المناسبات الاجتماعية بعد كورونا
من فوائد المناسبات الاجتماعية قوة الترابط بين الناس وتبادل أنواع المسرات عند الأفراح وإبراز التعاطف عند الأحزان، لذلك يكون المجتمع القوي قويا بترابط الناس ببعضهم البعض. لكن إذا تحولت تلك المناسبات إلى عبء ثقيل؛ لا بد من دراستها بشكل جيد لمعالجة تلك المشكلات التي تجعل منها مناسبات ثقيلة ومرهقة للناس، إذ تنعكس تلك القوة التي يتمتع بها المجتمع من خلال ترابطه فتتحول إلى ضعف في أفراده، حيث إن كل فرد يشارك في تلك المناسبة وهو على مضض لأنه سوف يطلب منه إقامة مناسبة مشابهة لها.
في مجتمعنا مرت على مناسبتنا الاجتماعية ظروف مختلفة بعضها سيئ والآخر كان في غاية الجمال، لكن دخل عليها بعض التحسينات في نظر من يقيمها؛ التي جعل منها مناسبات ذات طابع مرهق على من هو ضعيف من الناحية المادية، لأن المجتمع متفاوت في ظروفه المادية. فالبعض مقتدر والأخر ضعيف، لذلك قد تجعل من هو من ذوي الدخل المحدود مضطرا بأن يجاري تلك العادات الدخيلة على المجتمع ويرهق نفسه بالديون؛ لكي يجعل من تلك المناسبة تساوي من هو أعلى منه. كمثال على ذلك مناسبات الزواج التي تكبل كثيرا من الناس بالديون؛ فضلا عن التعب الجسدي الذي يتحملونه من الوقوف للسلام على المتزوجين، وكذلك مناسبات العزاء التي باتت هي الأخرى مرهقة للناس.
في فترة ظروف جائحة كورونا كنت في اتصال مع أحد الأصدقاء الأعزاء اسأله: لمَ لمْ أراك في المكان الفلاني؟ رد قائلا كنت في زواج أخي.
قلت له عجيب كيف صار الزواج؟ رد قائلا كان مختصرا جدا. الحاضرون كانوا عشرين شخصا فقط. قلت له لو كان هذا الزواج في غير هذه الظروف كيف سيكون؟ قال لي سوف نكون متعبين من كل النواحي.
كذلك اتصلت بأحد أقربائي بعد أن علمت بأن ابنه تزوج لأبارك له، فكان يعتذر مني لعدم دعوتي؛ فبادرته ليس اتصالي للعتاب؛ إنما هو للتبريك، ولابد أن نزيل عنا هاجس العتب بينا، فمن المفترض أن تقام المناسبة حتى لو كانت بشكل مختصر في أي ظرف كان حتى بعد ان تنجلي هذه الغمة عنا.
إذا، لابد من إعادة النظر في مناسبتنا بعد أن جربنا في هذه الجائحة طرقا افضل في إقامة المناسبات، وقد مرت بكل سرور ولم يعتريها عتب بين الناس، وعلينا الاستمرار لكي نريح أنفسنا من عناء المصاريف والتكاليف الباهظة، وتكون المناسبات متاحة للجميع.