بخير ونعمة
التقيت به ذات مساء.. كان كعادته بشوشا ودودا، يمطرك بسيل من الكلمات الجميلة الحانية، تلامس شغاف قلبك مباشرة، تصدر من القلب إلى القلب دون حواجز، لقد اعتاد على هذا النهج، ولعله نهج عائلي موجود بالعائلة بلا تكلف أو تصنع، نهج يجبرك على احترام وتقدير صاحبه، أسلوب يبعث الراحة في النفوس، في نفس المتحدث وكذلك المستمع، فالكلمات الطيبة كالعطر الفواح، تنتشر في الأجواء، ويسعد بها كل من يسمعها، تماما كمن يشم رائحة العطر، لماذا لا نسلك هذا المسلك؟ لماذا لا نتبع هذا الأسلوب؟ أنه أسلوب يبعث الطمأنينة في النفوس، والسعادة في القلوب والراحة في الحياة.
من حدثتكم عنه في البداية، هو كغيره من أبناء البشر، تمر عليه المصاعب والمشاكل والضغوطات، هو رجل أعمال لديه كل يوم قضية ومشكلة، وبالمناسبة هو ليس وحده من يسلك هذا المسلك، فقد التقيت أيضا بشخصية أخرى، كاد دائم التفاؤل، يتحدث عن الإيجابيات، يقول إن أبوابا تُقفل وغيرها تُفتح، يحمد الله كثيرا على نعمه، وعلى سير أعماله، وهو كصاحبنا الأول لا يلعن الظلام، فيرفع من ضغطه ويفاقم من أمراضه بغضبه وحنقه، ولا يزكم أسماع من يجالسونه بالهم والغم ومشاكل الحياة التي لا تنتهي..
بل إن ديدنه كلمات الرضا والحب، كلمات الشكر والحمد لله على نعمه في كل لحظة، مستشهدا بقوله سبحانه ﴿ولأن شكرتم لأزيدنكم﴾، ولا يميزه فقط حسن الاستقبال وكرم الضيافة، بل عذوبة اللفظ وجمال الكلمات قبل ذلك وبعده.
أيها الأعزاء، عندما يلقي المرء الكلمات الطيبة والجميلة والزاخرة بالرضا والشكر على النعم، فإنه يزداد راحة في البال وسكينة، كما أنه يبعث بأشعة الراحة تلك إلى كل من حوله، بل وإلى كل من يسمعه، هذا هو النهج السوي، والطريق السليم لراحة الدنيا وسعادتها، ورضى الرب سبحانه وثوابه، لطالما كنا نشيد بأصحاب هذا السلوك ونمجدهم فهم يسعدون أنفسهم، ويسعدون من يجالسهم، حين يلاقيك وسؤالك عن حاله فيرد قائلا بخير ونعمه..
ما من كائن على وجه الأرض إلا ويعاني مصاعب الحياة على مختلف أشكالها، ولكنه يجب ألا لا ينكر نعم الله عليه، ما من رجل أعمال إلا وانخفضت مداخيله في الفترات الماضية، ولكن هناك من يتأفف كل يوم ويشتكي كل ساعة ويصرخ - ليل نهار - دون أن يغير من الواقع شيئا، وهناك من لم يستطع أن يتعايش مع الظروف وابتُلي بأمراض السكر والضغط وهو في منتصف العمر، بل وتوقف عن ممارسة نشاطه، لأنه ربما لم يستطع مجاراة مصاعب الحياة بالشكر والثناء، ألا نقول.. بالشكر تدوم النعم.
ختاما أقول إن استخدام الكلمات الجميلة والترحيبية مع كل من تلتقيهم، فيه خير الدنيا والآخرة، أعلم أن ذلك ليس سهلا، وأعلم أن ذلك يحتاج إلى قناعة بأهمية ذلك وفائدته، وقناعة بضرر ما سواه، ومن ثم قرارا بضرورة تغيير نهجنا والبدء بالتنفيذ، لنجني فائدة كل ذلك والتوفيق بيد الله.