آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 11:58 م

نحو مجتمع أهلي عربي إسلامي جديد

محمد المحفوظ *

  مفتتح

تتداخل عدة معطيات وقضايا عند تناول مسألة المجتمع الأهلي  المدني في الفضاء المعرفي العربي والإسلامي. منها ما هو مرتبط بالظرفية التاريخية التي تأسس فيها هذا المفهوم ودلالاته السياسية والمعرفية والإجتماعية، ومنها ما يرتبط بالحمولة الفلسفية والثقافية لهذا المفهوم الذي نشأ وتأسس في بيئة معرفية مغايرة لبيئتنا الثقافية والحضارية، ومنها ما يرتبط بجدوى هذا المدخل في تطور المجتمعات العربية والإسلامية.

وعلى هذا نستطيع القول: أن دراسة المجتمع الأهلي  المدني تنتمي إلى حقول معرفية متعددة، وذلك لأن مفهوم المجتمع الأهلي يتعدى الحقل السياسي، ويتداخل مع الحقول الإجتماعية والإقتصادية والثقافية. ودائما فعالية المجتمع الأهلي  المدني في تجارب الأمم والحضارات، مرهونة إلى حد كبير بمستوى الوعي ونوعية الثقافة السائدة، وطبيعة النظام السياسي والإقتصادي السائد.

فإذا كان الوعي بالحاجة إلى الديمقراطية والمشاركة في الشأن العام عميقا، فإن فعالية القوى الأهلية  المدنية ستكون قوية وصلبة ومستديمة. كما أن الثقافة المسؤولة وذات الآفاق الإنسانية والحضارية، ستحفز المجتمع على ممارسة أدواره ووظائفه الحضارية.

والنظام السياسي المتسامح، المؤمن إيمانا عميقا بالفعل المؤسسي، وبقيم التعددية والديمقراطية وحقوق الإنسان وحرياته الأساسية فإنه سيساهم في تطوير الحقل الأهلي  المدني، ويزيد من فعاليته، ويكثف من أدواره ووظائفه. وغالبا مستوى التطور الإقتصادي، يساهم ويؤثر في فعالية القوى الأهلية  المدنية. إلا أن الشيء الأساسي الذي ينبغي التأكيد عليه في هذا المجال، هو أن تأثير هذه العناصر ليس حتميا. بمعنى قد يتوفر الوعي بضرورة المشاركة، إلا أن عوامل أخرى سياسية  إقتصادية  دولية أو ما أشبه تحول دون تطوير الحقل الأهلي  المدني في الأمة.

لهذا فإن العامل الحاسم في تأثير هذه العناصر، هو إرادة المجتمع والأمة، وكفاحها الدائم من أجل إنتزاع حقوقها والدفاع عن دورها التاريخي. فالأمة التي تمتلك إرادة الفعل، وتمارس إرادتها وتدفع ثمن ذلك، فإنها أمة ستحتضن مجتمعا أهليا متقدما وفاعلا. وذلك لأن الحقوق دائما لا توهب ولا تعطى وإنما هي تؤخذ وتنتزع، ويتم الوصول إليها عن طريق توفير الظروف الذاتية والموضوعية المؤهلة للممارسة المدنية المتطورة والمتقدمة. فالحقل المدني  الأهلي لا يتطور في الأمم صدفة، وإنما هو وليد جهد وجهاد دائم ومستديم يتجه صوب تفعيل دور الأمة والمجتمع في العمران الحضاري، فهو في حالة تكوّن مستمر.

لذلك فإن يقظة الأمة، وإستمرار نشاطها وشهودها الحضاري، هو حجر الأساس في إستمرار تطور وفعالية الحقل المدني  الأهلي. وفي الإتجاه نفسه، فإن فعالية المجتمع المدني  الأهلي في الدائرة العربية والإسلامية، هو أحد تجليات ومصاديق شهادة الأمة على راهنها وعصرها.

  في المفهوم والمضمون

1 - إن المجتمع المدني  الأهلي، ليس بديلا عن الدولة العادلة، والتي تأخذ على عاتقها مسؤولية البناء والتنمية. وإنما هو مكمل للدولة في الوظائف والمسؤوليات.

ويخطأ من يرى أن مقولة المجتمع المدني  الأهلي وضرورة تنميته وتطويره، يعني التخلي عن الدولة وضروراتها. فالمقصود بالمجتمع المدني  الأهلي جملة ”المؤسسات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية التي تعمل في ميادينها المختلفة في إستقلال عن سلطة الدولة لتحقيق أغراض متعددة، منها أغراض سياسية، كالمشاركة في صنع القرار على المستوى القومي، ومثال ذلك الأحزاب السياسية، ومنها أغراض نقابية كالدفاع عن المصالح الإقتصادية لأعضاء النقابة، ومنها أغراض مهنية كما هو الحال في النقابات للإرتفاع بمستوى المهنة والدفاع عن مصالح أعضائها، ومنها أغراض ثقافية كما هو في إتحادات الكتّاب والمثقفين والجمعيات الثقاقية التي تهدف إلى نشر الوعي الثقافي وفقا لإتجاهات أعضاء كل جمعية، ومنها أغراض إجتماعية للإسهام في العمل الإجتماعي لتحقيق التنمية“[1] .

