المصالح الفئوية والنزاعات الذاتية تعمق الفجوة بين أبناء المجتمع
عاشت الأمة الإسلامية في العقود الماضية تفجر الهويات المذهبية والدينية، مما أدى إلى بروز حالة من التوحش والصراع على أساس المذهب أو الطائفة أو الدين، وظهور الجماعات المتطرفة والارهابية التي ساهمت في تأجيج الاصطفافات بين مكونات الدين الواحد. هذه الحالة دفعت بالمهتمين بالشأن الديني والاجتماعي بالتحرك في سبيل معالجة هذه الظاهرة الخطيرة التي تهدد السلم الاجتماعي في الأمة، ومن هذه المحاولات هذا الكتاب «الوحدة الإسلامية أسس البناء ومفاعيل الهدم في المجتمع المسلم «الذي سوف نستعرض أبرز الأفكار التي سلط الضوء عليها المؤلف الدكتور عبدالهادي الفضلي، وهو من تحرير ودراسة: حسين منصور الشيخ المهتم بنتاج الدكتور الفضلي، وهذا الكتاب عبارة عن محاضرات ألقاها المؤلف في حياته رحمه الله، وهو من إصدارات مركز آفاق الثقافي.
جاء هذا الكتاب في أربعة فصول ودراسة للمحرر موزعة كالتالي:
وهو عبارة عن دراسة للمحرر حسين منصور الشيخ ناقش أبرز الأفكار التي أشار لها الدكتور الفضلي في الكتاب وجاءت تحت عنوان: مشروع الوحدة وخلفيات التجزئة عند د. الفضلي.
الإسلام وبصائر الوعي.
الوحدة الإسلامية: دراسة في الأسس والمنطلقات.
الوحدة الإسلامية بين النظرية والتطبيق.
الأمة الإسلامية ومشاريع التقسيم.
من المؤسف أن تنساق المجتمعات العربية والإسلامية إلى اقصاء بعضها البعض، ورفض كل طرف للآخر بحجج بعيدة عن مقاصد الإسلام العليا، والرضوخ إلى حرب الأيديولوجيات والأفكار والهويات كما يعبر الدكتور الفضلي حيث يقول:» والعالم اليوم الذي تتقاذفه حرب الأيديولوجيات والأفكار، يحاول كل تسويق فكره بأنه الأعلى قيمة مقارنة ببقية المنظومات الفكرية الأخرى». ومما يؤسف له أيضا تقديم كل هذا باسم الدين، وهذا يساهم في تشويه الدين بسبب البعض سواء من سلوكياتهم أو متبنياتهم الفكرية والمعرفية التي ينسبونها للدين، وكأن الدين يتعارض مع القيم الإنسانية وقيم التنوع والتعدد وقبول الآخر وهذا خلاف الدين وسماحته يشير الدكتور عبدالهادي الفضلي:» ومما يؤسف عليه أن يقدم الفكر الديني على أنه يتعارض والقيم الإنسانية التي يوضع في مقدمتها الحريات الفكرية والشخصية».
يعتقد البعض أن التشرذم والاختلاف الذي تعيشه المجتمعات الإسلامية سببه الرئيس الاختلافات الفقهية لكل مذهب وطائفة لكن الدكتور الفضلي له رأي مغاير ومختلف هو لا ينفي دور الفقه واستثمار البعض له في تأجيج الصراعات الطائفية بين الأطراف والمكونات في المجتمع الإسلامي هو يرى أن المصالح الفئوية والنزعات الذاتية هي من يعمق الفجوة بين أبناء المجتمع، ويزيد من حدة الصراع والتفكك حيث يقول:» إن ما نراه اليوم من اختلاف وتشرذم لا ينبع - عادة - من الاختلافات في الفروع الفقهية، وإنما هو نابع من النزعات الذاتية والمصالح الفئوية الضيقة التي لا تضع أمام أعينها ما يمكن أن تحققه الوحدة بين أبناء الأمة من مصالح أكبر للجميع، وما تجلبه من قوة اقتدار لمجتمعاتنا من شأنها أن تنهض بواقعنا مما نحن فيه من تخلف وتأخر حضاري وفكري ومدني وثقافي وعلمي».
أن تتعدد هوية الفرد أو الجماعة وتتنوع لا يعد مشكلة تسبب القلق والتوتر عند بقية الأفراد أو الجماعات الأخرى، لأن هذا من الأمور الطبيعية في أن يمتلك الانسان أكثر من هوية وانتماء، لكن الغير طبيعي هو أن يتعصب الفرد أو الجماعة لتلك الهويات والانتماءات، وتكون مصدر انقسام وتفكك اجتماعي يهدد السلم المجتمعي هنا مكمن الخطورة التي يتوجب معالجتها ووضع التشريعات القانونية للحد منها وحماية المجتمع من آثارها السلبية والمدمرة يقول الدكتور الفضلي:» وكان من المفترض أن تظل هذه الانتماءات مجرد أوصاف معنوية يعرف بها الانسان كما يوصف بأي وصف من شأنه أن يميزه عن بقية مماثليه من بني جنسه ونوعه... وإنما تحولت في كثير من المواقع إلى نوع من التفاخر والتعالي من قبل طبقة تجاه طبقات أخرى».