أشجار المانجروف «القرم» وسبل المحافظة عليها
« Mangrove Trees Conservation »
أشجار المانجروف أو ما يعرف بأشجار القرم، وهي أشجار تعيش بمحاذات الساحل الشرقي من المملكة ابتداء من راس تنورة شمالا مرورا بصفوى جنوبا الى القطيف ثم سيهات وصولا للدمام جنوبا وكانت هذه الأشجار تشكل غابات كثيفة تغطي مساحات واسعة لمئات الكيلو مترات ولكن للأسف دمر اكثر من 90% من هذه الغابات بفعل الانسان اما لعوامل التوسع العمراني او لعوامل انشائية اقتصادية او العبث المتعمد الناتج عن الجهل البيئي فبينما تقوم الدول المتقدمة بحماية هذه النبتة وزيادة مساحتها نقوم نحن بتدميرها بالرغم من المبادرات المشكورة لتوطينها وتوسيع مساحتها في العديد من مناطق المملكة.
ونبات القرم”من النباتات الشاطئية التي تنمو عند الحد الفاصل بين البحر واليابسة في المناطق الحارة والمدارية وتتميز بقدرتها على مقاومة الظروف البيئية الصعبة التي تعجز عن مواجهتها معظم النباتات الأخرى، وهو نبات يشارك في تشكيل نظام بيئي وحيوي متكامل حيث تتواجد الطيور على أغصانه، والحيوانات البرمائية عند شاطئه والأسماك الصغيرة عند جذوره، ووجوده يثبت تربة الشواطئ ويحميها من التآكل، كما تفضل الأسماك الالتجاء إليه عند وضع بيوضها.
القُرم أو الشورى «باللاتينية: Avicennia» هو جنس من نباتات الأيكة الشاطئية التي تعيش على الماء المالح وهو من الفصيلة الأقنتية. يوجد منه عدة أنواع ويكثر على شواطئ جنوب شرق آسيا كما يوجد في منطقة الخليج العربي. يُعتقد أن السلالة افيسينيا مارينا A. marina var. marina، = «A. marina var. typica» هي السلالة المنتشرة في البحر الأحمر والخليج العربي.
وقد عرف نبات القرم منذ قديم الزمان، فقد كتب العالم الإغريقي ثيوفراستس، والذي عاش في القرن الرابع قبل الميلاد عن بعض الفوائد الطبية لهذا النبات. كذلك أشارت بعض كتب التراث إلى هذا النبات حيث ذكره ابن منظور في لسان العرب بقوله: "والقرم ضرب من الشجر لا أدرى أعربي هو أم دخيل. وقال أبو حنيفة الدينوري: القرم، بالضم، شجر ينبت في جوف ماء البحر، وهو يشبه شجر الدلب في غلظ سوقه وبياض قشره، وورقه مثل ورق اللوز والأراك، وثمره مثل ثمر الصومر، وماء البحر عدو كل شيء من الشجر إلا القرم والكندلى فإنهما ينبتان به. كما أضاف ابن سيده عن هذا النبات في كتابه المخصص: لا شوك له، وهو مرعى للبقر والإبل تخوض الماء إليه حتى تأكل ورقه وأطرافه الرطبة ويحتطب فيستوقد به لطيب ريحه ومنفعته.
يعتقد أن نباتات المانجروف نشأت في حقبة الكريستشيس من الزمن الجيولوجي الميزوزوك الذي يقدر عمره بحوالى 65 مليون سنة. وقد نشأت هذه النباتات في مستنقعات وشواطئ البحار في المناطق الاستوائية نبات القرم «الشورى» شجرة قائمة أو شجيرة صغيرة، وغالباً ذات زغب كث دقيقي، ارتفاعها 1-3 متر. الأوراق متقابلة رمحيه إلى بيضاوية، غالباً حادة القمة، كاملة الحافة طولها 3-7 سم وعرضها 1-3 سم، تستدق عند القاعدة مكونة عنق قصير، جلديه ذات لون أخضر لامع من أعلى، وغالباً ذات لون رمادي باهت من أسفل، عليها العديد من البلورات الملحية. وتوجد الأزهار في نورات هامة محدودة، ذات عنق قصير ولها نقابات، فصوص الكأس 2-4 مم طولاً، ذات قمة مستديرة، وحافة مشرشره تشرشر دقيق، التويج أصفر اللون يزيد طوله عن الكأس، له 4 فصوص غير متساوية الطول تزيد عن طول الأنبوبة. «شكل1-2»
وترى هذه الشجيرات محاطة عادة بنموات قائمة رأسية عديمة الأوراق تشبه السيقان «Pneumathodia or Pneumatophores» تخرج من الجذور الأرضية بغرض تزويدها بالأكسجين «شكل 2»
وخاصية الإنبات الأمي «Vivipary» في هذا النبات هي تأقلم آخر مع هذه البيئة شديدة الملوحة شحيحة الأكسجين حيث تنبت البذور قبل وقوعها من النبات الأم معطية الجذير أو الجذر الجنيني. وقد فسر ذلك على أنه ميكانيكية لتجنب الملوحة وللتزويد بالأكسجين في هذه الفترة الحرجة من إنبات البذور.
