آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 2:20 ص

الحجاب عفاف وقوة

نجاة آل إبراهيم *

سألت سارة صديقتها في المهجر لينا بلطف وبدون أن تحاول أن تؤذي مشاعرها: هل ماتلبسينه من حجاب مزركش وألوان فاقعة وبنطال ضيق وقميص قصير شفاف يعتبر حجاباً؟

أجابتها لينا بكل أريحية: أرضي ربي بحجابي، ولكنني من حقي أن أرتدي من الموضة ما أُحب.

تعيش بناتنا المحجبات بيننا، وفي المهجر صراع بين الموضة المفروضة عليهن، والضمير الديني الذي تحملنه بين طيات الفؤاد، وبين نظرات الناس الناقدة، ودائما تراهن يُدافعن عن أنفسهن: «الله وحده العالم بمافي القلوب، المهم أنني محجبة وأرضي ربي»

- يؤكد دكتور علم الاجتماع هاشم بدر الدين أن «المحجبة تعيش صراع داخلي قاس، اذ لا يمكن لها أن تتنحى عن الواقع الديني القائم، ولا أن تظهر نفسها مكبوتة دينياً، وهذا ما حذا بها إلى مجاراة العصر، وتغيير نمط حجابها شكلاً ولوناً، إلى أن وصلنا إلى الأشكال الحالية أقواس قزح الحجاب، وهذا الصراع قد يدفع بها نحو الانحراف».

نحن لانقول أن الإسلام يرفض فكرة التطوير والموضة، لا ولكننا نؤكد على انه لدينا مبدأ ثابت في الحجاب وهو «تحقيق الستر» بكل مواصفاته التي سنذكرها، أما الوسيلة والطرق فهي من الأمور التي تتغير من زمان لآخر، فليس بالضرورة أن تلبس الفتاة المسلمة ماكانت ترتديه المسلمة في التاريخ الإسلامي في عهد الرسول والأئمة ، وكذلك ليس شرطا أن تلبس الفتاة ما ترتديه جدتها أو والدتها، ولكن المطلوب تحقيق المبدأ وهو الستر الذي من أجله فُرض الحجاب.

إبنتي الغالية

الحجاب حتى يكون شرعياً:

1 - لابد أن يكون ساتراً، لايظهر إلا الوجه والكفين.

2 - أن يكون واسعاً فضفاضاً لا يُبرز أجزاء الجسد، كما هو حاصل في العباءات والألبسة الضيقة، لأن الضيّق يناقض الستر المقصود.

3 - أن يكون سميكاً لايصف ما تحته ولا يشف.

4 - أن لايكون الحجاب في نفسه زينة لأن الغاية منه هو تحصيل الستر والعفاف، فإذا كانت فيه زينة مثيرة فقد تعطلت بذلك الغاية منه.

5 - بالنسبة للألوان لم يعتمد الشرع على لون خاص في لباس المرأة وحجابها، فلها أن ترتدي ماترغب وتُحب من ألوان شريطة أن لاتكون هذه الألوان عنواناً للإثارة والإغراء.

وحتى لايكون هناك تضييق وخصوصاً في الغرب وبلاد غير المسلمين، فإن فقهائنا يركزون على هذه المعايير في الحجاب، ولكنهم دائماً مايدعُون إلى الحفاظ على العباءة في هذا الزمن خوفا من الإنزلاقات:

- يقول آية الله السيد السيستاني حفظه الله:

«المُعتبر في حجاب المرأة ستر ما يجب ستره عن الرجال الأجانب بحيث لا يبرز مفاتن جسدها لهم فإذا كان غير العباءة يفي بهذا الغرض فلا بأس به، ومع ذلك فالعباءة هي الأفضل وليس مناسباً أن تخرج المرأة بدون العباءة»

- أما آية الله السيد صادق الشيرازي فيقول: «كل ما يستر الشعر والجسم يكفي، ولكن العباءة أفضل؛ لأن في ذلك إقتداءاً بالزهراء والعقيلة زينب عليهما السلام»

وهناك رأي مخالف لهذا الرأي:

- يقول آية الله السيد فضل الله:

لم يرد عندنا تأكيد على «الشّادور» أو «العباءة» أو غيرهما، لأنّ ذلك مما استحدثه النّاس، من خلال تقاليدهم الّتي قد تكون ناشئةً من أوضاع بيئيّة معيّنة، أو أوضاعٍ استحسانيّة معيّنة.

- أما الشيخ حيدر حب الله فيعلق على هذا العنوان بقوله:

«لا يوجد شيء ثابت في الشريعة الإسلاميّة اسمه العباءة أو الشادور، وهذا ما صرّح به الكثير من الفقهاء، حتى المفضّلين للعباءة نفسها، فلتراجع كلماتهم واستفتاءاتهم. إنّما النقاش وقع في الفترة المتأخّرة ضمن إطار اللباس الشرعي الأفضل والأكمل للمرأة، وأنّ الإصرار على العباءة هو إصرار على عدم الانزلاق خلف «الموضات» العصرية المُفضية في نهاية المطاف إلى التغريب وإلى تلاشي العفّة والحجاب في المجتمع»

إبنتي الحبيبة:

الإسلام يريد أن يُحافظ على كرامتك ويحترم انسانيتك، ولايريد عزلك عن الحياة ولا يقيد حريتك كما يدعي البعض، بل يريدك أن تحظي مكانة عالية من خلال عقلك وكفائتك وقيمك الأخلاقية التي تحملينها، لنبني مجتمعا عفيفاً وطاهراً، وذلك لا يتأتى إلا بلبس الحجاب الشرعي، وتيقني ان الله شرع الحجاب ليكون داعماً لك ومانحاً إياك القوة والإحترام، وهاهي المرأة الأوروبية تتسابق معك في لبسه والتفاخر به:

- تقول ليندسي ويلر «عقيلة» ربة منزل وأم، 26 عاما، «لستر - انجلترا»:

لبسي للحجاب يذكرني بأن كل ما علي فعله هو أن أكون مطيعة وخاضعة لله.

- وتقول سابين شميث 27 عاما، تدرس اللغات في جامعة هامبورج الألمانية عن أول مرة ظهرت فيها بالجامعة وهي ترتدي الحجاب:

أحاط بي مجموعة من الشباب سخروا مني، ولكني بدأت أشرح لهم فائدة هذا اللباس في حفظ كرامة المرأة وجعلها عضواً طيباً في المجتمع، وليس مجرد أداة للإثارة وتفجير الغرائز. «1»

هدانا الله جميعاً وثبتنا على صراطه المستقيم.

المصادر

كتاب «الإسلام في عيون الآخرين» - علي القاضي
مسؤولة اللجنة النسائية في جامع الإمام الرضا بصفوى