أخرج الأموي الذي بداخلك!
شيخ من الكويت يفتي على منبر مسجده «بحرمة الصلاة في مساجد الشيعة» وعلل ذلك بوضعهم «للترب والحصى» وهي «بدعة» وكل مسجد فيه بدعة لا يجوز الصلاة فيه!. وكانت هذه فتواه وسببها، فأتصل به أحد الباحثين وأخبره أن هذا «رأي حفيد رسول الله ﷺ الإمام جعفر بن محمد الصادق - رضوان الله عليه - وأجاب فضيلته أن هذا اجتهاده في المسألة، وحين إذ أخبره بمفتاح القلب والعقل والنفس وهو رأي شيخ الإسلام أحمد الحراني أبن تيمية - رحمه الله تعالى -! الذي يرى السجود على الفرش من البدع وأن «التراب والحصى» هي الأصل فيما سجد عليه الرسول ﷺ وصحابته رضي الله عنهم! وإنه يرى أن هذا أقرب إلى السنة وأبعد ما يكون عن البدعة، ساعة إذ تحول «رأي الصادق» من الاشمئزاز منه ورفضه حد الفتوى بتحريم دخول المساجد التي تعمل به إلى قبول ورضا وتسليم طالما هو يوافق لرأي أبن تيمية.
ببساطة في اللاوعي لفضيلة الشيخ الكويتي أنه «لم يخرج الأموي الذي بداخله»؟! هل نتذكر الحجاج الذي سن ترك الصلاة وذكر: آل النبي ﷺ لأنه يرى رؤوسا ترتفع بذكرها يعني به «أهل البيت وذريتهم وال هاشم». وهو الذي كان يسمل الأعين، ويقطع الألسنة، ويدحرج الرؤوس لمن يمتنع عن سب علي البدعة التي ابتدعتها بنو أمية لسبعين عاما - بحسب رواية الزمخشري والطبري وابن كثير وجمهور المؤرخين. ولكنك تجد كاتبا «دكتورا عظيما» يترضى على الحجاج ويؤلف في سيرته العطرة كتابا يتقرب به إلى الله تعالى. وما كتبه وما خطه بيمينه ولكنه كتبه «الأموي الذي بداخله».
ليس عودة لقبور الموتى ولا نشر سيئات أعمالهم التي هي الآن حاضرة بين يدي حكم عدل سيوفيهم الجزاء العادل الأوفى، وما علينا من حسابهم من شيء إن حسابهم إلا على الله.
ولكني وغيري أتوقف عن بقاء الروح الأموية في القلوب والمشاعر والعقول وفي الميول والحب والكره! حين يجعل كل «رأي أو فقه أو قول أو إثارة من علم» صادر منهم مردود مرفوض معرض عنه ومرذول حتى يقبله غيرهم!
وبات من المعتاد عليه إن رغب كاتب أن يجعل فقه الصادق أو أحد احفاد النبي مقبولا، يجب أن يبحث عمن يوافقهم ومن يقول بمثل قولهم. وإلا فالأصل في التعامل معهم الترك، والإعراض، والطرح، وما ذاك إلا لأن الأموي في النفوس لم يطرد من العقل والمشاعر والقلوب.
ولذا لا عجب أن يكون رأي ابن تيمية مقدم على رأي جعفر بن محمد الصادق! أو لكي يصبح رأي الصادق مقبولا يجب أن يقول به أبن تيمية وهذا «عقل الأموي» الذي لم يطرد من داخل النفس والعقل والقلب! وليس لأي سبب علمي ولا علة تجعله معقولا ولا مقبولا في الفقه والعلم والتاريخ في المراتب والمنازل والمقام والرفعة والدرجة علما او فضيلة اخلاقية.
ولعلي أسئل شيخنا الكويتي هل من أحد أذهب الله عنه رجسه، وطهره تطهيرا.. غيرهم؟! وهل يوجد بيت أذن الله له أن يرفع في الدنيا والآخرة ويذكر فيه أسمه غيرهم!! فلماذا اسقطهم من عينه سقوط جعل قولهم في مسألة يوجب التبديع وتحريم دخول المساجد التي تتعبد لله بفتواهم؟! وهل بوسعي بعد هذا ان ألتمس من فضيلته أن يطرد الأموي الذي بداخله!.
كأننا نجتهد في إبقاء «الأموي» في داخلنا، في مشاعرنا حين تتباعد عن كل كرامة تنسب إلى آل بيته ﷺ وتتقبل ما هو أعظم منها إن نسبت حتى للمعاصرين، كأننا في غير وعي عقولنا حين نجعل «الأئمة أربعة» والمذاهب «أربعة» ثم نجعل جعفر بن محمد الصادق «خارج المذاهب الإسلامية المعتبرة» وخارج «الأئمة»! فلا يقال المذاهب الخمسة ولو قياما بحق حفيد رسول الله والحبر الأعظم من حملة علم النبوة، وما من إمام من الأئمة الأربعة إلا وقد نال وأغترف من طهره، وغرق وجنى، وجمع منه ما أستطاع جمعه، وأرتفع به بمقدار ما أرتفع في وعيه وقلبه.
هذا شفق أدركه سابغ الرحمة نافذ البصيرة وتام الحكمة حين أوصنا فيهم في «القربى» الله.. الله في أهل بيتي،
في نهاية الأمر مودة آل بيت النبي ستظل بشارة الله لقلوب عباده المخلصين في الدنيا والآخرة. ﴿ذَٰلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِۗ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰۗ وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًاۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ﴾ الشورى «23». وهي الحسنة التي يزيد الله بها أعمالنا وقلوبنا حسنا..!. أخرج يا سيدي الأموي الذي بداخلك، ليكون نورهم في قلبك دليلا وهديا.