تتكون كلمة «Mangrove» من كلمتين: الأولى برتغالية «Mangue» وتعنى شجرة، والثانية إنجليزية «Grove» وتعنى مكان الأشجار، وقد ترجمت إلى اللغة العربية خطأ مقابر الإنسان والأفضل أن تسمى أيكة ساحلية. ومصطلح «Mangrove» هو مصطلح بيئي يستخدم ليشمل كلاً من الشجيرات والأشجار من ذوات الفلقتين والفلقة الواحدة، والتي توجد فى المناطق الاستوائية وتحت الاستوائية الضحلة الواقعة تحت تأثير المد البحري. وقد اقترح بعض العلماء اقتصار كلمة «Mangrove» لتشير إلي النباتات المكونة لغابات هذه النباتات، وكلمة «Mangal» لتشير إلى المجتمع النباتي الذي يسوده إحدى هذه النباتات. وعلى المستوى العالمي يوجد حوالي 80 نوعاً من هذه النباتات «78 من ذوات الفلقتين + 2 من ذوات الفلقة الواحدة» تنتمي إلى 18 فصيلة و23 جنس موزعة حول المناطق الاستوائية وتحت الاستوائية في العالم، يوجد العدد الأكبر منها «65 نوعاً» في منطقة جنوب شرق آسيا، بينما يوجد حوالي 11 نوعاً في العالم الجديد ومنطقة الكاريبي.
وفى الوطن العربي يوجد ثلاثة أنواع من نباتات الأيكات الساحلية هي: Avicennia marina وRhizophora mucronata وBruguiera gymnorhiza. ويعتبر نبات القرم Avicennia marina «Forssk» Vierh «كما يسمى في الجزيرة العربية» أو الشورى «كما يسمى فى مصر والسودان» هو نبات الأيكات الساحلية الأكثر شيوعاً حيث ينتشر حول ساحل البحر الأحمر الغربي «مصر والسودان» والساحل الشرقي «المملكة العربية السعودية واليمن»، وكذلك على خليج العقبة والخليج العربي. ويبدو أن جيومورفولوجية ومناخ هذه السواحل تشجع نمو جماعات هذا النبات حيث توفر الخلجان الصغيرة التي تنتهي إلى السواحل والمحمية جزئياً بالشعاب المرجانية أو الجزر وسطاً ملائماً لنموه بسبب كسرها لقوة الأمواج والتي عادة ما تدمر وسط النمو وتحمل البادرات بعيداً عن مهدها. ويشير اسم الجنس إلى العالم العربي ابن سينا «Avicenna» صاحب القانون فى الطب، أما اسم النوع فهو يشير إلى المناطق البحرية «Marine». ويعتبر هذا النوع هو أكثر نباتات الأيكات الساحلية انتشاراً فى العالم، حيث يمتد من شرق أفريقيا والبحر الأحمر «هو الموقع النموذجي له» إلى الشواطئ الاستوائية وتحت الاستوائية للمحيط الهندي حتى جنوب الصين، ومعظم استراليا حتى بولينيزيا وفيجى وجزيرة نيوزيلاندا. ويعتقد بوجود سبعة سلالات لهذا النبات، ولكن الفصل الشكلي بينهم غير واضح، حيث أن الفصل فى معظم الأحوال مبنى على أساس جغرافي.
ويمكن زراعة أشجار المانقروف او القرم بطريقتين اما بالبذور او بالأشتال:
• الأولى تزرع البذور في التربة الساحلية المتوسطة بين المد والجزر مباشرة، بعد وضع البذور في ماء بحر جاري لمدة يوم أو يوم ونصف بعد نزع القشور عنها.
• أما الأشتال فيتم تنبيتها من البذور في أصيص بلاستيكي مثقب من الأسفل ومملوء بتربة الشاطئ، وتوضع في مياه بحر مستمرة الجريان لمدة شهر على الأقل، ثم تنقل إلى مواقع الزراعة الدائمة، مشيرا إلى أن موسم جمع بذور القرم وزراعتها هي خلال الفترة من منتصف أغسطس حتى نهاية شهر أكتوبر.