فالمجتمع المدني  الأهلي، هو تعبير عن مساهمة الأمة بمختلف شرائحها وفئاتها في الشأن العام، وفي المقابل حتى لا تطغى إرادة الدولة وتتحول إلى كيان مستبد، يلتهم الجميع، ويسعى نحو إذابة كل التعبيرات الذاتية للأمة.

فالمجتمع المدني  الأهلي يعني ممارسة الأمة لدورها في البناء والعمران، كما أنه وسيلة الأمة لمنع تغوّل الدولة وطغيانها.

والمسألة ليست مقايضة بين الدولة والمجتمع الأهلي، وإنما هي الطريقة التاريخية والحضارية لتحقيق التوازن والتفاعل والتكامل المنشود بين الدولة والأمة. وهو الذي يوفر للأمة إمكانية الإختيار السياسي والحضاري. وهذا هو الذي يؤسس الحكم على إختيار شعبي حر، ويضعه في كل الأحوال تحت المراقبة المستمرة لقوى المجتمع المدنية  الأهلية.

”وكلما غلبت المدنية على شعب زاد تمسكه بحقوقه في إختيار السلطة العمومية، وزادت مشاركته في صنع القرار المتعلق بمصيره الجماعي والفردي. وإذا كان غياب الديمقراطية في الوطن العربي قد نجم في البداية عن عوامل تاريخية وإجتماعية وأيدلوجية عديدة ومعقدة، أهمها إرادة التغيير السريع ومواجهة التهديد الإسرائيلي فقد أصبح غياب هذه الديمقراطية اليوم سببا أساسيا من أسباب وقف التغيير وحبس التقدم وتدهور الموقف العربي عموما تجاه إسرائيل والنفوذ الأجنبي. فهو في أساس الحرب الأهلية الكامنة والمعلنة داخل المجتمعات العربية ومصدر فساد النخب السائدة وإستهتارها بالمصالح العامة وتخليها عن القضية القومية وتفرغها للإثراء الفاحش“[2] .

فالحركية الأهلية المتجهة إلى تطوير الحقل المدني  الأهلي في الأمة أضحت ضرورة قصوى، لما يقوم به هذا الحقل من نقد واقعي لأسس الإستبداد والفردية والحكم المطلق، ولما يشكله هذا الحقل من قدرة إستيعابية لمختلف الفئات والشرائح الإجتماعية. ”وبالنسبة للوضع الراهن في الوطن العربي، المشكلة ليست في غياب المجتمع المدني كوحدة خاصة مستقلة عن الدولة وإنما المشكلة تكمن في نزوع الدولة الدائم إلى إلغاء أي إستقلالية على أي مستوى كان لهذا المجتمع المدني، أي أن المشكلة هي في رغبة الدولة في التدخل في الكبيرة والصغيرة لهذا المجتمع، وإلغاء القدرة الخاصة بالتنظيم الذاتي له. والنتيجة هي خنق المجتمع، أي سد كل المتنفسات الذاتية له، وتحول الدولة إلى جدار من الصقيع يلغي أي إرادة داخلية للمجتمع“[3] .

فالأزمة لا تكمن في غياب نواة المجتمع المدني  الأهلي في الفضاء العربي والإسلامي، وإنما في تغوّل السلطة وإستبداديتها والمنطق الأمني الذي يتحكم في كل المسارات والإتجاهات.

فالمضمون الجوهري لمفهوم المجتمع المدني  الأهلي، هو شعور عميق ومتواصل بذاتية المجتمع، وقدرته على تنظيم نفسه وممارسته للحريات، وحماية ذاته من كل النزعات التسلطية، وعوامل التهميش والإقصاء والنفي سواء جاءت من الداخل أم الخارج.

2 - ويعني المجتمع المدني  الأهلي، نمط من العلاقات الإجتماعية والسياسية والثقافية، قائم على العمل المؤسسي، متجاوزا بذلك كل الأنماط والسياقات الإجتماعية والسياسية والثقافية، التي لا تخرج عن واقع الأنا الضيق، وتسعى نحو تحجيم نشاطها في إطار من الإمكانات الشخصية بوحدها. فكل نمط مؤسسي، يمارس فعلا إجتماعيا عاما أو سياسيا أو ثقافيا، فهو جزء من مفهوم المجتمع المدني  الأهلي.

3 - تنظيم المجتمع وقدرة القوى الإجتماعية المتعددة في المنطلقات والغايات، على إرادة تنافسهما وعملهما في محيط إجتماعي محدد بوسائل سلمية  حضارية.

