون يجلوها النظر
إنّه العلم الطبيعيُّ ببدوٍ وحضر
كن بهذا فلسفيّا لتنادي
لست أفنى
وهو القائل:
لا تلمني فالذي قلت ُ به نفثةُ شاعر
عاش حرّاً يمقت الأوضاع مفتوح البصائر
ويرى الدنيا لقد مالت ولكن للفواجر
ويرى الفوضى لقد سادت وما للحق ناصر
أعزلٌ إلا من الدين ويدعو
لست أفنى