هذا الشبل من ذاك الأسد
ينقل لي أحد الأصدقاء قصة جميلة في تفاصيلها، قيمة في محتواها، حول شخصية عصامية فذة من شخصيات سيهات، بل من شخصيات المنطقة بالكامل، يقول هذا الصديق عندما كنا في مقتبل العمر، كنا نقف على جانب الشارع العام، ننتظر سيارة تقلنا الى مدينة الدمام، حيث كانت السيارات قليلة جدا في ذلك الوقت، وفي ذات مرة شاهدهم رجل من أكبر أثريا المدينة بل والمحافظة بكاملها، ووقف لهم قائلا الى أين أنتم ذاهبون؟، فكان ردهم الى مدينة الدمام، عندها أقلهم بسيارته الى الدمام.
كيف بشخص ثري ان يشغل نفسه بمجموعة من الشباب وينقلهم من مكان الى آخر، الا اذا كان ذلك الرجل يحمل في قلبه حب الناس وخدمتهم، الا اذا كان يمثلا نموذجا للتواضع الجم، تمثل في شخصه رحمه الله، والا فان ملاك السيارات في ذلك الوقت عددهم قليل جدا، فما الذي يجعل شخص يقدم على هذه الخطوة، وقد نجد نحن أو غيرنا ألف سبب وسبب لعدم القيام بها حاليا أو سابقا، هذا الشخص هو المرحوم الحاج علي بن احمد السيهاتي، والد الوجيه الدكتور الحاج عبدالله بن علي السيهاتي.
واذا كنا ذكرنا تلك الحادثة، عن المرحوم الحاج علي السيهاتي، فمن المؤكد ان للرجل خدمات كثيرة جدا، لا يعرفها أغلب أبناء جيلنا، خدمات توضح مكنون هذا الرجل من كرم وخدمة لمجتمعه في مختلف المجالات، ولعل مدرسة «القرين» واحدة من تلك الخدمات التي قدمها هذا الرجل، فالكثير من الناس يعلم ان منطقة «القرين» هي ملك لعائلة السيهاتي، ولكن لعل الغالبية من أبناء سيهات، لا يعلم أن المرحوم الحاج علي السيهاتي، تبرع بتلك القطعة من الأرض ليُبنى عليها مدرسة للبنات من قبل أرامكو، كانت ولا تزال من أفضل مدارس البنات كمبنى، رغم مرور ما يزيد على خمسين عاماً، فالآلاف من بنات سيهات تعلموا في تلك المدرسة الجميلة، والفضل كله يعود لتلك المبادرة الخيرة من الحاج الوجيه المرحوم السيهاتي، رحمه الله رحمة الأبرار، وجعل كل ذلك في ميزان حسناته، وكل ما قدم من خدمات وأعمال، لا نعلم عن أغلبها شيء، ولعل الزمن يكشف لنا مستقبلا المزيد من تلك الأعمال والخدمات بل والمواقف الوطنية للمرحوم.
وليس غريبا أن يسير على نهجه ابنه الوجيه الدكتور عبدالله بن علي السيهاتي، هذا الوجيه الذي لا يتوانى عن تقديم الكثير لكل مشروع أو برنامج او فكرة، ولعل مدن وقرى المنطقة تشهد له بهذه المواقف السامية والخدمات النبيلة، التي أجزم أننا لا نستطيع حصرها وذكرها، لكثرتها وتنوعها، حفظه الله وأطال في عمره.
وقبل أيام كنا في زيارة قصيرة لابنه المهندس نجيب السيهاتي الذي يشرف على أعمال والده إضافة الى أخواته وإخوانه عبدالعزيز وعلي، وقد وجدت هذا المهندس الشاب، وكما عهدته سابقا، عندما زاملته في عضوية مجلس بلدي القطيف، وجدته متواضعا ودودا كريما، يتناقش بهدوء ويتيح للآخرين المشاركة في النقاش، متفاعلا مع أعمال الخير والنشاط الاجتماعي والخيري، فهو يسير بسيرة أبيه وجده رحمه الله، ولا غرابة في ذلك، فهذا الشبل من ذاك الأسد.
لا يسعنا الا أن نؤكد أن في هذا الوطن الكثير من رجالات الخير، تعجز الكلمات عن شكرهم والثناء عليهم، كعائلة السيهاتي التي لم تتوقف عن عمل الخير، ولا يسعنا الا القول ان تقديرهم الواقعي هو من الله عز وجل، وهو كريم وسيغدق كرمه على خير عباده، ممن ساهموا ويساهموا في خمة مجتمعهم، والله ولي التوفيق.