فالشأن العام في المجتمع، يدار عن طريق قوى إجتماعية تتكامل مع بعضها البعض بشكل مباشر أو غير مباشر، وتتنافس مع بعضها بوسائل تثري الواقع المجتمعي وتنضجه وتزيد من خبرته في إدارة تنافس أبناءه أو صراعهم.

وأساس هذا التنظيم المجتمعي، والتنافس السلمي في إدارة الشأن العام، هو تفعيل القواسم المشتركة بين هذه القوى، والتسالم والتراضي على جملة من المنطلقات والغايات التي تكون تطلع الجميع، حتى وإن إختلفت أساليب الوصول، وتعددت وسائل التعبير عن هذه المنطلقات والغايات.

فالمجتمع المدني  الأهلي هو عبارة عن الإطار المؤسسي لممارسة المسؤولية الدينية والوطنية. وسمة هذا التنظيم المجتمعي أنه ذاتي، أي أن سعي المجتمع إلى تنظيم نفسه في أطر ومؤسسات وجمعيات وهيئات، يتم بإمكانات المجتمع ذاته، ومن أجل تحقيق غاية مجتمعية أيضا.

فالدعوة إلى تقوية المجتمع المدني  الأهلي، تعني العمل على ”محاصرة للدولة وسلطتها المطلقة، وهو إحياء للمبادرات القاعدية وبث للروح في المؤسسات والمنظمات والتضامنات الشعبية المختلفة“[4] .

وبهذا تكون الأولوية هي تعظيم دور الأمة والمجتمع، ومنع تغوّل الدولة وتحولها إلى كيان شمولي، والعمل على تحريك كل فئات المجتمع وشرائحه في عملية البناء والنهضة. وبالتالي تكون الأولوية لتأسيس مجتمع عربي  إسلامي فاعل يمارس دوره ويتحمل مسؤولياته التاريخية، ويقوم بحمل مشعل التقدم والنهضة، ويشارك بفعالية في تذليل كل العقبات التي تحول دون التقدم الشامل.

وأهلنة المجتمع «إذا جاز التعبير» ليست شعارا أو يافطة، وإنما هي وعي ورؤية وإرادة ونظام مجتمعي يتجه صوب «الأهلنة» في كل الحقول والمجالات.

وتنمية المجتمع الأهلي اليوم، هو سبيل الأمة لصيانة حقوق الإنسان وكرامته، وطريقها للإسراع في مشروع التنمية الشاملة وخيارها الإستراتيجي لزيادة مستوى المشاركة الشعبية في الشؤون العامة، وهو الرافعة الحقيقية اليوم لأهداف الأمة الكبرى وقضاياها المصيرية والحاسمة.

 الإسلام والمجتمع الأهلي

هناك علاقة وثيقة بين المدينة والإسلام، إذ إرتبط الإسلام منذ إنطلاقته الأولى بالمدن وحواضر الجزيرة العربية، وتأكد هذه الإرتباط مع هجرة الرسول ﷺ إلى يثرب التي سارع رسول الله إلى تسميتها بالمدينة. فعلاقة الإسلام بالمدينة والحواضر علاقة حميمة، إذ أن مجموع قيمه ومبادئه تدفع نحو الإقامة والإستقرار النفسي والإجتماعي. وقد قال تعالى ﴿الذين أمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب. [5] .

ومن المؤكد أن الإقامة والإستقرار الذي يوفرهما الدين الإسلامي، من الشروط الضرورية لتأسيس المدينة وفق قواعد ومتطلبات تزيد من فعالية الناس وحيويتهم الحضارية.

والمدينة أو الحاضرة لم يجعلها الإسلام بلا قانون وترتيب إداري يساهم في تنظيم شؤون المدينة من جميع النواحي، وإنما عمل على تنظيم شؤون المدينة، ودفع بإتجاه الحشد وإستكمال الجماعة، وحارب كل النوازع التي تحول دون إستقرار المدينة وتطورها النفسي والإجتماعي والحضاري. ويبقى خيار الإسلام الأول إنطلاقا من رؤيته وخبرته وعلاقته بالمدينة والحواضر، أنه يسعى إلى تمدين الريف وغرس القيم المدنية والحضارية في محيطه وأجوائه. عكس الخيار المتبع عند الكثير من المدارس والأنظمة اليوم، التي فرضت خياراتها ومشروعاتها الإقتصادية والإدارية والإجتماعية ترييف المدن والحواضر، وذلك عبر المجتمعات الهامشية وأحزمة البؤس ومجتمعات الصفيح التي تشكلت في ضواحي المدن.

فالخيارات الإقتصادية والتنموية المتبعة، هي التي أرغمت أبناء الريف والقرى إلى الهجرة القسرية إلى المدن والحواضر بحثا عن لقمة العيش.

والإسلام هنا لم يلغ نظام الطاعة الطبيعي، إلى الأسرة، العشيرة، القبيلة، وإنما جعل طاعتهم في سياق طاعة الشريعة والإلتزام بقيمها ومبادئها. ولقد جاء في الحديث الشريف «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق»[6] .