وتتلخص أهمية وفوائد نباتات القرم الساحلية للإنسان والبيئة كالتالي:
لا يمكن إحصاء الفوائد المباشرة وغير المباشرة للأيكات الساحلية لنباتات القرم بالنسبة للإنسان والبيئة ولكافة أشكال الحياة فيها وفيما يلي نوجز أهم تلك الفوائد:
- تعمل أيكات نباتات القرم الساحلية في إنتاج الأوكسجين وإمتصاص غازات الكربون والغازات السامة وهذا ما يساعد بشكل كبير في تقليص الاحتباس الحراري.
- تعتبر أيكات نباتات القرم من أهم النظم البيئية في تخليص الجو من الغبار والمعلقات الضارة في الهواء.
- تقوم أيكات نباتات القرم في المحافظة على درجة الحرارة المناسبة للحياة الشاطئية وخاصة في تقليص الفوارق الحرارية بين النهار والليل.
- تعتبر نباتات القرم ذات دور رئيسي في المحافظة على رطوبة ودورة المياه في التربة وعلى جلب الأمطار.
- تلعب نباتات القرم دورا هاما في منع ظاهرتي الإنجراف والتعرية للتربة الشاطئية.
- تعمل أيكات نباتات القرم الساحلية في تنظيم حركة الرياح والسحب والأمطار وتوزيعها على سطح الأرض.
- تقوم نباتات القرم على تكوين التربة «الطميية» عن طريق تجميع الرواسب الطينية والعضوية حول الجذور الدعامية والجذور الهوائية التنفسية في المواقع الشاطئية.
- تقوم بتنقية ماء الجريان السطحي الأرضي، وكذلك إزالة المعلقات والرواسب العضوية الأرضية.
- تنتج نباتات القرم كميات كبيرة من المخلفات العضوية والتي سوف تشارك بدورها في تغذية وإنتاجية العديد من الكائنات الحية الشاطئية.
- تعتبر أوساط الأيكات الساحلية لنباتات القرم الوسط المثالي للعديد من الأسماك الصغيرة واللافقاريات والعديد من النباتات والحيوانات «العالقة».
- تعتبر أوساط الأيكات الساحلية لنباتات القرم الوسط المثالي للعديد من الطيور البرية الصغيرة والكبيرة.
- تعتبر نباتات القرم كعلف أخضر ترعى بواسطة قطعان الجمال والماعز التي يربيها السكان المحليين حيث تتغذى على أوراقه حينما تكون النباتات الأخرى غير متاحة خاصة خلال موسم الصيف، ولكن لا يعتبر نبات القرم من النباتات العلفية نظرا لإرتفاع ملوحته.
- يستخدم الأفرع الخشبية لنباتات القرم كوقود عالي القيمة وهذا يفسر التدمير الكبير الذي يحدث لجماعات هذا النبات قرب المستقرات البشرية.
- يتشكل ما يقرب من ثلث غذاء «الروبيان» النباتية المنشأ في مناطق الأيكات الساحلية للقرم وتمثل الأجزاء المستخدمة من النباتات المكونة لهذه الأيكات حوالي 60% منها.
- تعتبر الأيكات الساحلية لنباتات القرم الوسط المثالي التي تتغذى فيه الأسماك التي تعيش عادة في الماء الضحل والتي تأتي مع موجات المد إلى هذه المناطق وتتغذى على الكائنات البحرية اللافقارية التي تعيش في في هذه الأيكات.
- ينتج عن أيكات القرم الساحلية كميات كبيرة من المواد العضوية والمواد الدبالية والتي تتحرك إلى مناطق الماء المفتوح مما يساهم في تغذية العديد من الكائنات البحرية بها.
- تستخدم أخشاب نباتات القرم في بعض البلدان في إقامة أسقف المنازل نتيجة لصلابة أخشابها واستقامتها وفى بناء القوارب وإقامة الأسيجة والمنحوتات الخشبية وكوقود خشبي ذي رائحة طيبة.
- بالرغم من الصفات التشريحية لأخشاب الأيكات الساحلية من حيث قصر الألياف وسمك الجدر الخلوية، والتي تجعلها غير مناسبة للإستخدام بنسب كبيرة في صناعة عجين الورق، فإن صناعة لب الورق أصبحت من أكثر الصناعات استهلاكاً لأخشاب هذه النباتات في دولة اليابان.
- تستعمل نباتات القرم في الفلبين لإنتاج ألياف «الفيسكوز» المستخدمة في صناعة النسيج.
- يستغل كسر الخشب والأفرع الصغيرة والنشارة لنباتات القرم والناتجة عن استخلاص الدعائم والألواح في صناعة الخشب المضغوط المستخدم في التشييد والتأسيس.
- يستفاد من الأجزاء غير الخشبية مثل «القلف والأوراق» في إنتاج المستخلصات الكيميائية مثل «التانينات» والمواد الفعالة لصناعة الأصماغ والأصباغ.
