آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 4:17 م

زوايا أسرية 3

محمد الخياط *

- يخطئ السواد الأعظم من الناس

- الأبناء يحتاجون إلى وعي

- وعي الأسرة والمجتمع والمؤثرات

يعيش بعض الآباء حالة من الغربة النفسية والانفصال عن حقيقة دورهم ورسالتهم ومشروعهم ومسؤوليتهم الأبوية وغرس المبادئ والقيم، مما أفقدهم المقدرة على مد جسور التواصل مع الأجيال المعاصرة فنتج عن ذلك فتور وبون شاسع كان له الأثر البالغ على بعض الممارسات والسلوكيات التي أجهضت قيمة الترابط والتلاحم والاحترام والتقدير.

والحوار في الإطار الأسري لهذه القيم التي لها أهمية كبرى وهي ليست محل جدل إنما هي معيار يتميز به مفهوم التربية الأسرية والسلوك السوي وإذابة كثير من المفاهيم المغلوطة في التربية غير المقيدة بإسم الحرية والتطور والانفتاح اللامحدود وإحلال عوضاً عنها ممارسه تربوية بالقيم الدينية والأخلاق الحميدة والعقل والتفاعل مع معطيات الحياة بالعلم والمعرفة والاهتمام ببناء عوامل مؤثرة للتغير البنائي لرفعة الإنسان، لا بالجهل والتعصب والخرافة والافتراضات المسبقة المبنية على الوهم وإغلاق دور العقل والتعامل مع الأمور التربوية برؤية وأفق ضيق مما يرفع منسوب تلك الظواهر التي أدت إلى الانحرافات السلوكية وظاهرة الطلاق والعنف الأسري والمخدرات والسطو المسلح والتخلف الدراسي واحتقار وتقليل من شأن المرأة وعدم الشعور بالمسؤولية المجتمعية، هو إهمال السواد الأعظم لقضية التربية والتي منشأها الأسرة أولاً في السعادة والشقاء، فهي النواة الأولى والحضن الآمن الذي يحمل الدفء والاستقرار ويُهيئ المناخ الأسري الذي هو قدوة الأبناء سلباً وايجاباً، لاختلاف القيم التي تشكل مسيرة الأبناء وممارستهم وسلوكهم والاهتمام بهذا البعد لهو من السجايا والصفات الحميدة ومن أهم الغايات والوسائل الرافعة للقيم وللأسر والمجتمعات والأوطان التي تضعنا في موقف لا يتعارض مع مسيرة حياتنا الطبيعية.

فمحور اهتمامنا هوالخروج من دائرة الانفصال والانقطاع والاغتراب والانغلاق على أنفسنا ومحيطنا إلى دائرة التواصل مع الأجيال بمسؤولية أبوية أخلاقية دينية مجتمعية وطنية مع إيماننا بالحوار والاجتهاد واستخدام العقل على أن لا يمس ذلك قيم وحرية وفكر الآخرين والتعبير عن آرائهم، فالتشظي الأسري هو طريق مرفوض قولاً وفعلاً وعقلاً وديناً.

وإذا كان الأبناء والأسرة بحاجة إلى وعي فالمجتمع هو بحاجة إلى إدارة هذا التوجه بوعي والسبب يعود إلى أن عنصر التربية الأسرية ليس هو العنصر الوحيد الذي يتحمل كامل المسؤولية خصوصاً في ظل حالة الانفجار الكبير من سيل وتدفق المعلومات عبر وسائل الشبكة العنكبوتية من ترفيه وانفتاح على العالم، فقد لعبت ”السوشل ميديا“ دوراً لا يستهان به في تسهيل الوصول إلى المعلومات في إطارها الإيجابي والسلبي على حدٍ سواء مما أثر على قيم وأخلاقيات الترابط الأسري وتأثيرها على العلاقات الزوجية والتربوية فأصبح الكثير يعيش حالة من الغربة التربوية الأسرية لوجود دوراً أصبح يشار له بالبنان ويشارك في جميع مفاصل التربية الأسرية والتي أطلقت عليها منذُ خمس سنوات مناهل أو مدارس تربوية في محاضرة سابقة موجودة على اليوتيوب وللفائدة أُشير إليها هنا..

مدرسة الأسرة والمدرسة الأكاديمية ومدرسة المجتمع ومدرسة الرفقاء والأصدقاء ومدرسة الإعلام ومدرسة المعتقد ”الدين او القانون“ وهناك مؤثر خارج هذه المدارس يلعب دوراً كبيراً هو المسجد والخطيب أي رجل الدين، والجانب الاقتصادي للأسرة مما جعلنا نحقق في العوامل التي لها دور حقيق وتسهم بشكل منفرد أو مجتمع مع الأسرة في صياغة منهج وفكر يتوافق مع الأجيال القادمة.

ويبقى السؤال الأول والأخير

ما هو دورنا الحقيقي ومسؤوليتنا الأبوية الأسرية في ظل هذه التحولات المتسارعة على جميع الأصعدة التي أوجدت بون شاسع بين الأجيال؟

كاتب سعودي ومدرب في شؤون الأسرة