فالإسلام أسس مفهوم الطاعة على أسس جديدة، ومعايير متعالية عن معايير التراب، فالطاعة أضحت مع الإسلام إلى الشريعة وليس إلى أي معيار آخر. ولا شك أن طاعة الشريعة والإلتزام بقيمها وترتيب المواقف والخيارات وفق هديها، هو من الشروط الأساسية للإستقرار السياسي والحضاري، وخلق المجتمع المدني  الأهلي في المجالين العربي والإسلامي.

والطاعة وفق هذا المنظور، هي التي تصهر التمايزات أو تجعلها في سياق الوحدة والبناء والإنفتاح والتسامح، بدل أن تكون وسيلة وسببا للإنكفاء والإنعزال والتفتت والإنخراط في مشروعات تجزيئية، تزيد من ضعف الأمة على المستويين السياسي والحضاري.

وفي التاريخ العربي والإسلامي، نرى نموذج الحالة المدنية في فعاليات المدينة الإسلامية، والدينامية الإجتماعية التي عبرت عن نفسها بأشكال من التوازن بين التدخل السلطاني، الذي يتمثل في مؤسسات الوالي والقاضي والمحتسب وصاحب الشرطة، وبين الحاجات الإجتماعية «المدنية» التي عبرت عن نفسها بإبتداع أشكال من المؤسسات التي تقوم بمارسة دورها في هذا الصدد. ”فالنشاط المديني الذي تركز بشكل أساسي في الإنتاج الحرفي والتجارة انتظم في «الأصناف»، وهذه الأخيرة هي تنظيمات إجتماعية تراتبية متماسكة، كل تنظيم فيها يُعبر عن أهل حرفه من الحرف. والملاحظ أن التنظيم «الصنف» الذي يدعوه البعض الطائفة، يعتمد تراتبية أهل الصوفية إبتداءً من المبتدىء «المريد» إلى الصانع، إلى المعلم، إلى شيخ الحرفة … إلى شيخ السوق. وبين كل مرتبة تقوم أعراف وطقوس وأخلاقيات وتقنيات تعبر بدورها عن التفاوت الحاصل بين كل مرتبة ومرتبة في المعرفة والقيمة، أي وفقا لدرجات تحصيل أو معرفة «سر المهنة» الذي أضفي عليه الطابع القدسي  الديني“[7] .

فالروح والتراتبية المعنوية، اللتان يبثهما النشاط المديني تشكلان نقطة الإنطلاق والتطوير للمسألة المدنية في المجالين العربي والإسلامي.

إذ أن تراث العرب والمسلمين التاريخي في هذا الإطار، ثري، ومتوفر وذو مضمون عميق على مستوى التجربة التاريخية، والخبرة التي أوجدها في النسيج المجتمعي. وذلك لأن التحولات القسرية أو الفجائية، يصحبها تمزق إجتماعي رهيب، لا يجعلها منتظمة في سياق متكامل، وإنما يحولها وكأنها جزيرة معزولة عن المحيط العام.

والذي يؤكد هذا الإتجاه «الإنطلاق من التجربة المدينية العربية والإسلامية لتنمية مؤسسات المجتمع المدني  الأهلي في الفضاء العربي والإسلامي» هو أن القيم المدنية والدينية في الإطار الإسلامي منصهرة فيما بينها، وهناك تطابق محمود بين القانون الديني والقانون المدني في التجربة الإسلامية التاريخية. وإنطلاقا مما يذكره «دونالد سميث» حول الفرق بين النظم العضوية ونظم الكنيسة الدينية، يمكن إعتبار الإسلام دينا عضويا، وذلك لأنه يتضمن قيما ومبادىء تعلي من الشأن المدني والإنساني، وهذه القيم هي التي تحدث قفزة نوعية في علاقة الإنسان بالمكان والزمان، وعلاقته مع بني جنسه، لذلك فإن ”المديني في جميع أشكاله القديمة والحديثة يظهر كواقع جديد، أو كنتيجة لتمفصل النظام الإجتماعي والنظام المكاني. بين العلاقات الإجتماعية والعلاقات المكانية رباط جدلي لا يمكن إختزاله إلى أحد طرفيه، وإذا صح أن نسمي الواجبات الإجتماعية نظاما فإن حيز المدني، حيز الظروف الجديدة، يشكل بذاته نوعا من التجاوز، أي عامل تغيير وتحقق. من هنا فإن المدينة لا تعكس بشكل سلبي نظاما معينا، ولكنها تلعب أيضا دورا نشطا في تحويل هذا النظام ذاته وفي إستخدامه، فهي تنظم جملة من الإحتمالات والمحظورات التي في ظلها يتطور أفراد وجماعات وأقوام يرسمون إستراتيجيات مختلفة لتحقيق أهداف خاصة أو جماعية“[8] .