- تعتبر نباتات القرم مصدراً لمكونات الهرمونات مثل «التربينات والأستيرويدات» إلى جانب وجود مركب «الكومارين» الذي يعد مصدراً يستخدم في تركيبات العقاقير والأدوية الطبية.
- إن مستخلص بادرات نباتات القرم كان يستخدم قديماً كمقوى عام للرجال، وهذا ما أكده العالم ابن عباس النباتي عام 1230م والذي أضاف أيضاً أنه يستخلص منه مواد طبية لعلاج العديد من الأمراض ومنها أمراض اللثة وأمراض الكبد.
- أثبتت التحاليل الكيميائية الحديثة والتي أجريت على أجزاء من نبات القرم النامية عن إحتوائها على مواد تعتبر مصدراً لإنتاج الهرمونات المقوية.
من أهم العوامل والاسباب التي تؤدي إلى تدهور الحياة الشاطئية للقرم نذكر ما يلي:
1- التدمير المباشر للمناطق الساحلية والتي تتخذها العديد من الكائنات الحية بيئة للتكاثر أو مصدر للطعام وذلك في تجفيف تلك المناطق بغرض تنفيذ مشروعات البناء على طول السواحل.
2- شق الطرق و«الردم والدفان» في المناطق الساحلية أدى إلى تدمير العديد من هذه المناطق خاصة القيعان البحرية المكسوة بالعشب والتركيبات الصخرية التي أحدثتها الأمواج والتي تزخر بالحياة الفطرية..
3- أكثر الآثار المدمرة هو التلوث بالنفط والناتج عن نقل الأمواج الحاملة للنفط المهدر بسبب حوادث الناقلات ومنصات استخراج النفط وغيرها باتجاه السواحل مما يؤدى إلى قتل كل الكائنات النباتية والأعشاب الحيوانية التي تقع في طريقها. كما أن النفط يلتصق بجذور وبراعم نباتات الأيكات الساحلية فيقتلها.
4- التلوث بالنفايات والمهملات البشرية المختلفة.
5 - الإصابة بالأمراض والحشرات التي تتطفل على نباتات القرم.
6 - عدم إعادة استزراع هذه الأيكات من جديد في المناطق المتضررة أو المنقرضة.
7 - الرعي الجائر من قبل الحيوانات.
8 - الإحتطاب الجائر لتلك النباتات من قبل الإنسان.
بما ان أشجار القرم من أهم السمات البيئية التي تتميز بها البيئة البحرية في الكثير من مناطق المملكة لكونها من الموارد الطبيعية الهامة في حفظ التوازن البيئي ومناطق حضانة للعديد من الأسماك ذات القيمة التجارية والكائنات البحرية الأخرى إضافة على كونها مناطق ذات مناظر طبيعية وخلابة، وهناك فائدة عظمي لغابات أشجار القرم حيث أنها عامل أساسي لتخفيف من الانبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي حيث تمتص غابات أشجار القرم غاز CO2 وتخزنها في التربة أكثر من أي غابة مطرية وكان لزاما القيام بالاتي:
• سن القوانين البيئية الملزمة للمحافظة على ما تبقى من هذه الغابات إيقاع أشد العقوبات على كل من يعبث بها من غرامات وحتى السجن.
• إيقاف جميع مشاريع التطوير العمراني الذي يطال مناطق وجود هذه الغابات.
• توسيع مساحة رقعة هذه الغابات وتعويض ما دمر من هذه الغابات وضع برنامج إكثار نسيجي بواسطة مخابر زراعة الخلايا والأنسجة النباتية لتعويض ماتم فقده من هذه النباتات وإعادة استزراعها في موطنها الأصلي.
• توطين واستزراع مناطق جديدة على السواحل مما يستقطب أنواع جديدة من الاحياء البحرية والطيور.
• تحويل ما تبقى من هذه الغابات الى محميات واستحداث منتزهات بحري لاستقطاب السياح وجعلها مناطق جدب سياحي واستقطاب السياح من كل مناطق المملكة وخارجها مما يدر على المحافظة دخلا سياحيا وينشط الاقتصاد المحلي ويبث الوعي البيئي.
• تنظيف السواحل من الملوثات والنفايات وإيقاف الردم الجائر لهذه المناطق وخلق بيئة نظيف تساعد على التوازن البيئي.
ارجو أنى وفقت لألقاء بعض الضوء على اهمية هذه النباتات التي دمر أكثر من 90% منها في مناطقنا وارجوان القى اذانا صاغية من المسؤولين وذوي الاختصاص البيئي لبدا برامج المحافظة عليها والبدء ببرامج بيئية للإكثار منها واستزراعها وتوطينها في مناطق جديدة وكذلك الاستفادة من بعض المنظمات الدولية ذات الاختصاص والاستفادة من خبراتها في هذا المضمار وذمتم سالمين.