دردشة مع المهندس عبد الله الشايب.. جديد عساكر
قريبا يصدر كتاب «دردشة مع المهندس عبد الله الشايب» للكاتب علي محمد عساكر، جاء في مقدمته:
الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى.
في أواخر عام 1438 هـ انبثقت لدي فكرة عمل برنامج حواري أستضيف من خلاله الشخصيات الفاعلة والمؤثرة في المجتمع، سواء من العلماء، أو الأدباء، أو الشعراء، أو المؤرخين، أو الباحثين، أو القاصّين والروائيين، أو الرسامين، أو أصحاب الحرف والصناعات، أو الناشطين الاجتماعيين، أو الوجهاء، أو غيرهم ممن خدموا المجتمع في شتى الحقول والميادين، لأتحاور معهم عن حياتهم، وبرامجهم، ومشاريعهم، وما حققوه من نجاح وإنجازات في الحياة.
كنت أهدف من وراء هذا البرنامج إلى عدة أمور، منها ما يلي:
1. التعريف أكثر فأكثر بهذه الشخصيات، وما حققته من إنجازات تستحق منا كل الشكر والتقدير.
2. إتاحة الفرصة لهذه الشخصيات لتتحدث عن نفسها، وتوثق سيرتها وإنجازاتها للتاريخ.
3. نقل تجاربها وخبراتها للآخرين، لتتعرف الأجيال اللاحقة على مشاريع وإنجازات الأجيال السابقة، وتستفيد منها في مواصلة مسيرتها الحضارية في الحياة.
4. حث المجتمع وتحفيزه - لاسيما الشريحة الشابة منه - على الاقتداء بهذه الشخصيات، والسير على نهجها من أجل بناء الحاضر والمستقبل.
وكنت أريده برنامجا عفويا، نتحدث فيه بتلقائية كاملة، بعيدا عن أي تكلف أو مصطلحات معقدة، ليصل إلى مختلف الشرائح الاجتماعية من دون استثناء، ولهذا اخترت له اسم «دردشة مع...» ليكون هذا العنوان معرّفا بهذا البرنامج وطبيعته، وأنه ليس بأكثر من دردشة عفوية طبيعية، يمكن لكل أحد أن يتابعها ويفهمها، ويستفيد منها في حياته الخاصة والعامة على السواء.
فريق البرنامج كان يتكون من ثلاثة أشخاص لا أكثر:
1» علي محمد عساكر، معد ومحاور.
2» هاني أحمد الشطيب في التصوير والمونتاج.
3» عقيل علي عساكر، في التصوير الفوتوغرافي، ويساعد الأستاذ هاني في إعداد المكان وتجهيزه، ومتابعة التصوير معه.
كانت دردشتنا الأولى مع المؤرخ المرحوم جواد بن حسين الرمضان، وربما أستطيع القول: إننا وثقنا من خلالها حياته كاملة منذ طفولته إلى أن ناف عن الثمانين عاما، وذلك في حلقات ثلاث [1] .
ثم كانت الدردشة الثانية مع المهندس عبد الله بن عبد المحسن الشايب في خمس حلقات، وهي التي تم تفريغها وإخراجها في هذا الكتاب.
وبعدها الدردشة الثالثة مع الأستاذ حسين بن علي الخليفة «صاحب متحف الخليفة» في أربع حلقات، وكانت حول التراث بصورة عامة، ومتحفه بصورة خاصة، حيث تحدثنا عن اهتمامه بالتراث وصولا إلى قيامه ببناء المتحف في منزله، إلى أن ختمنا بجولة في المتحف الذي يضم ما يزيد عن خمسة آلاف قطعة تراثية.
بعدها اعتذر الأستاذ هاني عن مواصلة البرنامج لبعض الظروف، فتولى الأستاذ نايف العوجان الهندسة الصوتية لحلقات الدردشة مع الأستاذ حسين الخليفة، وقامت ابنة أخي «زينب» بمونتاجها، وتوقف البرنامج الذي يمكن متابعة جميع حلقاته على قناتنا في اليوتيوب.
وهنا أود أن أشير إلى بعض الأمور:
1. أثناء الإعداد والتحضير للدردشة لم أحاول أن أستقي أية معلومة من الضيف، بل كنت أعتمد على نفسي في جمع المعلومات عن طريق القراءة في الكتب، والبحث في المواقع والصحف والمنتديات، وغيرها.