ويبدو لي أن القفزة النوعية، التي تحدثها القيم المدنية في النسيج المجتمعي، هي التي تبرز كطاقة خلاقة متجهة إلى بناء واقع إجتماعي يتمثل هذه القيم على مستوى علائقه المختلفة، ويتجسد كنموذج يطمح إلى التوسع والإمتداد، بحيث يكون هو النسق الإجتماعي السائد. وعلى هدى هذا نستطيع أن نقول: أن المسألة المدنية كقيم متجسدة في حركة الإنسان الخاصة والعامة، وكشبكة للعلاقات الإنسانية، لا يمكن فهمها خارج السياق التاريخي لواقعنا ومجتمعنا.

لهذا نحن بحاجة دوما إلى البحث عن الإطار والقاعدة اللتين تحتضنان هذه القيم وتطورها في المحيط العام. وبكلمة يبقى الإسلام شرطا ضروريا لتأسيس المجتمع المدني  الأهلي وتطوير آليات عمله في المجالين العربي والإسلامي. وذلك بفعل أن الإسلام يعظم دور الأمة والمجتمع في العمران الحضاري، ويجعل الدولة مؤسسة من مؤسسات الأمة وليس العكس. ولا ريب أن المدخل الفعال لدراسة المجتمع المدني  الأهلي وموقف الإسلام ودوره في هذا الإطار، هو أن المجتمع المدني  الأهلي جزء من الأمة التي يوليها الإسلام العناية الكاملة، ويجعلها قطب الرحى في عمليات البناء والتنمية.

وإن التجربة التاريخية الإسلامية، تشكل حافزا حقيقيا وتجربة ثرية تساهم في بلورة خياراتنا تجاه صوغ مجتمع أهلي عربي  إسلامي جديد، يأخذ على عاتقه تجديد الحركية الإجتماعية الإسلامية، ورفدها بروافد جديدة وإغناءها بخبرات وإمكانات جديدة أيضا.

وهذا المجتمع المدني  الأهلي سيشارك في إعطاء عالم الإسلام اليوم شخوصه العالمية في كل مجال وفي المنابر كافة، ويتيح لعالمنا الإسلامي المساهمة الجادة في تكريس نظاما عالميا جديدا أكثر تسامحا وإيمانا ومسؤولية وحرية.

والمصادر الإسلامية تنطوي على قيم عديدة، تحفز على العلم والعمل وإعمال العقل والسعي لإعمار الأرض، والإرتقاء بالحاجات المتعددة للإنسان. وكل هذه القيم تمثل جوهر المجتمع المدني  الأهلي الإسلامي.

فتحقيق المجتمع المدني  الأهلي بالمفاهيم المجردة أمر غير ممكن، وإغفال التجربة التاريخية الإسلامية في هذا المجال، لا ينجز مشروع إنماء المجتمع المدني  الأهلي الإسلامي، وإنما يزيد من تخبطنا وترددنا.

لذلك من الضروري إستدعاء التجربة التاريخية الإسلامية الأهلية، ومساءلتها للتعرف على منطق عملها وحيويتها وأدوارها، وإشراك القوى الإجتماعية في إنجاز برنامج إنماء المجتمع المدني  الأهلي الإسلامي.

فالحركية الأهلية لا تتواصل وتتراكم بمعزل عن قوى المجتمع الحية، بل هي التي ترفد الحركية الأهلية بإمكانات التواصل وأسباب الإستدامة.

فالقوى المجتمعية هي صانعة المجتمع المدني  الأهلي وهي هدفها في ذات الوقت. حيث الغاية هي تطوير هذه القوى على المستوى النوعي والكمي، حتى تشارك في العمران الحضاري.

والقدرة على الإستدامة والتطوير أمام تحديات الراهن المتعددة، لا تتأتى إلا بحيوية المجتمع المدني  الأهلي الإسلامي وفاعليته وتحمله لمسئولياته الدينية والوطنية.

وإن هذه الحركية الأهلية لا تأتي جاهزة، وإنما هي بحاجة إلى بناء نظري وعملي وممارسة مجتمعية مستديمة تبلور الوسائل الملائمة والإستراتيجيات الفعالة التي توصلنا إلى حركية أهلية مؤسسية تتجاوز الأشخاص، وتستمر في العمل والعطاء وفق نسق مؤسسي متطور.

وفي المجال العربي والإسلامي المعاصر، لا زال هناك الكثير مما ينبغي عمله، حتى يترسخ العمل المؤسسي المدني  الأهلي، وتسير مجتمعات هذا المجال الحضاري في تجاهها.

”وإن المواطنية هي التمتع بالحرية السياسية، أي بحق المشاركة من مستوى الندية، والمساواة في تقرير مصير الجماعة الإنسانية. ولا وجود لحرية سياسية دون وجود علاقة وطنية، أي أمة، وإندماجا سياسيا  ممارسة سياسية عملية  في الجماعة. إن النزوع إلى الحرية، وإلى بناء الأمة كإطار للإندماج والمشاركة الجماعية في مستوى الندية وتحمل المسؤولية الجماعية، هو أحد محركات وحوافز التغيير الرئيسية اليوم في منظومات قيم المجتمعات العربية وهو بذرة ثورية ممكنة، ولا بد من الرهان عليها، في بناء الديمقراطية كإطار لعلاقة إجتماعية جديدة، مؤسسة على الإعتراف الفعلي بالمواطنية“.

