آخر تحديث: 25 / 11 / 2024م - 10:51 م

الالتزام التنظيمي في منظمات الأعمال

الدكتور هاني آل غزوي *

تُحدد منظمات الأعمال على اختلاف أنواعها ونشاطها مجموعة من الأهداف التي تساعد في استمراريتها ونموها، وتحسين أدائها وبيئة العمل الداخلية لها، مع ضمان جودة إنتاجها، إلا أن تَحقيق هذه الأهداف يرتبط بطبيعة الكوادر البشرية المتوفرة لدى المنظمة، وما يمتلكونه من مهارات وقدرات، فضًلا عن وجود الثقة والمسئولية للعمل في المنظمة، وهناك فوائد عديدة للالتزام التنظيمي لدى العاملين، تجنيها المنظمات ومنها: أن الالتزام التنظيمي ُيعد أحَد المقومات الرئيسة والمؤثرة في خلق الإبداع لدى العاملين في المنظمة، وُيسهم في تحقيق الأداء المتميز للعمل، كما أّنه يَولّد الرغبة والميل للبقاء في المنظمة مما يخفف الآثار التي قد تنتج عن دوران العمل وأن ارتفاع الالتزام التنظيمي لدى العاملين يساهم في تقليل التكاليف، نتيجة ارتفاع درجة الالتزام التنظيمي، مما يساعد على مواجهة كثير من السلوكيات المرفوضة ويحد منها، مثل: الإضرابات واللامبالاة في العمل والسرقة والتخريب.

لذلك فإن نجاح أو فشل أي منظمة يعتمد على ما تملكه من موارد بشرية؛ كون العنصر البشري يعد بمثابة رأس المال المعرفي في المنظمة، وهو ما جعل المنظمات تهتّم كثيًرا بأفرادها من خلال تحفيزهم المادي والمعنوي، ومنحهم مزيًدا من الصلاحيات، ومشاركتهم في اتّخاذ القرارات، بالإضافة إلى تقديم التدريب اللازم، بما يسهم في الحصول على درجة مرتفعة من الالتزام التنظيمي لديهم تجاه منظمتهم.

ويقوم الالتزام التنظيمي بدور مهم في رفع الروح المعنوية لدى العاملين، بما يجعلهم يخلصون في عملهم ويظهرون ولائهم للمنظمة التي يعملون بها، ويدفعهم إلى العمل بتعاون وحماس لتحقيق أهدافها، وهو ما يعمل بدوره على تحسين البيئة الداخلية للعمل، في حين أن انخفاض الالتزام التنظيمي لدى العاملين يؤدي إلى انخفاض الروح المعنوية، بما يؤدي إلى السلبية والتراخي في العمل، والغياب المتكرر، والأداء المنخفض، وغير ذلك من المشكلات السلوكية.

وقد أّكدت الدراسات أن الالتزام التنظيمي يُسهم بشكٍل كبيٍر في تحقيق أهداف المنظمات إنجاز الأعمال بكفاءة، بأقل وقت وجهد وتكلفة، من خلال اندماجهم بالعمل والرغبة في الاستمرار في المنظمة، ومن المعروف أنّه كلما زادت فترة بقاء العاملين في المنظمة؛ زادت خبرتهم وكفاءتهم، وذلك يزيد إنتاجيتهم وبالتالي تزداد إنتاجية المنظمة، حيث إن كثيراً من الدراسات تشير إلى أن طول خدمة العاملين يزيد من إنتاجيتهم، كما يؤدي إلى تنمية العلاقات الاجتماعية داخل العمل وخارجه، فكّلما زادت العلاقات الاجتماعية؛ زاد إدراك الفرد لجاذبية العمل الذي يعمل فيه، والارتباط النفسي بالمنظمة، وبالتالي ارتفاع مستوى الإنتاجية.

وُيعرف الالتزام التنظيمي على أنه: درجة انتماء وإخلاص الموظف واستعداده لبذل أقصى جهوده وإمكانياته للمنظمة التي يعمل فيها بما يخدم العملية الإدارية وُيحقق الأهداف التنظيمية، حيث أن الفرد الذي يمتلك انتماء للتنظيم الذي يعمل به يتمتع بحالة من الانسجام والرضا والتفاعل مع منظمته والعاملين بها، ويكون لديه اعتقاد قوي بقبول أهداف المنظمة وقيمها، واستعداد ورغبة قوية لبذل أقصى جهود ممكنة لصالح المنظمة نيابة عنها، والرغبة الجادة في المنظمة.

وعليه، فإن قوة درجة الالتزام لدى العاملين تعني فاعلية المنظمة وسلامة بيئتها الداخلية، ودعم الأداء الإبداعي والممارسة الابتكارية للموظفين، مما يجعل الالتزام سراً من أسرار الريادة والتفوق وهي الحالة المثالية التي تسعى لها جميع المنظمات بلا استثناء، بما يضمن جودة الإنتاج.

وإن وجود الالتزام التنظيمي بين أفراد المنظمة، يخلق شعوًرا إيجابيا لدى الموظف تجاه المنظمة، ويحقق التوازن بين أهداف الفرد وأهداف المنظمة، ويساعد في تحقيق التوافق بين قيم الفرد وقيم المنظمة، وزيادة رغبة الفرد في البقاء عضًوا في المنظمة، واتّجاه الفرد نحو العمل، والوفاء بقواعد ومتطلبات المهنة التي يعمل بها، فضًلا عن افتخار الموظف بالإنجازات التي تحققها المنظمة، والعمل على زيادة فاعلية وإنتاجية المنظمة. ولأن الالتزام التنظيمي من شأنه الوفاء بمضامين الجودة من قبل العاملين في المنظمات، فقد برزت الحاجة إلى دراسة أثر الالتزام التنظيمي في تحسين بيئة العمل الداخلية ومن ثّم ضمان الالتزام بمتطلبات الجودة في المنظمات، خاصة في تلك العاملة في قطاع الخدمات. ومن ثّم توفير فهم أعمق لعلاقة جودة خدمة الموارد البشرية بمدى شعورهم بالالتزام التنظيمي تجاه المنظمة التي يعملون فيها.