آخر تحديث: 22 / 11 / 2024م - 12:45 ص

الكتابة بكاء أنيق

فاطمة مهدي مويس

قرأت هذه الجملة عبر منصة تويتر، وحقيقةً شعرت بها؛ شعرت بكل ما كتبته في السابق، ولطالما رأيت أن البكاء يريح المرء لكنّه في الكتابة عكس ذلك تمامًا، وكلّما اتجهت للكتابة بأحزاني وكتبت رأيت أنّني أركن ندبة جديدة سأراها بعدما أمضي وأترك الحزن خلفي.

في السابق كنت أرى أن الكتابة أسلوب حياة، ولا بُد أن أكتب في يومي وإلّا سيعتليني الشعور بالنقصان؛ وبالفعل كنت أكتبُ في كل أيامي وأفعل ذلك؛ بغرض تعبئة شعوري بالرضا.

لم أحسب حساب الماضي والذكريات، ولم أحسب أن ستكون لي رجعة إلى ما كتبته في السابق.. سأقرأ وستتحضّر الذاكرة من جديد من أجلي، وسيعتليني الندم على عرض ذكرياتي الحزينة؛ إذ تراودني الآن فكرة الشفاء من الكتابة.. والحقيقة أنّني لا أقول عنها مرضا، ولكنّها أشبه بالشيء الثقيل الذي لا يمكن إزاحته؛ وأنا لهذا لستُ أقواها.

‎ حضرت أمسية قبل يومين للدكتورة أمل الطعيمي، وراودني سؤال يطلب إجابتها؛ حيث أراد أن يخرج من فمي بكل قوة، ولكنّي هذّبته وسكّنته لكيلا يخرج.

‎ والحقيقة أنني خفت سؤالي؛ إذ كانت أمامي قامة أدبية كبيرة، فكيف اسألها عما إذا كانت تملك طريقة أتداوى بها من الكتابة؟

‎ وبالفعل كان هذا سؤالي: ”كيف أتداوى من الكتابة؟.“

‎ الحقيقة أنّني أعلم متى أُصِبت بها.

‎ لقد رأيت أن هذه المدة الطويلة من وقت إصابتي حتى الآن أطول مدة تعرقلت فيها... أعلم أن الكتابة كثيراً ما كانت تسرُّني، بل ولا زالت، لكن مؤخراً أصبحت لي كالغرفة أدسُّ فيها أحزاني كلّما لامسني حدث سيئ، وأستمر بالكتابة وكأنها بالفعل تبكي أثرَ أحاديثي وكثرة شكواي.

‎ وأعودُ إليها.. أعودُ حتّى أقرأ ما كتبته أحزاني، وأرى النُدبة عالقة تستذكرني بكل ما حدث، وتسوء بي حالتي ولا أشفى.

‎ من الممكن أن يكون سبب حديثي هذا أنني كنت دائمًا أتوجه للكتابة في وقت ضيقي، وأبتعد عنها ولا أذكرها في أثناء فرحي؛ ولهذا تعلّقت الكتابة لدي بالحزن.

‎ لستُ أعلم عن مصداقية هذا الحديث!

‎ ولعل الحقيقة أنّني أعلم لكن بي خوف من أن يظل الناس يتراكضون ورائي بعد عدة أعوام؛ ليذكروني بكل ما كتبته هُنا..

فكرة.. إن الكلمة ستُكتب ولن تُمحى فكرة تُرعبني.

‎ ومن الممكن أن يصبح توجهي مع الكتابة بعد عدة أعوام مختلفًا تمامًا، وبالفعل

أتداوى من الكتابة، لا أبحث عمن يداويني منها.