ويضيف إلى أنه ”أصبح العمل من أجل الحرية والتماهيات المدنية والسياسية، يساوي العمل من أجل بناء الصدقية الذاتية وتأسيس الفاعلية، أي إحترام الذات والنظر إلى النفس كمستودع لقيم إيجابية. ولعل هذا الطلب المتزايد على المواطنية، أي على بناء وطنية حقيقية قائمة على تأسيس علاقات تضامن وإعتراف متبادل وتعاون شامل، لا تذوب في الشعارات الخارجية أو التعبئة السياسوية، هو اليوم النبع الأعمق للنزعة الديمقراطية“[9] .

ويوفر المنظور الإسلامي ثقافة توحيدية، تناقض المسار الإنشقاقي والتمزيقي، وتسعى إلى زيادة الروابط ومستوى التعاون بين أبناء المجتمع الواحد، وتؤسس ذلك على قاعدة أخلاقية سامية من حسن الظن والتواضع ومساواة الذات مع الآخر ونزع الغل والأحقاد من النفوس والقلوب.

ومن الطبيعي القول: أن إنحسار الثقافة الإنشقاقية والتمزيقية في المجتمع، يساهم بشكل كبير في توطيد أركان الحقل المدني  الأهلي، ويزيد من فعاليته وأداءه.

نحو تسوية تاريخية

ستبقى الأمة العربية والإسلامية بعيدة عن دورها التاريخي، مادامت العلاقة متوترة بين الأمة ومشروع دولتها. والحل ليس في خضوع الأمة لمشروع الدولة الناقص والقاصر عن تأدية وظائفه الكبرى والحضارية. ودفع الأمة إلى ممارسة خيارات ليست سلمية وحضارية في إنجاز مطامحها من مشروع الدولة، يكلف الجميع الكثير من الطاقات والإمكانات والثروات والأرواح. وتجارب الحروب الأهلية المؤلمة التي جرت ولا زال بعضها مستمرا في بعض البلدان العربية والإسلامية، ليست ببعيدة عنا، بل إن تداعياتها وأثارها طالت جميع مناطق المجال الحضاري للعرب والمسلمين.

النظام والأمن من ضرورات الوجود الإنساني، ولكن حفظ النظام وإستتباب الأمن لا يتأتى عبر قمع الأمة والمجتمع، وإقصاء القوى الحية فيهما عن ممارسة دورهما التاريخي. وإنما عبر إيجاد علاقة تعاقد جديدة بين النظام والمجتمع، بين الدولة والأمة، تأخذ هذه العلاقة في الإعتبار كل متطلبات الأمة الحضارية والسياسية، كما تحترم ضرورات الإستقرار. و”فكرة الشورى، فكرة حفظ النظام بالتوافق لم تخطر على بال أي دولة حاكما وحكومة، وأجهزة، الخيار الذي يقال أو لا يقال، لكن يفهم دائما بوضوح هو: إما نحن أو الفوضى. أما أن نشترك معا في إقرار النظام، المشروع التاريخي، المشروع السياسي العام، المشروع السياسي العالمي، المشروع الحضاري فلم تعد الأمة تطلبه من الدولة، إنما تمارسه بطريقتها الخاصة أو لا تمارسه نتيجة لعجزها، رجع إلى مكانه إلى كونه مشروع الأمة، ولكن المشروع الخاص الذي يتناول الحياة المادية اليومية للمواطن، هذا المشروع أيضا فشلت فيه الدولة تماما“[10] .

فحفظ النظام والأمن لا يتأتيان إلا بتوافق الدولة والأمة، ودون ذلك ستبقى ساحة العالم العربي والإسلامي مليئة بالحروب والتوترات وعلاقات الصراع المدمرة.

وهنا ينبغي التفريق بين الدولة القوية والدولة القمعية، نحن نرى أن تطور المجتمع المدني  الأهلي النوعي مرهون أيضا بوجود دولة قوية ذات بعد مؤسسي. والقمع وإستخدام سياسة تكميم الأفواه ليس مؤشرا من مؤشرات الدولة القوية، بل من مؤشرات الدولة القمعية.

ونحن نرى أن الدولة القوية، تبنى من خلال العلاقة الإيجابية بين الدولة والمجتمع. أما إنفصال الدولة عن المجتمع ولجوء الدولة لجبر هذا الإنفصال ببناء مؤسسات للقمع والإرهاب، فإنه لا يصنع دولة قوية، بل يؤدي إلى بناء نموذج لدولة قمعية، تمتص كل إمكانات الدولة والمجتمع في بناء أجهزة ومؤسسات تزيد من إرهاب الناس وإقصائهم من الفعل الحضاري.

