حوكمة تمكين القيادات
حقّقت المملكة قفزة نوعية في تقرير «المرأة، أنشطة الأعمال، والقانون 2020» الصادر عن مجموعة البنك الدولي، سجّلت فيه «70,6» درجة من أصل «100»، وصنّفت بالدولة الأكثر تقدماً وإصلاحاً بين «190» دولة حول العالم، لتصبح بذلك الدولة الأولى خليجياً والثانية عربياً.
شملت رؤية المملكة 2030 المرأة السعودية بتعديلات في التشريعات كان لها دور في تحسين مؤشرات تقرير المرأة من حيث منحها حقوقها، ومنهالتوجيه بتمكين القيادات النسائية.
ويقصد بالتمكين في القيادة منح الصلاحيات والسلطة الإدارية للمشاركة في القرارات مما يساهم بتفعيل دور القيادي وفعاليته في المنظومة، وتوزيع الصلاحيات المعززة لمسؤولياته كي يحقق الأهداف المنشودة، التي ستساهم في تطوره المهني ومشاركته وارتباطه وولائه الوظيفي.
اقترن مفهوم التمكين Empowerment بالحوكمة في تقرير البنك الدولي، الذي أشار له بتوسيع قدرات وإمكانات الأفراد في المشاركة والتأثير والتحكم والتعامل مع الشركات «المنظمات»، التي تتحكم في حياتهم، مع إمكانية محاسبة هذه الشركات.
فالتمكين يختلف عن التعيين أو التوظيف أو التكليف لارتباطه بالحقوق المدنية والاجتماعية من حيث العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص للحصول على المناصب القيادية، مع إمكانية المحاسبة عند بخس الناس أشياءهم أو الخلل في إنزال الناس منازلهم.
تمكين القيادات النسائية في القطاع الحكومي يعد تحديا في تعيين وتكليف الكفاءات في المكان المناسب وفق أهداف مؤسسية تطويرية وليست تشريفية، أو سعيا لرفع الأرقام ما قد ينجم عنه التسرع لتمكين قيادية تقاد أو مستشارة لا تستشار، وخسارة كفاءة علمية تصطدم بواقع القيادة وإدارة التغيير مسلحة بمهارات وخبرات ضئيلة، أو لمَنْ تُمكّن في مكان لا يناسب قدراتها، وتتصاعد هذه التحديات في إعداد الصف الثاني حين يكون مَنْ يملك القرار عائقا للتمكين.
الرؤية الوطنية عمادها التمكين، بقيادة الكفاءات ضمن نظام مؤسسي متميز بالحوكمة القائمة على سياسات وآليات وممارسات تعتمد على مبادئ المشاركة، والشفافية والمساءلة، ومكافحة الفساد، وسيادة القانون للوصول إلى العدالة بين المستفيدين.
وبدون تدخل السلطة الحكومية بأدواتها التشريعية والرقابية والمحاسبة، فسيكون التمكين صوريا بمؤشرات كمية تفرض على النظام الإداري والاقتصادي قيادات هشة، تهمش أو تقصي الأكفاء، معززين بذلك الفساد الإداري والمالي.
لهذا فتهيئة البيئة التنظيمية للتمكين ضرورة، وينبغي أن تكون بمعايير نوعية وفق أهداف مؤسسية حتى لا يتحول مفهوم التمكين إلى مصطلح مترهل مضللاً ومستهلكاً، وذلك يتطلب:
1. التخطيط الإستراتيجي، ويشرك فيه الموظفون لمواءمتهم مع الرؤية والرسالة وأهدافها.
2. توضيح الهيكلة التنظيمية والمهام الوظيفية، التي عليها يتم تمكين الموظفين في مواقعهم الوظيفية أو الاستقطاب للكفاءات لتطوير المنظمة.
3. تحديد الوصف الوظيفي مع تأكيد مهارات وخبرات الموظف والتأكد من شهاداته لتحقيق أهداف الوظيفة ومسؤولياته وصلاحياته.
4. التواصل الفعال، الذي يساهم في إدارة التغيير والتنافسية وتكافؤ عرض الفرص.
5. التدوير الوظيفي للقيادات بآلية واضحة، مع تأهيل الصف الثاني للقيادات وفق معايير موضوعية وشفافة ومحايدة في الاختيار وقابلة للقياس.
6. تأهيل الممكنين للتمكين وتوعيتهم بالتشريعات المناهضة للفساد الإداري، مع تأكيد العدالة في المحاصصة والمراقبة والمحاسبة وفق آليات ملموسة.
تمكين القيادات هو شحذ للهمم وتحفيز للأكفاء كي يتنافسوا ويتقدموا علميا ومعرفيا ليستحقوا مكانة تمكنهم من تطبيق قدراتهم ومهاراتهم في تطوير الأعمال محققين فيها أهداف الرؤية الوطنية، ومستشعرين فيها الأمان والعدالة بأن الأبواب مفتوحة لكل متميز/ة ومنجز/ة بدون تمييز للمشاركة في خدمة الوطن.