الاستعداد للموجة الثانية من كورونا
في ﻋﺎم 2003، تفشى مرض سارس وهو من فصيلة الفيروسات التاجية كورونا، ولجأت بعض الدول ومنها الولايات المتحدة الأمريكية لإجراءات عزل المرضى، كما هو متعارف عليه في الأمراض المعدية حتى يصبحوا غير معديين تماما، وخصص لذلك مستشفيات بعضها ميدانية في مساحات وأجواء تتيح للمريض الرعاية الطبية والتنفسية والنقاهة، بينما يراعى المرضى الذي يعانون من أعراض خفيفة في المنزل ويطلب منهم أن ﻳﺘﺠﻨﺒﻮا الاﺗﺼﺎل ﺑﺎلأﺷﺨﺎص الآﺧﺮين، وأن يبقوا ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺰل حتى ﻳﺼﺒﺤﻮا ﻏﻴﺮ ﻣﻌﺪيين ﺗﻤﺎﻣﺎ. وبذلك يخفف الضغط على المستشفيات المتاحة.
في جائحة كورونا واجهت الأنظمة الصحية تحديات مهددة لانهيار النظام الصحي بسبب تفشى «كوفيد-19» بالعدوى المجتمعية بين عدد كبير من الناس في وقت واحد متسببة عليهم بأعراض متفاوتة الحدة ولا يمكن التنبؤ بها بين أعراض تنفسية بسيطة أو حادة، وبمضاعفات قد تصل للوفاة، وحتى من يصاب بأعراض خفيفة فلا يعني هذا عدم حاجته للرعاية الطبية، وضرورة أن يلتزم بالعزل حتى لا تنتشر العدوى لغيره.
ينبع التخوف من انهيار النظام الصحي حين يزداد الطلب على الرعاية الصحية، فتتقلص قدرة المستشفيات على استيعاب الحالات المتسارعة من مرضى كورونا الذين هم بحاجة للتنويم في المستشفى يضاف عليهم المرضى لمشاكل صحية أخرى يتوجب حمايتهم بعزلهم عن مرضى كورونا.
كما يزداد الطلب على الممارسين الصحيين والمتخصصين، والموازنة بين المقاييس الكمية للقدرة الاستيعابية للمشفى وتطبيق النماذج المثالية في الرعاية الصحية من حيث الجودة وسلامة المرضى والحقوق الصحية، وعدالة العلاج، والاقتصاد والأمن الصحي، وبالتالي الاقتصاد والأمن الوطني.
بذلت المملكة العربية السعودية الغالي والنفيس لحفظ صحة الإنسان، التزاما بالمواثيق الدولية وحق الإنسان في الرعاية الطبية، وواكبت التطور التقني بالتطبيقات التي تساهم في الرصد واكتشاف الحالات المبكرة وتقديم الاستشارات الطبية والعلاجات، وحجز مواعيد اللقاحات.
كان الحظر أحد الخيارات التي اتبعت وقائيا للتعامل مع جائحة كورونا بإستراتيجيات منها اﻟﺤظر في المنزل طواعية، المنع من السفر، عزل المناطق، منع التجمعات، التعليم عن بعد، تقنين التواجد في الأماكن العامة.
يهدف الحجر الصحي إلى الحد من انتشار العدوى كما يمنح الوقت لتحسين آلية رﺻﺪ الأﻣﺮاض وﻣﺘﺎﺑﻌﺔ الأﻋﺮاض، واﻟﺘﺸﺨﻴﺺ واﻟﻌلاج اﻟﺴﺮيع ﻟﻤﻦ أصيبوا ﺑﺎﻟﻤﺮض، وتقديم اﻟﻌلاج اﻟﻮﻗﺎﺋﻲ ﻟلأﺷﺨﺎص اﻟﻤﺤﺠﻮر عليهم ﻣثل اﻟﻠﻘﺎحات أو الأدوية، وتأمين الموارد الصحية ومن ذلك الكمامات، وأجهزة التنفس، وزيادة القدرة الاستيعابية في الأسرة ومن ذلك العناية المركزة، وتدريب الممارسين الصحيين على التعامل مع الطوارئ، والضغوط والاحتراق الوظيفي، وكذلك إعداد الصف الثاني من الخطوط الدفاعية البشرية، وتعزيز النمط السلوكي الصحي في المجتمع من خلال آليات نشر الوعي وتعزيز الصحة.
ويقاس أثر الإجراءات بالمؤشرات الصحية الوبائية التي عليها يمكن ترجيح نجاعة الوسائل المتبعة.
والتي ينبغي أن لا تغفل أهمية الاستدامة في التعامل مع المخاطر بآلية منهجية علمية استباقية وضمن أهداف الرؤية وأهداف التنمية المستدامة ومنها الهدف الثالث الصحة الجيدة والرفاه، ويشمل ذلك تواصل إتاحة الخدمات الأساسية خلال فترات الطوارئ على نحو منصف يحد من عدد الوفيات المباشرة، ويمنع حدوث زيادة في عدد الوفيات غير المباشرة من خلال الاستمرارية في تقديم الخدمات الأساسية الصحية مع اطلاع الجمهور على أحدث المستجدات. ويقتضي ذلك التواصل المنتظم والشفاف مع الجمهور والإشراك النشط للمجتمعات المحلية، حتى يتسنى الحفاظ على ثقة المتلقين في قدرة النظام على تلبية احتياجاته الأساسية والسيطرة على مخاطر انتقال العدوى في المرافق الصحية، والذي يساعد على ضمان استمرار الناس في التماس الرعاية الطبية عند الحاجة والالتزام بتوجيهات الصحة العامة.