آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 11:58 م

المرحوم الحاج مهدي الشويكي مناقبية الأخلاق والعمل الصالح

سعيد المطرود

فُجعت القديح اليوم برحيل أحد شخصياتها الاجتماعية الفاعلة الحاج مهدي الشويكي أبي صالح رحمة الله عليه.

الذي جمع بحق بين مناقبية الأخلاق الحميدة في التعامل مع الآخرين صغارًا وكبارًا، والعمل الصالح.

فما أن تجلس معه حتى تشعر بطيبة القلب، والتواضع الجم من غير تكلف.

فلقد كان من بواكير شبابه من الذين كان لهم حضورٌ اجتماعي وديني مميز في أنشطة البلدة الاجتماعية والدينية ببلدة القديح.

عرفته - عليه الرحمة - وأنا صغير، فأراه يشاركُ طلبة العلم والشعراء والأدباء في الاحتفالات الدينية التي كانت تقام في حسينيات ومساجد القديح، كما كان مشاركًا أيضًا في احتفالات الزواج  التي كانت تقام في السابق  فتجده يقرأ القصائدَ ومدائح أهل البيت    كما كان معروفًا لدى أبناء بلدة القديح بقراءة السيرة الحسينية «مقتل الإمام الحسين » لسنوات طويلة، وبخاصة أيام عاشوراء، في حسينية الغزوي بالقديح، قبل أن يرتقي سماحة الشيخ عبد الحميد المرهون - أطال الله في عمره الشريف، رغم انشغاله بالعمل الرسمي في شركة أرامكو، والتزاماته العائلية والاجتماعية، إلا أنه كان عضوًا مشاركًا في جمعية القديح الخيرية لعدة سنوات.

قد كان تواصلي معه  عليه الرحمة  لسنوات طويلة عبر قنوات التواصل الاجتماعي، لكن تعزز لقائي به بشكل مستمر بعد تقاعده، في مجلس ابن خالتي العامر الحاج حبيب الصفار أبي عمار - حفظه الله.

فقد كان يتردد على المجلس بشكل يومي تقريبًا، وكنت ألتقي به هناك نتجاذب معه أطراف الأحاديث المتنوعة الدينية والاجتماعية وغيرها.

فكم أرشدني إلى معلومة تتعلق بتاريخ المنطقة أو أحد علمائها في أحد كتب التراجم كأنوار البدرين في تراجم علماء القطيف والبحرين، للشيخ علي البلادي - عليه الرحمة، وغيرها، كما أن عنده إلمام كبير بتاريخ القديح المكتوب والشفهي الذي سمعه من كبار السن ببلدة القديح.

فقد كان حريصًا وسخيًا في آن واحد في تقديم المعلومة النادرة التي يشح بها البعض، التي ترتبط بتاريخ المنطقة، فيقوم بتصوير بعض الوثائق النادرة، ويحرص على الاتصال بك، لتزويك بها.

وأتذكر أنه في تاريخ 7/8/1442 هـ 

أرسل لي رسالةً تحمل صور الوصولات الشرعية التي كان قد أُعطيت لأبيه المرحوم الحاج علي بن الحاج حسن بن الحاج سلمان الشويكي - عليه الرحمة - التي كان تصله من العراق بعد أداء الحقوق الشرعية من المراجع العظام هناك، كوثيقة تاريخية، توثق لتلك المرحلة.

قرأتُ الوصولات الشرعية لوالده  رحمه الله  فوجدتُ فيها مادة قيمة لتوثيق حقبةً من الزمن في تواصل المقلدين في القطيف بالمرجعية الدينية في النجف الأشرف، بدءًا بمرجعية الإمام السيد محسن الحكيم المتوفى سنة «1390 هـ » إلى مرجعية الإمام السيد أبو القاسم الخوئي المتوفى سنة «1413 هـ »

فأرسلت له فورًا، هل تسمح لي بالاستعانة بهذه الوثائق المرسلة فيما لو احتجت لها في الكتابة، فقال لي:

“بكل سرور؛ وإلا لما أرسلتها لك“.