وعلم الإجتماع السياسي المعاصر، يفرّق اليوم بين الدولة القوية والدولة القمعية، ويرى أن الدولة التي تلتحم في خياراتها ومشروعاتها مع مجتمعها وشعبها هي الدولة القوية، حتى لو لم تمتلك موارد طبيعية هائلة. فالدولة القوية حقا، هي التي تكون مؤسسة للإجماع الوطني وأداة تنفيذه. وتنبثق خياراتها وإرادتها السياسية من إرادة الشعب وخياراته العليا.

ولا ريب أن الدولة القمعية بتداعياتها ومتوالياتها النفسية والسياسية والإجتماعية، هي من الأسباب الرئيسة في إخفاق المجتمعات العربية والإسلامية في مشروعات نهضتها وتقدمها. لأنها تحولت إلى وعاء كبير لإستهلاك مقدرات الأمة وإمكاناتها في قضايا الإستزلام والمجد الفارغ والأبهة الخادعة، ومارست كل ألوان العسف والقهر لمنع بناء ذاتية وطنية مستقلة.

ومؤسسات الأمة في التجربة التاريخية الإسلامية، كانت تمارس دورا أساسيا في تنظيم حياة الناس السياسية والإقتصادية والثقافية والإجتماعية. ويتكثف دورها ويتعاظم في زمن إنحطاط الدول أو غيابها أو هروبها من مسؤولياتها تجاه الأمة.

وفعالية الأمة السياسية والثقافية والحضارية، من الأمور الهامة على مستوى الغايات التي تتوخاها المنطقة العربية والإسلامية، وعلى مستوى العمران الحضاري. إذ أن الأهداف الكبرى التي تحتضنها الأمة وتتطلع إلى إنجازها وتنفيذها، لا تتحقق على مستوى الواقع إلا بفعالية الأمة وحركتها التاريخية وتجسيدها لقيم الشهادة.

والمجتمع المدني  الأهلي، هو أحد جسور الأمة لإنجاز تطلعاتها وتنفيذ طموحاتها. لذلك من الأهمية بمكان العمل على تطوير ثقافة مدنية  أهلية، تبلور مسؤوليات المجتمع، وتحمله دورا ووظائف منسجمة واللحظة التاريخية.

وإن تجذير هذه النوعية من الثقافة في المحيط الإجتماعي، سيضيء سبلا هامة لمبادرات المجتمع ورياديته في العمران الحضاري. وذلك لأن هذه الثقافة ستنشط من حركية المجتمع وتزيده تماسكا في طريق البناء والتنمية، وتعزز بعضه بعضا، وتعمق في نفوس أبناء المجتمع الثقة والفعالية والإنفتاح على الأفكار والتجارب الجديدة، والمرونة التي لا تعكس ضعفا وهزيمة، وإنما مرونة قوامها الثقة بقدرة الآخرين على المشاركة في البناء، والتسامح حيال الإختلافات والمواقف القلقة والملتبسة.

وإن الوصول إلى مجتمع عربي  إسلامي جديد، يأخذ على عاتقه مسؤولية التاريخ والشهادة على العصر، بحاجة إلى تنشئة ثقافية وسياسية جديدة، تغرس في عقول ونفوس أبناء المجتمع قيما جديدة تنشط الحركية الأهلية، وترفده بآفاق جديدة، وإمكانات متاحة، وتطلعات حضارية. والتنشئة الثقافية والسياسية، من الوسائل الهامة التي تساهم في تطوير الحقل المدني  الأهلي في الأمة. وإن شبكة العلاقات الإجتماعية، كلما كانت متحررة من رواسب الإنحطاط والتخلف، وبعيدة عن آثارهما النفسية والعامة، كلما كانت هذه الشبكة قوية وفعالة. وإن التنشئة الثقافية والسياسية السليمة، تساهم مساهمة كبيرة في حركية هذه الشبكة وقدرتها على تجاوز المحن والإبتلاءات، وتوفر لها الإمكانية المناسبة للتعاطي مع اللحظة التاريخية بما يناسبها وينسجم مع متطلباتها. وهي ”وسيلة فعالة لتغيير الإنسان، وتعليمه كيف يعيش مع أقرانه، وكيف يكوّن معهم مجموعة القوى التي تغير شرائط الوجود نحو الأحسن دائما، وكيف يكوّن معهم شبكة العلاقات التي تتيح للمجتمع أن يؤدي نشاطه المشترك في التاريخ“[11] .