2. كنت أبذل جهدا كبيرا في البحث والتقصي، وأحاول جمع كل ما يمكن جمعه مما له علاقة بالضيف، إلى حد أن الضيوف جميعهم استغربوا من الكم الهائل من المعلومات التي جمعتها عنهم، وأكدوا أن بعضها هم أنفسهم قد نسوه لقدم عهده، أو لم يكونوا يعلمون عنه إلا من خلال ما قمت بجمعه في بحثي عنهم، وطرحه عليهم في حواري معهم.
3. كنت أقرأ كل ما أجمع وأقوم بتصنيفه، ليكون متسلسلا ومنظما في الدردشة، خصوصا لمن لهم نشاط في أكثر من مجال ومجال.
4. بعد القراءة والتصنيف أقوم بصياغة الأسئلة وفقا لما وقفت عليه من معلومات.
5. حاولت أن أكون شريكا للضيف في التعريف به وبإنجازاته، وذلك من خلال تقديم بعض المعلومات التمهيدية للسؤال.
6. لم أنسق مع الضيف في الأسئلة وطبيعتها أو نوعيتها، حتى لا أترك له أية فرصة ليفرض عليّ ما يريد وما لا يريد من أسئلة.
7. ابتعدت عن المجاملة، واتخذت الصراحة منهجا في الحوار، إلى حدّ أنني أضيّق أحيانا على الضيف، وأحاول محاصرته، وسؤاله ربما حتى عمّا لا يرغب أن أسأله عنه، ولعل هذا من الأسباب التي جعلت المهندس الشايب يظن أنني أحاكمه أو أتهمه في بعض مفاصل الحوار معه، حيث اعتبر في كلمته الأخيرة «أن أهم ما يميز دردشتي معه أنني وضعته في صورة المتهم» مؤكدا على أنه «إن كان قد استطاع الدفاع عن نفسه، ورد اتهاماتي إليه، فإنما ذلك بتوفيق الله» موضحا أنه «واثق من منهجه في بناء مجتمع واع، والعمل على تعزيز الإيجابيات ودرء ما أمكن من السلبيات، وواثق أنه مع انتشار مفاهيم السلم الأهلي، والتي ستكون محل تقمص الكثيرين من أصحاب الرأي النقيض أو المتجاهل، عندها فقط سيكون في محل اطمئنان بأن رسالته التي جاهد من أجلها أتت أكلها، وأن هناك من سيحمل المشعل»
وما كان ليختم بمثل هذا لولا تلك الدردشة بما فيها من مصارحة، واتفاق واختلاف، ونقل للرأي الآخر، ونقد لما أرى أو يرى الآخرون أنه يستحق النقد بجرأة وصراحة.
8. لم أحافظ على الهوية التي كنت أريدها للبرنامج بأن يكون مجرد دردشة عفوية تلقائية، بل تحوّل - من حيث أشعر أو لا أشعر - إلى حوار جاد وثري وغني في المعلومات.
9. كنت أتوسع في الحوار عن كل مشروع أو برنامج يتعلق بالضيف، وأحاول تغطيته من جميع جوانبه، وأسأل عن كل صغيرة وكبيرة، وكل شاردة وواردة متعلقة به، مما جعل الحلقات تطول وتكثر مع كل ضيف، ويكفيك أن تعلم أن الدردشة مع الأستاذ حسين الخليفة كانت في أربع حلقات، كل حلقة تمتد إلى قرابة الساعة، وكلها عن متحفه واهتمامه بالتراث.
10. في الحوار حاولت بيان قيمة الضيف وتوثيق بعض إنجازاته من خلال قراءة بعض النصوص التي قيلت في حقه، أو تحدثت عن مشاريعه، أو أشارت إلى إنجازاته، مع ذكر مصادر تلك الأقوال والكلمات.
وهذه النقطة كانت من الأفكار المستجدة في البرنامج، لذلك لم أقم بها في دردشتي مع المؤرخ المرحوم الحاج جواد الرمضان بكل أسف، وإنما ابتدأت في دردشتي مع المهندس الشايب، ثم مع الأستاذ حسين الخليفة.
ومنذ انطلاقتي في البرنامج وكان في نيتي أن أجمع حلقاته وأخرجها في كتاب، ولذا سلمت الأسئلة إلى الضيوف وطلبت منهم الإجابة عليها كتابة لأعمل على تنسيقها وطبعها فوعدوني بذلك، ولكن لعل ظروفهم ومشاغلهم لم تساعدهم على الوفاء بوعودهم، مما جعلني أصرف النظر عن الموضوع.
ولكن بعد قرابة السنتين من توقف البرنامج فاجأني المهندس الشايب بإرسال أجوبة الدردشة معه في «ورد» مفيدا لي بأنه كلّف بعض الجهات بتفريغها، وأنه أضاف إليها بعض ما يراه مهما في الجواب، ثم اتفقنا على أن أقوم بتنقيحها وتنسيقها وإخراجها في هذا الكتاب [2] .