وفي سياق تواصلنا الدائم أرسل لي مرةً من المرات قصيدتين رثائيتين في حق أخيه - المرحوم الشاب صالح بن الحاج علي الشويكي الذي توفي في الكويت مع والده وأخيه الشاب مسلم بحادث مروع أثناء رجوعهم من رحلة استشفاء من العراق وكان ذلك بتاريخ 1399/1/13 هـ 

للشاعر المرحوم السيد حسن أبو الرحي أبي أمجد - رحمه الله - الذي وافاه الأجل في 8 رجب 1442 هـ، رثى بها الأديب أبوالرحي صديق دربه، الشاب صالح وعائلته.

القصيدة الأولى بعنوان «النفس الزكية» الذي يقول فيها:

قمْ نهنيك صالحٌ بالشفاء *** يا صديق الصِّبا ورمز الإخفاء

إنْ يكن أُودع الثرى منك جسمٌ *** أنتَ حيٌّ في زمرة الشهداء

كتبَ المرحوم الحاج مهدي بعد إرسالها:

”… قصيدة رثاء سطرها الشاعر الكبير السيد حسن أبو الرحي في رفيق صباه، صديقه العزيز الحميم «المرحوم صالح الشويكي» رحمهما الله تعالى برحمته الواسعة، حيثُ ألقيت في مجلس الفاتحة، وكان الملقي الأديب علي بن الشيخ حسين القديحي - رحمه الله“.

وأضاف قائلا:

”هذه القصيدة ما قرأتُها يومًا، وإلا انحدرت دموعي رغم مضي 42 عامًا على المصاب المفجع”.

والقصيدة الأخرى رثائية أيضا للشاعر المرحوم السيد حسن أبو الرحي حق الحاج علي الشويكي وولديه بعنوان: «مصرع الشهداء» الذي يقولُ في مطلعها:

مَنْ نعزي في مصرع الشهداءِ *** بعد فقدِ الآباء والأبناءِ

خُلِقوا دُورهم مفاوزَ قفرًا *** وابتغوا دونهنَّ دارَ البقاءِ

وكتبَ معلقًا:

”أُلقيتْ يوم الخميس 22 محرم 1399 هـ في فاتحة الأهل الراحلين - رحمهم الله جميعا - حيث كان لوقع الحادث الأليم أثرٌ كبيرٌ على أبناء البلدة الكريمة، وأتذكرُ أنَّ الناسَ لم تذهب لأعمالها في ذلك اليوم، والبعض غاب لأكثر من يوم“.

كان أبو صالح مثقفًا واعيًا متابعًا للحركة الثقافية والأدبية في المنطقة بشكل مميز، وتعرف ذلك من خلال أحاديثه المتنوعة التي حضرتها

وقد كتب أخي الأكبر العزيز الحاج محمد علي المطرود أبو صادق - حفظه الله - سطورًا في حق المرحوم قائلا:

”كان من الرجال المعروفين في بلادنا القديح، المشاركين في كثير من الأعمال والمشاريع في هذا البلد، وكان من الذين يعملون في صمتٍ، بعيدين عن الأنا، وقد عرفه الكثيرُ من محبيه، وهو الذي يبدأ بتفقد الناس من حوله، وبخاصة المحتاجين، ويسارع في مساعدتهم، ويتواصل مع أعضاء جمعية مضر الخيرية لتزويدهم باحتياج تلك الأسر.

أضف إلى ذلك نه كانت له مشاركات في الاحتفالات الدينية التي كانت تقام في البلدة شعرًا ونثًرا.

ومكانته وسيرته الحسنة معروفة لدى الجميع

وله اليد في ترتيب مجالس الحسين الشهيد المظلوم الغريب.

وقد عرفه الناس في الأزمات والكوارث التي مرت بها البلاد، ودوره المتميز فيها“.

لقد أسرعتَ الرحيل أبا صالح

سيفتقدك الجميع

رحمك الله رحمة الأبرار، وحشرك مع محمد وآله الطاهرين

وعظم الله أجر عائلتك الكريمة في هذا المصاب الجلل.