قراءة الختمات عادة أم عبادة
تقول عزمت النية على قراءة 10 ختمات في شهر رمضان المبارك هذا العام فاعترضت علي صديقة وقالت لي: لكن عشر ختمات كثير جدا متى ستقرأينها بتأنٍ وتأمل؟
فأجابتها: ولم التأمل؟ الأهم في شهر رمضان هو قراءة عدد وقدره من الأجزاء والختمات تهدى ثوابها إلى أرواح من فقدناهم خلال السنوات الماضية.
أنتَ وأنتِ وأنا، هل فكرنا في يوم من الأيام لماذا نقرأ القرآن في شهر رمضان أكثر من أيام السنة؟
هل هي عادة اعتدنا عليها ووجدنا آباءنا يداومون عليها فاعتدناها ونحن الآن نسير على نهجهم؟ أم أننا مدركون أهمية قراءة القرآن الكريم في شهر رمضان المبارك للأحاديث والسنن النبوية وفي كتاب الله وما حثت عليه الشريعة الإسلامية من أجر وثواب لقراءته في نهار وليل الشهر الفضيل؟
يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾.
وعن رسول الله ﷺ أنه قال: ”ومن تلا فيه آية من القرآن كان له مثل أجر من ختم القرآن في غيره من الشهور“.
وعن الإمام الباقر أن رسول الله ﷺ قال: ”من قرأ عشر آيات في ليلة لم يكتب من الغافلين، ومن قرأ خمسين آية كتب من الذاكرين، ومن قرأ مائة آية كتب من القانتين، ومن قرأ مائتي آية كتب من الخاشعين، ومن قرأ ثلاثمائة آية كتب من الفائزين“.
وعن الإمام الصادق أنه قال: ”القرآن عهد الله إلى خلقه، فقد ينبغي للمرء المسلم أن ينظر في عهده، وأن يقرأ منه في كل يوم خمسين آية“.
وبالتأمل إلى هذه الروايات المأثورة عن النبي محمد ﷺ وعن أهل بيته وما جاء في كتاب الله تعالى يجد المتأمل أن لقراءة آيات من القرآن الكريم في شهر رمضان الأجر والثواب الكبير.
السؤال هنا لماذا يقرأ البعض سبع أو عشر أو عشرين ختمة خلال الشهر الكريم ألا تكفي واحدة أو اثنتين أو حتى ثلاث ويثوب قراءتها على روح موتاهم، لو افترضنا أن في البيت الواحد ثلاثة مفقودين ”جد وجدة وعم أو خال مثلا“ ثم السنة التي تليها توفت عمة أو خالة وبنت عم وابن خال ثم ولد ثم أخ ثم عمة أخ ثم خال أب وهكذا الحياة مستمرة والموت مستمر وهل يعني هذا أنه في كل مرة يفقد فيها أحد تثوب له ختمة كاملة يقرأها شخص محب لفقد هؤلاء جميعا؟
ساعات الشهر الفضيل معدودة وأيامه متسارعة جدا وكم هو جميل أن تقضى بين دفات العبادة وأروقتها ولكن الكم الهائل من ختمات القرآن سوف يفقد الهدف معناه، فالغاية والهدف من تلك القراءة هي تحصيل الأجر والثواب للميت وللقارئ
وما فائدة القراءة دون تدبر وما فائدتها أن تقرأ هذرا لمجرد القراءة فقط؟
تقودنا أصوات قراءة القرآن في شهر مضان إلى ذكريات جميلة فلا يخلو منزل من ركن يوجد فيه المصاحف وكراسي القرآن توضع من ليلة الشهر الكريم إلى آخر ليلة فيه حيث تقام احتفالية دينية تسمى ”التثويبة“ يجتمع فيها الأهل والأقارب والجيرات يجمعون فيها أسماء موتاهم ويقرأون أدعية ختم القرآن ثم يثوبون ما قرأوه على أرواحهم ويقدمون لذلك الفاكهة والحلويات والمشروبات ويتخلل هذه ”التثويبة“ روائح البخور والعطور، فتكون ليلة مميزة جميلة وفي نفس الوقت حزينة لأنها تنذر بانتهاء الشهر الفضيل.
ربما جمعت ختمات القرآن الكريم بين العادة والعبادة في شهر رمضان وهذا لا بأس به ما دام الهدف والغاية واحدة وهي تحصيل الأجر والثواب.