وفي إطار البناء العلمي والثقافي الذي يؤسس ركائز الحركية المدنية  الأهلية، ينبغي العناية بالمفاهيم والقيم التي تشكل مداخل ضرورية ومفاتيح فعالة لدفع قوى المجتمع نحو البناء المؤسسي. وكذلك قراءة الأحداث والتطورات، وإستيعاب منطقها وتجاه حركتها والمفاهيم المتحكمة في مسارها. و”إن ما ينبغي الحديث عنه، وما يشكل أداة مفهومية أوضح وأسهل للبحث هو مجموعتان من العوامل الداخلية، لا تتماهى مع التراث، وإنما تغطي البنى المحلية الفكرية والإجتماعية والإقتصادية، كما نشأت في إطار التحرر من الماضي من جهة، وفي إطار التأثر بالخارج في العقود الماضية من جهة ثانية، أي من حيث هي ثمرة للتفاعل السابق بين التراث المجروح والمهتز، وأحيانا المدمّر، وبين الحداثة بما هي مجموعة الأنماط الجديدة التي فرضت نفسها على وسائل وطرق إنتاج المجتمعات، لوجودها من الناحية الفكرية والخيالية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية والإستراتيجية معا. أما المجموعة الثانية فهي العوامل التاريخية التي ترتبط ببنى النظام العالمي، من حيث هو ترتيب لعلاقات القوة على الصعيد الدولي، وبسياسات الدول المختلفة الكبيرة والصغيرة الوطنية، وما ينجم عنها من تعارض في المصالح، ومن نزعات متعددة للهيمنة والسيطرة والتحكم بمصير المجتمعات الضعيفة، للإستفادة من مواردها، وإحتواء ثمار عملها وجهودها“[12] .

ومن خلال هذه القراءة الواعية والدقيقة تتضح الظروف الموضوعية والمؤشرات العامة، التي تؤسس لشبكة التضامن الإجتماعي والتآلف الداخلي بصورة حيوية وفعالة.

وهذا لا شك هو شرط تحويل الظروف الموضوعية والمؤشرات العامة التي تدفع بإتجاه الخيار الديمقراطي والمدني إلى واقع ملموس وحركة إجتماعية متواصلة. وبالتالي تتصاعد قدرة المجتمع على إجهاض كل مشروع إرتدادي، وترتفع وتيرة الحركية الإجتماعية بإتجاه البناء المدني والمؤسسي.

فالوعي الذاتي بالظروف الموضوعية وقوانين حركتها، هو شرط الإستفادة منها، وتوظيفها بما يخدم أهداف الوطن والأمة.

وبهذه العناصر والقيم، يكون المجتمع بكل شرائحه وفئاته مسؤولا عن تطوير ذاته، وتجديد رؤيته لنفسه ولدوره التاريخي.

ومن المؤكد أن تطوير هذا التوجه في المحيط الإجتماعي، سوف يؤدي إلى إحداث شكل أو أشكال من المشاركة الشعبية في الحياة السياسية والعامة. والمجتمع الذي يفتقد الوعي والإرادة، فإنه ينزوي عن راهنه، ويعيش الهامشية، ولا يتحكم في مصيره ومستقبله. لذلك فإن بداية تطور الحقل المدني  الأهلي في الفضاء العربي والإسلامي، هي في عودة الوعي بضرورة هذا الحقل في البناء والعمران، وإمتلاك إرادة مستديمة لتحويل هذا الوعي إلى فعل مجتمعي متواصل، يتجه إلى تطوير وترقية وتنمية الحقل المدني  الأهلي في الأمة. وفي المجال نفسه يمارس هذا الحقل دور إنتاج وسائل التغيير والتطوير في المجتمع.

وبهذا يكون الحقل الأهلي في الأمة، هو حجر الأساس ونقطة البداية، في مشروع العمران الحضاري الجديد.

( [1] ندوة، المجتمع المدني في الوطن العربي مركز دراسات الوحدة العربية، ص 854، الطبعة الأولى، بيروت 1992م.

[2] برهان غليون، حوارات من عصر الحرب الأهلية، ص 128، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، الطبعة الأولى، بيروت 1995م.

[3]  المصدر السابق، ص 173.

[4] برهان غليون، مجتمع النخبة، ص 280، معهد الإنماء العربي، الطبعة الأولى، بيروت 1986م.

[5] القرآن الكريم، سورة الرعد، آية «28».

[6]  العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 74، ص85، مؤسسة أهل البيت، بيروت 1990م.

[7] وجيه كوثراني، مشروع النهوض العربي أو أزمة الإنتقال من الإجتماع السلطاني إلى الإجتماع الوطني، ص 93، دار الطليعة، الطبعة الأولى بيروت 1995م.

[8] مجلة الفكر العربي المعاصر، ص 50، عدد 29، مركز الإنماء القومي، كانون الأول 1983 / كانون الثاني 1984م.

[9]  جورج جقمان وآخرون، حول الخيار الديمقراطي دراسات نقدية، ص 121 مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الأولى، بيروت 1994م.

[10]  مجلة المنطلق، العدد 98، ص 14، كانون الثاني 1994م.

[11]  مالك بن نبي، ميلاد مجتمع شبكة العلاقات الإجتماعية، ص 100 دار الفكر، الطبعة الثالثة، دمشق 1986م.

[12] حول الخيار الديمقراطي، مصدر سابق، ص 114.
كاتب وباحث سعودي «سيهات».