ولعل أهم ما قمت به في تنقيح هذه الدردشة وإعدادها للطباعة، ما يلي:
1» فصل الكلمات والجمل المتداخلة والمتشابكة عن بعضها البعض.
2» تصحيح الأخطاء النحوية والإملائية.
3» وضع علامات الترقيم.
4» تعديل صياغة بعض الأجوبة مع الحفاظ على جوهر الجواب ومضمونه، وذلك بعد أن استأذنت المهندس الشايب وأخذت موافقته.
ولابد من الإشارة - هنا - إلى عدة أمور:
1. نتيجة لما قام به المهندس الشايب من تعديل في الصياغة، وحذف وإضافة في أجوبة بعض الأسئلة، اختلفت بعض الأجوبة المكتوبة عمّا هو في الدردشة ولو بنسبة قليلة.
2. في الدردشة كانت لي الكثير من التعليقات، إما بمداخلة إثرائية، أو سؤال استطرادي، أو استعلام عن معلومة ذكرت في الجواب، أو إشكال على بعض الإثارات، لكنني لم أذكرها هنا، واكتفيت بالأسئلة العامة المعدة مسبقا.
3. أيضا أعرضت عن نقل ما استشهدت به في الدردشة من أقوال وشهادات وإشادات بالمهندس الشايب وإنجازاته من قبل الآخرين.
4. هناك مجموعة لا بأس بها من الأسئلة لم أضعها في هذا الكتاب لعدم تفريغ أجوبتها، وعدم تفرغ المهندس الشايب للإجابة عليها.
ونظرا لكل ما سبق أصبح من المهم جدا متابعة الدردشة لتكتمل الصورة لدى القارئ الكريم، والدردشة بجميع حلقاتها موجودة على قناتنا في اليوتيوب كما أشرنا.
كما أحب أن أشير أيضا إلى أن من سياستنا في الدردشة أنني أختمها بتقديم هدية تكريمية للضيف الكريم باسم فريق الدردشة، فكانت هديتنا للمؤرخ الرمضان نسخة من كتابي «النقد عند العلامة الفضلي» كما أهدينا الأستاذ حسين الخليفة «بابا خشبيا تراثيا» كتبنا عليه اسم البرنامج وأعضاء الفريق، أما هديتنا للمهندس الشايب فعبارة عن «كتيب» جمعت فيه بعض ما كُتب عنه وعن مشاريعه وإنجازاته، أو أجري معه من لقاءات إعلامية، أو تغطيات صحفية لبعض فعالياته وأنشطته وأعماله، وأهديته إياه باسم الفريق، وذلك في ختام الدردشة معه.
وقد رأيت أن أضع هذا الكتيب هنا بعد أن أضفت إليه ما لم يكن موجودا فيه حين أهديته إياه، كما وضعت بعض الصور التوثيقية المرفقة بها، وقمت بتصحيح ما في بعضها من أخطا نحوية وإملائية من دون المساس بأصل الجمل والكلمات، وذلك لما في هذه المقالات والتغطيات واللقاءات من إشادات بالمهندس الشايب، وبيان لبعض إنجازاته، وما قدمه من خدمات كثيرة وكبيرة على أكثر من صعيد وصعيد، وحفظا لهذه المقالات واللقاءات والتغطيات من الضياع، كونها فقط منشورة في بعض المواقع والصحف الإلكترونية التي من الممكن أن تتوقف أو تغلق في أي وقت لأي سبب.
وكل ما آمله أن أكون قد وفقت في إعداد هذه الدردشة، وإخراجها بالمظهر اللائق، وأن تكون حاوية لما يجمع بين المتعة والفائدة، ومعرّفة بشخصية المهندس الشايب كما هي، وكاشفة ولو عن القليل من خدماته وإنجازاته الكثيرة المتنوعة، كما آمل أن يأتي اليوم الذي أعمل فيه على إخراج الدردشات الأخرى التي كانت مع المؤرخ المرحوم جواد الرمضان، والأستاذ حسين الخليفة، وأن تتاح لي الفرصة لإعادة هذا البرنامج وتوثيق سيرة وحياة شخصيات أخرى هي مستحقة لذلك بكل جدارة، والله الموفق لكل خير.
الساعة الثانية عشرة والنصف بعد منتصف ليلة الجمعة المباركة
2 جمادى الآخرة 1442 هـ 16 يناير 2021م
الأحساء - الجفر