آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 10:22 م

وداعا أبو سلام

زكي أبو السعود *

كان المرحوم ابن العم باقر علي الشماسي «أبو سلام» من جيل الأوائل الذين قادهم وعيهم المبكر في مرحلة اتسمت بالانغلاق الثقافي وقلة التعليم وصعوبة العيش للبحث عن السبل لتغيير حياة الناس والارتقاء بها لمستو حضاري متقدم، فتولى مع زملائه وأصدقاءه من ذلك الجيل الطليعي البحث عما يعيق ذلك، وتشخيص العوامل المتسببة في ذلك التخلف الاجتماعي والاقتصادي والثقافي ومواجهة هذه الأسباب. فكان أن وضعوا على عاتقهم الارتقاء بوعي أبناء المجتمع وحثهم على الاشتراك في مواجهة هذه العوامل، التي لم يكن طريق معالجتها سهلاً. فكانت محاولاتهم سيرا عكس التيار، واصطداما بنفس الأسباب، مما جعل من مساعيهم كمن يحفر في الصخر بأصابع جرداء. وهذا ليس بالغريب فدائم كانت مساعي الإصلاح والتغيير لا تمر بسهولة كما يمر الخيط من فتحة الإبرة، فهو عمل شاق ومضني وثمنه دائما مكلف، وقلة من الناس ممن تتحمل دفع هذا الثمن. والناس مختلفون في وعيهم وطاقاتهم وقدراتهم، فمنهم من يحتفظ بما اكتسبه من وعي وثقافة ويستمر في نشاطه، وآخرين يختارون الانطواء أمام المحن والصعاب ويتركون المهمة لغيرهم ممن يملك القدرات على القيام بها.

مرت على المرحوم فترات صعبة وظروف حياتية متعبة بعد عودته للحياة المهنية في منتصف السبعينات من القرن الماضي فأبعدته لفترة عن حياة الثقافة وابقته بعيدا ًعن محيطها، إلا انه سرعان ما عاد لنشاطه في عالم الثقافة متواصلا مع النشاطات والفعاليات الثقافية أما من خلال الكتابة في الصحف المحلية والمواقع الإلكترونية أو من خلال الحضور الشخصي في الندوات والفعاليات الثقافية التي تحييها منتديات القطيف المتعددة، بالرغم من الصعوبات التي يواجهها لقلة المواصلات أو توفرها في الوقت المناسب.

لم تكن السنين الأخيرة من حياة المرحوم سهلة فقد عانى من عدة أمراض أقعدته في منزله وأبعدته عن الفعاليات التي اعتاد على المشاركة فيها. ولا يخامرني الشك في أن هذه الفعاليات متى ما عادت لنشاطها بعد انحسار الكورونا ستفتقد حضور باقر الشماسي الذي رحل عنا دون وداع من كافة محبيه. فالعزاء لزوجته وأولاده وبناته ولعائلته وكافة أصدقاءه ومحبيه، ولروحه السلام والرحمة من رب العالمين.

بكالوريوس في القانون الدولي، ودبلوم علوم مصرفية. مصرفي سابق، تولى عدة مناصب تنفيذية، آخرها المدير العام الإقليمي…