هل الضربة التي لا تقتلك تقويك: كيف، ومتى، ولماذا؟ 2
في المقدمة، استعرضنا معاناة مايك من اضطراب ما بعد الصدمة. واخترنا سردية مايك كمثال على أعراض هذا الاضطراب التي يعاني منها المصابون به. في هذا الجزء من المقال سنذكر الأعراض الرئيسية لاضطراب ما بعد الصدمة ومسبباتها لكي نفهم بشكل أعمق عملية النمو بعد الصدمة، وسنتكلم قليلًا عن سبب اختيار العنوان الرئيس لسلسلة المقالات التي سنتناول فيها هذا الموضوع، ومن ثم سنعرف المحور الرئيس لهذه المقالات: النمو التالي للصدمة
في الموقع الرئيسي لعيادة الميو «Mayoclinic.com ومقرها الرئيسي في مدينة روشتر Rochester في ولاية منسوتا، صنفت أعراض الاضطراب في ثلاث فئات كالتالي:
أ - ذكريات اقتحامية وتشمل:
1 - تكرر مرور ذكريات الصدمة المؤلمة في حالتي اليقظة والنوم
2 - أحلام مزعجة لها علاقة بالصدمة
3 - المصاب يعيش الحدث بتفاصيله مرات ومرات
ب - أعراض تتعلق بسلوك تجنب مثيرات الصدمة والابتعاد النفسي عنها وتشمل:
1 - تجنب التفكير أو التحدث عن الصدمة
2 - الشعور بالخدر العاطفي ««Emotional numbness
3 - تجنب أنشطة كانت محببة للشخص في السابق.
4 - الشعور بالإحباط واليأس من المستقبل.
5 - صعوبات في الذاكرة
6 - عدم القدرة على التركيز - مشتت الانتباه
7 - عدم القدرة على الاحتفاظ بعلاقات اجتماعية قوية سابقة
ج - أعراض تتعلق بمشاعر الخوف والهلع ومشاعر سلبية أخرى وتشمل:
1 - الغضب والتهيج وحدة الطبع
2 - الشعور بالذنب والخزي والعار
3 - سلوكيات مؤذية للنفس كالإفراط في الأكل والتدخين وتعاطي المخدرات والكحول وأيضا سلوكيات خطرة كقيادة السيارة المتهورة ومشاعر وسلوكيات مرتبطة بمحاولة الانتحار
4 - اضطرابات وصعوبات في النوم
5 - الذهول والخوف بسهولة
6 - سماع ورؤية أشياء غير موجودة
7 - أمراض القلب وجهاز المناعة وألام حادة ومزمنة
مسببات اضطراب ما بعد الصدمة:
هذه الأعراض تأتي وتذهب، وحدتها تعتمد على تعامل المصاب معها وكذلك على مصادر الإثارة والضغوط النفسية التي يمر بها.
ولهذا الاضطراب أسباب متعددة منها:
• العامل الوراثي الذي قد يجعل الإنسان أكثر عرضة للإصابة بالقلق والكآبة النفسيين. احتمالية الإصابة بالاضطراب تزيد اذا كان أحد الأقرباء مصابًا بالاضطراب نفسه أو لديه حالات نفسية أخرى.
• مرور الإنسان بتجارب وأحداث صادمة وخاصة في مرحلة الطفولة، وهو العامل المؤثر الأكبر.
• تحكم الدماغ في الهرمونات التي يفرزها الجسم أثناء التعرض للضغوط النفسية
• وجود حالات نفسية أخرى كالكآبة والقلق النفسي
• عدم وجود شبكة اجتماعية مساندة و/ أو الإهمال ولو الرفض
• التعرض للإساءة والتنمر - يعد من أكبر العوامل
• الوراثة
الاضطراب ما بعد الصدمة أو الضغط النفسي الناتج من اضطراب ما بعد الصدمة قد يحدث لأي شريحة عمرية.
مقولة ”الضربة التي لا تقتلني تقويني“ تنسب الى الفيلسوف الألماني نيتشه وذكرها في كتابه ”ما وراء الخير والشر“، وبعد أن ذكر هذه العبارة: ”في معارك مدرسة الحياة“، أعقبها بعبارة ”الضربة التي لا تقتلني تقويني!“ ومنذ ذلك الحين، أصبحت هذه العبارة الأخيرة تتردد كثيرًا على الألسن وكتبت مقالات وأجريت بحوث حول ما تكتنزه هذه العبارة من روح تفاؤلية وإرادة على التغلب على صعوبات وصدمات الحياة. وقرأت مؤخرًا بعض المقالات التي تركز على اعتماد عبارة نيتشه في التدريب التدريجي الوقائي: ”لمعارك مدرسة الحياة“ لكي يكون الإنسان مستعدا وقادرا على خوض غمار معارك الحياة بمهارات قتالية عالية. تعتبر هذه النقطة نقطة جوهرية للنمو بعد اضطراب ما بعد الصدمة التي سنتناولها بشيء من التفصيل في سلسلة مقالاتنا اللاحقة ان شاء الله.
موضوع النظر في وجود جوانب إيجابية في الأحداث الصادمة والمؤلمة عابر للقارات والديانات ويعود ما كتب عنه في الدوائر العلمية والبحثية إلى حقبة الستينات من القرن الماضي.
كلمة ”النمو“ تشير الى خمسة أشياء:
1. الشعور بالقوة الذاتية،
2. تغير في أولويات الإنسان،
3. تحسن في العلاقات الاجتماعية للمصاب،
4. تغير ملحوظ في فلسفة أو نظرة المصاب لما حوله،
5. نمو في الجانب الروحي.
وسنتوسع أكثر في تعريف النمو بعد اضطراب ما بعد الصدمة في المقال القادم ان شاء الله.