سلامة المرضى والطب الدفاعي مهددان للأنظمة الصحية
تطورت آلية الشكاوى في الصحة، ومع التأجيج الإعلامي للأخطاء الطبية والتوعية بحقوق المريض، والاستفادة، التي يجنيها المحامون وشركات التأمين من الدعاوى الطبية زادت عدد الشكاوى من الأخطاء الطبية، التي تحمّل الأطباء غالبا المسؤولية وتعرضهم للتحقيق والمساءلة والمقاضاة المستنزفة معنويا وماديا للطبيب، الذي حتى لو أثبتت براءته، فآلية التقاضي عن الدعاوى الكيدية أو رد الاعتبار للطبيب المتهم تعد حقا خاصا لا تتدخل فيه المنشأة، التي يتبع لها الطبيب، ولا هيئة التخصصات الصحية المعنية بترخيص الأطباء.
يتظلم الأطباء من الشكاوى، التي لا تفرق بين الخطأ الطبي بتعريف نظام مزاولة المهن الطبية «المادة السابعة والعشرون» من نظام مزاولة المهن الصحية السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/59 بتاريخ 11/ 4/ 1426 هـ ، ومضاعفات المرض أو العلاج، أو عدم رضا المريض لأي سبب كان، وما يقابله من سوء التصرف والتحيز للمرضى من الجهات، التي تستقبل الشكاوى، ذلك ما أدى لانتشار الطب الدفاعي في الدول المتطورة في نظام القضاء، وهذا ما يؤثر على جودة وسلامة الخدمات الطبية المقدمة، ويرفع من الكلفة العلاجية على المرضى، وينهك الاقتصاد الصحي في المنشآت الصحية المجانية واللاربحية بسبب طلب اختبارات تشخيصية أو علاجات وجراحات ليست ضرورية أو رفض علاج المرضى بالأمراض العالية المخاطر يقصد منها حماية الطبيب من المساءلة، والاستجابة لطلبات المرضى تجنبا لشكاويهم كي يحدوا من تعرضهم لدعاوى أو الاضطرار للتوقف عن ممارسة الطب أو التقاعد المبكر وخسارة كفاءات طبية.
مؤخرا قرر المجلس الأعلى للقضاء إحالة جميع الدعاوى المقيدة لدى الهيئات الصحية الشرعية ولم يُبت فيها إلى المحكمة المختصة إلى القضاء العام من خلال الأنظمة المتبعة في وزارة العدل.
ومع تراجع وزارة الصحة عن التشغيل والتنفيذ والانتقال إلى شركات الصحة القابضة سيقل دور الوصاية والحماية للمنشأة، وهذا ما يحتم التآزر لتغيير التأمين بعروض تغطي المنشأة بشمولية تحفز التنافسية، وتقنن من اللجوء إلى الطب الدفاعي عبر تعديل اللوائح القانونية الصحية ومراقبة تنفيذها في المحاكم الطبية، وتسهيل آلية رد الدعاوى الكيدية ومقاضاة المحرضين والشكاوى بناء على الظن وبدون أسانيد إثبات.