عشرون عاماً من العمل الجاد المثمر
منذ عشرين عاماً، أنطلق منتدى الثلاثاء الثقافي في محافظة القطيف، ليسهم بجهد وافر في التنمية الثقافية الوطنية، ويقدم للساحة الثقافية في بلادنا عمله الثقافي المتميز، وفق رؤية واضحة ورائدة للتفاعل مع جميع المكونات الثقافية في المجتمع، وصولاً إلى تنمية الحوار بين المثقفين، بهدف نشر الوعي الثقافي في المجتمع عن مختلف القضايا الاجتماعية والثقافية والفكرية، وتشجيع المبادرات والإبداعات الشبابية، على أيدي الكفاءات الجادة في عطائها من النساء والرجال.
وشملت نشاطات المنتدى المحاضرات والندوات المنبرية، والمعارض التشكيلية والحرفية والأفلام القصيرة، وتكريم الشخصيات البارزة في خدمة المجتمع وفي العديد من المجالات، إضافة إلى الإصدارات الثقافية عن الشخصيات الوطنية الملهمة، التي أسهمت في خدمة المواطن، ورفعت من شأن الوطن، وقدمت تجربتها الإنسانية لينهل منها الناس دروساً وطنية بالغة الأهمية. إلى جانب ذلك، اهتم المنتدى بالتعاون مع المؤسسات الثقافية الرسمية والأهلية، من أجل إنعاش الحراك الثقافي، وقد استطاع وهو مؤسسة أهلية وبإمكانياته المحدودة، أن يتفوق في نشاطه الثقافي على مؤسسات رسمية ذات إمكانيات كبيرة.
ولعله من المناسب هنا أن أذكر أنه قدر لي أن أكون ضمن اللجنة الاستشارية للمنتدى ولعدة سنوات، وهي لجنة مكونة من نخبة من مثقفي الوطن، مهمتها تقويم أنشطة الموسم الماضي، واقتراح مناشط الموسم القادم، سواء من حيث اختيار الموضوعات أو ترشيح أسماء المشاركين في تقديمها. وقد لمست في خلال تلك السنوات حرص صاحب المنتدى الأستاذ جعفر الشايب على دقة سير العمل بالمنتدى وتطوير فعالياته، لتقديم المزيد من النشاطات الهادفة، والتي امتدت في تنوعها لتشمل العديد من المجالات الإنسانية الهامة، يساعده في ذلك فريق العمل في المنتدى، ممن وجد فيهم الكفاءة لتسيير العمل وعلى الوجه الذي يحافظ على مستوى المنتدى، ويضيف لهذا المستوى المزيد من النجاحات الجديدة الهامة، بعيداً عن القيود المناطقية أو المذهبية التي قد تعيق أي مشروع ثقافي أو غير ثقافي عن تحقيق أهدافه الوطنية.
فالمنتدى مشروع وطني رائد، بنكهة فطيفية متميزة، لفت أنظار المثقفين والمثقفات، فتابعوا فعالياته بشغف ملحوظ، وحضور نوعي كبير، سواء من أبناء المحافظة أو المنطقة أو المناطق الأخرى، وذلك راجع إلى أهمية المواضيع المقدمة، وحسن اختيار مقدميها.
وباستعراض فعاليات المنتدى في السنوات العشرين الماضية، يتضح الجهد الكبير المبذول من صاحب المنتدى والعاملين معه، في استقطاب عدد كبير من رواد الأدب والثقافة والفكر من داخل المنطقة وخارجها للإسهام في هذه الفعاليات. كما أن المنتدى لم يكن غائباً في يوم من الأيام عن المشاركة في الاحتفاء بالمناسبات الوطنية، والاهتمام بالأيام العربية والعالمية ذات العلاقة بمشاكل الإنسان وهمومه العامة، في الأوقات التي حددتها المنظمات الأممية على المستوى الإقليمي أو العالمي، إلى جانب الاهتمام بالأحداث والتحولات العالمية التي تشغل الرأي العام، وتؤثر على حاضر ومستقبل الأمة والعالم، مع الالتزام بالموضوعية في كل ما يتم تقديمه على منبر المنتدى من محاضرات أو ندوات مختلفة.
وفي جائحة كورونا التي عطلت العمل في كثير من الدوائر والمؤسسات الحكومية والأهلية، نرى هذا المنتدى يواصل نشاطه الثقافي عبر روابط التواصل الاجتماعي، كل يوم ثلاثاء وهو موعد نشاطه المعتاد خلال السنوات الماضية، وهو نشاط لم يتراجع في ظل هذه الجائحة، بل استمر كما كان وأكثر في تقديم المزيد من الموضوعات الهامة، والتفاعل مع النشاطات الثقافية الأخرى من خلال نشر مواعيد تنفيذها ليتمكن رواد منتدى الثلاثاء الثقافي من متابعة تلك النشاطات. كما استمر في تقديم مطبوعاته الثقافية، واستمرت الإعلانات عن قرب صدور أحدها بين فترة وأخرى، مما يعني أن الهمّ الثقافي هو هاجس ملح لدى صاحب المنتدى وفريق العمل من المتعاونين معه، وبالشكل الذي يضمن الحضور الدائم واللافت للمنتدى ونشاطاته على الساحة الثقافية، رغم العزلة التي فرضها الوباء الذي شل حركة بعض المنتديات الثقافية المماثلة، أو قلص من نشاطاتها في أحسن الظروف.
إنه جهد يذكر ويشكر لصاحب المنتدى الأستاذ جعفر الشايب، وقد سبق أن بارك هذا الجهد سمو أمير المنطقة الشرقية في لقائه باللجنة الاستشارية بالمنتدى، مؤكداً على أهمية المنتدى، ودعم جهوده الهادفة لخدمة الثقافة والمثقفين في وطننا العزيز.
وفي مثل هذا العمل المثمر فليتنافس المتنافسون.