آخر تحديث: 22 / 11 / 2024م - 1:35 ص

اتقوا الله في الحجيج!

جهاد هاشم الهاشم

قال تعالى: ﴿وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ [سورة الحج الآية 27].

الحج شعيرة عبادة إسلامية، واجبة على كل مسلم تتوافر فيه الشروط التي حددها الشارع المقدس كالبلوغ، والاستطاعة. حيث يتكوّن من مجموعة من المناسك، ويتم من خلال السفر إلى مكة المكرمة في أيام معلومات يؤدي المسلمون هناك مجموعة من الأعمال العبادية من مناسك وطاعات وله أبعاد اجتماعية وثقافية وغيرها من فوائد جمه تعود بالمنفعة على الأمة الإسلامية جمعاء، كما يعتبر من أهم الشعائر الدينية التي أوجبها الله - سبحانه وتعالى - على عباده لما له من أهمية كبيرة ومنافع عظيمة ينتفع بها الجميع بوافر الجزيل ومِنن العطايا التي يمن بها الخالق العلي القدير على من لبّى نداء ربه وامتثل لأمره جلا في علاه.

ومع زيادة إقبال الحجاج عاما بعد عام، تزداد جودة ما يُقدم من خدمات وتتجاوز جميع التصورات والآفاق وبالتالي تتوالى النجاحات والإبداعات من قبل وزارة الحج الموقرة وخصوصا الموسم المنصرم 1441 فقد كان بحق موسما استثنائيًا. إلا أنه لن يكون أول تحدٍ تتغلب عليه مملكتنا المصونة بخبراتها المتراكمة ورجالها الأوفياء وتفانيها وإخلاصها في تيسير رحلة الحجيج. وبعون من الله أولا وآخرا سيكون حج هذا العام 1442 محطة مميزة وصورة مشرقة في مسيرة نجاحات بلدنا الغالية في موسم خصه الله - تبارك وتعالى - لبلاد الحرمين الشريفين من بين سائر البلاد.

والجدير بالذكر وفي خضم هذه السطور القليلة وبما يتعلق بالحج نلاحظ جليا ظاهرة «غلاء الأسعار» من قبل بعض حملات الحج التي ذهبت وجنحت نحو مبالغة لا تمت للمنطق بصلة! بل تُرهق كاهل الحاج حتى بات الكثير من الحجاج لا يستطيعون توفير حتى جزءًا يسيرًا من مجموع تكاليف حجته وما يتعلق بها من ضروريات ملحة كتوفير قوت عياله قبل أن يشد رحاله لبيت الله العتيق متناسين أن هذه الأسعار باهظة وكاسرة، وبعيدة كل البعد عن ما تقتضيه الحاجة تجاه التعاون والألفة والشعور بالآخر. كذلك لا أحد يختلف أن الكسب المادي أمر مجاز شرعا وعرفا ولا لبس فيه ولكن تحت مفهوم «لا ضرر ولا ضرار» بل يجب التخلي عن النظرة المادية التي يشوبها الشجع والطمع - مع شديد الأسف - علما أن الحج هو تجارة مع الله وليس إنهاكًا للمؤمنين بما لا قوة لهم عليه وشاهدنا في السنوات العشر الماضية ارتفاعا حادا وغير مسبوقٍ على الإطلاق بل وبشكل مبالغ فيه في زيادة أسعار الحملات بالرغم من أن الدولة - رعاها الله - متمثلة في وزارة الحج وبإيعاز من ولاة الأمر - حفظهم الله جميعا - أوجدت الكثير من البدائل التي تصب في مصلحة المواطن والمقيم من أساليب مختلفة ومتنوعة لبرنامج الحج، وذلك للتغلب على الارتفاع الغير منطقي والغير مبرر كليًا وأن هذا العمل لا يمت للُّحمة المجتمعية بصلة، والتي تربينا عليها نحن السعوديين وتحت مظلة قيم سامية راسخة توارثناها جيلا بعد جيل. ناهيك أن هذا السلوك بعيدٌ كل البعد عن بناء مجتمع متعاون مترابط متراصٍ يشعر كل فرد منا بمن حوله، وبهمومه وما يعانيه، وهذا يعود بنهاية المطاف بالنفع والعطاء والازدهار للوطن كافة.

وهذا بطبيعة الحال لا يندرج ولا يتفق مع تطلعات ورؤى وزارة الحج التي تعمل ليل نهار وبشكل دؤوب بل بمجهود منقطع النظير دون كلل يذكر لتذليل كل الصعاب والمعوقات التي قد تعترض حجاج بيت الله الحرام، سواء من الداخل أو الخارج، وهذا لا شك فيه وتحت توجيهات القيادة الرشيدة ومتابعة مستمرة من المقام السامي لشؤون ضيوف الرحمن واهتمام عالي المستوى ومباشر من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان آل سعود حفظهما الله وسد خطاهما وجعلهما ذخرا لكل ما فيه خير هذه البلاد المباركة.

إذا يتحتم على أصحاب الحملات أن يكون عملهم في هذا المضمار متماشيًا مع أمرين ملحين: أولًا مخافة الله وتقواه لقاصدي بيت الله المعظم وأن ينظروا بعين الرحمة والشفقة لهؤلاء السائرين المتوجهين نحو تلك الرحلة الإيمانية وبما فيها من روحانيات طلبا لمرضاة الله. وثانيا أن تتوافق تلك الجهود مع ما ترسمه وتخطط له الجهات المعنية مشكورة لخدمة الوطن والمواطن وذلك للوصول لنتائج تكون مخرجاتها خيرا وازدهارا للجميع، وتتحقق كل الأهداف المنشود. هذا ونسأل الله جلت قدرته أن يحفظ بلادنا عزيزة مقتدرة شامخة متألقة في سماء الإبداع بإذن الله.