العلاج الشعبي في الماضي
عاش الناس في الماضي الحياة البدائية البسيطة، وكان جل اعتمادهم على الأرض وما تنتجه الطبيعة في الكثير من أمور الحياة، اعتماد الناس على أنفسهم في تلك الحقبة الزمنية جعلهم يمتهنون المهن الشعبية في الكثير من المجالات ومنها العلاج الشعبي.
كان للعلاج الشعبي دوراً كبيراً في علاج الكثير من الأمراض في الماضي، بالرغم من ضعف الحالة المعيشية للناس واعتماد الممارسين للعلاج الشعبي على الأدوات البسيطة والمتوفرة من الموارد الطبيعية كالأعشاب وغيرها، وقد استمر الناس في ممارسة العلاج الشعبي للتداوي إلى حين انشأت المستشفيات في البلاد وصنعت واستوردت مختلف الأدوية الطبية لعلاج الناس.
ارتبط العلاج الشعبي في البلاد بممارسات شعبية قد تكون متوارثة أو عن طريق خبرة في العلاج الذي يمارسونه المتخصصون في العلاج الشعبي مثل: الوَلادة - الحواج - الچواي - المجبر أو المصلوخ - المُخَتِن - الحلاق - وغيرها، في هذا المقال سوف نتكلم عن بعض المهن الشعبية، وأسماء من كانوا يمارسونها وعن أهم ما يمارس من العلاج الشعبي في بلادنا في الماضي.
الوَلاده:
وهي المرأة التي تُحسن التعامل مع حالات الولادة عند النساء في الماضي، حيث لا يوجد مستشفيات تقصدها المرأة الحامل لمتابعة صحة الأم والطفل والعناية بهما خلال أشهر الحمل المتعبة، وكان لجدتي أم والدي المرحومة معصومة إبراهيم الهاشم المعروفة ب ”السيده“ أم أحمد آل سالم وناصر آل سالم وآمنة آل سالم خبرة كبيرة في علاج أمراض النساء والولادة، وكان لديها معرفة بفترة الحمل عن طريق اللمس، وتساعد في تعديل وضع الجنين في بطن أمه.
ولتلك المرأة الجليلة“يرحمها الله”الفضل الكبير للكثير من أبناء وبنات حينا حيث أنها هي من أشرفت على ولادتهم، وفي ذلك الزمان ما أن تشعر المرأة الحامل بألم الولادة إلا وجاء النسوة قاصدين منزل «السيده» طالبين مساعدتها بالإشراف على حالة الولادة، فتقوم بدورها في أي وقت بتوليد المرأة، ولا تغادر المكان إلا والطفل يبكي في يدها لخروجه من بطن أمه إلى هذه الدنيا والناس حوله فرحين مستبشرين بقدومه.
الحواج أو العطار:
وهو بائع الأدوية العشبية الذي يقوم بعمل الخلطات العشبية لعلاج بعض الأمراض، وهناك أسماء لمع اسمها في مهنة الحواجة كا السيد شبر الحواج في جزيرة تاروت وإبراهيم بن جامع في القطيف.
الچواي:
وهو الذي يمارس مهنة الچي وهو مرض متفشي في الماضي يسمى «أبو صفار» وعلاجه يتم بواسطة سيخ من الحديد يحمى بالنار ثم يچوى المريض فوق بعض خرز ظهره، ومن اشتهر في هذه المهنة المرحوم مرزوق المرزوق «أبو موسى» من أهالي الربيعية وكان يمتهن المروخ لكافة مفاصل الجسم، وكذلك الحاجة أم ابراهيم المرحوم من أهالي تاروت رحمة الله عليها كانت تمتهن مهنة الچي ايضا.
المجبر:
وهو الذي يقوم بعلاج الكسور والرضوض وتجبيرها، وكانت تعتمد ”الجبيرة“ في ذلك الزمان على استخدام ”زلال البيض مع العنزروت“ حيث يتم مزجهما ووضعهما في قطعة قماش ثم تلف على المكان المُصاب مباشرةً، وتترك لمدة 15 يوماً تقريباً لكي يركب الكسر، ومن امتهنها في جزيرة تاروت المرحوم الحاج منصور المحاسنة «أبو سلمان» الذي كان يمتهن الحلاقة والتجبير والختان ايضا، وحسن المحاسنة «أبو حبيب» والحاج حسن المخلوق «أبو علي» والحاج عبد المهدي حجيرات «ابو احمد» والحاج حسن على المرزوق «ابو علي»، وكذلك المرحوم الحاج محمد علي المصلوخ من أهالي السنابس.
المختن:
وهو الذي يقوم بختان الأولاد بطريقة بدائية، ومن اشتهر بهذه المهنة في جزيرة تاروت هو المرحوم الحاج محمد أبو شملة «أبو حسين»، والمرحوم منصور المحاسنة «أبو سلمان».
الحلاق:
وهو الذي يمارس مهنة الحلاقة، ومارس هذه المهنة في جزيرة تاروت: المرحوم منصور الغرقان «أبو أمين» والمرحوم حبيب الغرقان «أبو علي» أبناء المرحوم محمد الغرقان، والمرحوم بن جابر الذي تخصص لحسونة كبار السن، وكذلك المرحوم مكي المحاسنة «أبو عبدالرسول».
الحداد:
وهو الذي يعمل في حدادة الحديد ويقوم بصناعة وصيانة ما يحتاجه الناس في الماضي بما يتعلق بالنخلة مثل: المنجل والمحش والسخين والعمود وغيرها، وكذلك فيما يتعلق بالبحارة كصناعة المسامير الخاصة لسفن الصيد، ومن امتهنها في جزيرة تاروت: الحاج عبدالله ال سهوان «أبو عبد» والمرحوم الحاج محمد ال سهوان «أبو جاسم» والمرحوم الحاج حسن ال سهوان «أبو محمد».
ختاماً إن أصحاب المهن الشعبية في الماضي ليس لديهم شهادات في الطب والصيدلة، وإنما جاؤوا بها كمهن متوارثة أو من واقع خبرة وليست بشهادات مزورة كما هو حال الشهادات الطبية المزورة عند بعض الأطباء الذين يلبسون ثوب ملائكة الرحمة زوراً، ويتسببون في إزهاق أنفس بريئة من البشر.