ليلة القدر قبلة التائبين
بعد حين تلوح في الأفق سيدة الليالي ”ليلة القدر“ التي قال الله تعالى عنها: ﴿لَ??لَةُ ?ل?قَد?رِ خَ??ر? مِّن? أَل?فِ شَه?ر﴾ وفيها يرفعوا المسلمون أكفهم تضرعًا إلى الله تعالى، ويدعونه فيها بمختلف الدعوات والصلوات طلباً للمغفرة والرضوان منه جل جلاله في هذه الليلة المباركة.
الكثير من المساجد ودور العبادة تغص بخليط من عباد الله تعالى في هذه الليلة العظيمة، يقرأون القرآن الكريم ويدعون الله تعالى ويصلون له وحده بين أعمدتها، متضرعين إلى خالقهم سبحانه وتعالى طلبًا لغفران الذنوب والفوز بالجنة، حيث أن الله تعالى وعد عباده بقبول الدعوات الصادقة للتوبة في ليلة القدر التي هي خَيْرٌ من ألف شهر.
في ليلة القدر تتفتح أبواب رحمة الله تعالى لمن أراد التغيير من عباده، والدخول وطلب العفو والمغفرة من الله، فهل نحن مستعدون لبدء التغيير؟ تكلموا مع خالقكم في هذه الليلة الشريفة واطلبوا منه العفو والمغفرة، على أن يكون طلب المغفرة والعفو عن الدنوب من الله تعالى هو لغرض البدء بصفحة جديدة مع العلاقة بالله والناس، وليس لغرض محوا الدنوب ومن ثم الرجوع اليها مرة أخرى، فدعواتنا وصلواتنا تلك لن تحل ظاهرة الفساد والرشاوي والكثير من الأمراض النفسية بين الناس في المجتمع إذا لم نبدأ بالتغيير الحقيقي من الداخل.
أولادنا اليوم تائهين في سحر الأجهزة الذكية التي اغتالت براءة الصغار ودفعتهم إلى الإنحراف السلوكي والأخلاقي والدخول في علاقات مشبوهة مع العالم الافتراضي، فيا عباد الله هل غيرتم في هذا الشهر الكريم جدول أعمالكم اليومي المزدحم بالركض وراء الحياة الدنيا وزخرفها؟ وهل سيكون لأولادكم نصيباً من وقتكم فيه؟
تحدثوا مع أولادكم عن شهر رمضان المبارك وما فيه من أهداف لتهذيب النفس وتكون أنت قدوتهم في التغيير، تقرأ القرآن الكريم أمامهم كمًا قراءه أجدادك وآبائك، وحدثهم عن فضل ليلة القدر وعن الأعمال المستحبة فيها، وعلمهم العمل بالأخلاق في البيت والمدرسة والشارع ومع أصحابهم وجيرانهم.
وأنتِ يا أم العيال زيني بيتك في شهر رمضان المبارك وفي ليالي القدر بقراءة القرآن الكريم ومختلف الأدعية الرمضانية لآل البيت أمام بناتك، ودعي السبحة تلتف حول أصابعك وارتداء رداء الصلاة بدلاً من مشاهدة التلفزيون ومتابعة المسلسلات الهابطة أخلاقياً، اقرئي لهم الدعاء التربوي للإمام زين العابدين ، فشهر رمضان المبارك هو شهر الوقوف مع ذاتنا وترميم سلوكنا وأخلاقنا مع بعضنا البعض، وصقل أرواحنا بالتغيير.
وفي الختام عباد الله لا تبحثوا عن ليلة القدر بين أعمدة المساجد فحسب! بل ابحثوا عنها في رضا آبائكم وأمهاتكم، مروا على جمعياتكم الخيرية فلربما تجدون ليلة القدر في كفالة يتيم أو مساعدة فقير، أو تفريج همَّ محتاج، وابحثوا عن ليلة القدر في رضا خالقكم بترك الذنوب وتغيير النفس إلى نفس مطمئنة، توبوا إلى الله تعالى توبة نصوحة فباب التوبة مفتوح في ليلة القدر حتى مطلع الفجر.