الثقافة الدينية معترضة مع الطبيعة
كفل الدين للبشرية السعادة والاطمئنان في الدارين: الدنيا والآخرة، بشرط أن يعمر الإنسان الأرض بشتى الطرق المتاحة في هذه الدنيا، مما يحقق له الرضا الذاتي وينعكس ذلك على نمو البشرية ككل، ثم تعاقبها على إكمال المسيرة التي خلقت لأجلها كتطوير العلوم واستحداث النظريات المختلفة التي تساعد على تطوير الحياة لكي تكون ضمن الأمور التي تسعد الإنسان في حياته.
البعض يخلط بين الدين الذي جاء على يد الأنبياء، وبين الثقافة الدينية التي هي من صنع البشر أنفسهم، التي تكونت وترسخت في عقولهم ومع مرور السنين أصبحت في أذهان الناس كأنها جزء من الدين الأصلي الذي جاء به الأنبياء. وما هي في الحقيقة إلا عادات وأعراف اجتماعية قد أدخل عليها صبغة دينية.
الثقافة الدينية التي جاء بها بعض البشر صورت الله سبحانه وتعالى كالشبح المخيف، بحيث أن الإنسان في هذه الدنيا يعيش حياته كلها في قلق وخوف من لقاء الله. وكذلك صورت له أن الموت هو الخطر الذي يخيم على كل فرد في هذه الدنيا حيث أنه مقدمة للعذاب الحتمي الذي سيكون نتيجة لمخالفة الثقافة الدينية.
تلك الثقافة زرعت في أذهان الناس أن الدين جاء مخالفا للطبيعة. ولذلك فهي تثبت صحة كلامها بالمعجزات الخارقة للعادة التي تتعارض مع الطبيعة الكونية. ولكن الحقيقة هي أن الدين السماوي جاء متجانسا مع الطبيعة والقوانين الكونية. لذلك لا ينبغي الخوف من أمور طبيعية كلموت مثلا لأنه أمر طبيعي كبقية الأمور الأخرى. فمن طبيعة الإنسان أن يمرض ويشفى ويجوع ويعطش. فكل تلك الأمور طبيعية في حياة الناس. وليس من المعقول أن الله سبحانه وتعالى يخلق العباد لكي يشقون فيها. يقول فرانسيس كولنز في كتابه ”لغة الإله“، ”علينا أن ندرك إن قسما كبيرا من معاناتنا ومعاناة الآخرين هي بسبب ما نقوم به تجاه بعضنا البعض. البشرية هي من صنعت السكاكين والسهام والمسدسات والقنابل وكل أنواع أدوات التعذيب التي استخدمت طوال العصور. من الصعب جدا تحميل الإله مأساة مقتل شاب بسبب سائق مخمور“.
خلاصة ما أردت قوله أن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان والطبيعة في آن واحد، وجعل الدين منسجما مع الطبيعة لإسعاد الناس وبعث الطمأنينة في نفوسهم كي يعيشون حياة منسجمة مع الطبيعة الكونية.