المتهم في انعدام الغيرة الإنستجرام.... أم أفلام نتفلكس؟
حظيت يا عود الأراكِ بثغرها ** أما خفت يا عود الأراك أراكَ
لو كنت من أهل القتال قتلتك ** ما فاز مني يا سِواكُ سِواكَ
الزمن الماضي عندما أبصر الشاعر السواك في فم زوجته أنشد أبيات الحمية والغيرة حظيت يا عود.. هل البعض فقد الحمية والغيرة في زمننا الحاضر؟ أم أصبحت الغيرة في قفص الاتهام لأنها ضد الحضارة والتخلف؟ فالغيرة لا تقتصر على الزوجين فقط بل تتعداها لتشمل غيرة الوطن وغيرة الدين وكذلك غيرة الجيران.
فئة قليلة من أبناء مجتمعاتنا العربية تجاهر بعواطفها في الأماكن العامة كعاشق ومعشوق وتمارس تصرفات لا تليق بمجتمعاتنا المحافظة. لعل انعدام الغيرة سببه انفتاح المجتمع والتقليد الأعمى لما ينشر في عالم الانستغرام واليوتيوب وأفلام النتفليكس، حيث استطاعت شبكات التواصل الاجتماعي ومنصات الأفلام اختراق أسوار العقول وتغيير الكثير من القناعات في الاتجاه السلبي دون إدراك وذلك من خلال دعوات التحرر مثل ”الحب ليس له قيود“، وتغيير موقع ”الخيانة الزوجية“ من سلة الانحطاط إلى سلة الحب والحق فأصبح المتابع يتنازل تدريجيا حتى اقتنع بأن التعري حضارة والخيانة حب.
ينتشر هذا السم تدريجيا في عقول المتابعين لهذه البرامج حتى يصبح الانحطاط الأدبي والأخلاقي والثقافي، هو انفتاح وتطور، وتترفع الطبقة المنحلة أخلاقيا عن الجلوس مع المحافظين الملتزمين بذريعة أنهم سجناء فكر متخلف.
يحكى أنه في أحد أيام الشتاء القارص انقطع ذيل ثعلب بسبب صخرة، فسأله ثعلب آخر: لماذا ذيلك مقطوع؟ فأجابه بأن قطع الذيل متعة وسعادة.. فقطع الثعلب الثاني ذيله حتى يصل إلى المتعة والسعادة. لكن مع الأسف لم يحصل على المتعة بل حصل على ألم، فقال الثعلب الماكر لا تخبر أحدا بأن قطع الذيل مؤلم وقبيح المنظر كي لا يخرون منا بل قل لهم بأننا في سعادة ومتعة كي يقطع الجميع ذيولهم. فعلا قطعت أغلب الثعالب ذيولهم حتى أصبح أي ثعلب له ذيل سليم منبوذ وقبيح ومحل سخرية من الجميع ويحاول التواري عن الأنظار.
هكذا هو حال المنحطين أخلاقيا فبالرغم من أقليتهم إلا أن لديهم الجرأة على أن يعيّروا الملتزمين بحسن أخلاقهم وعفتهم ويسعون إلى جر المجتمع إلى مستنقع الانحطاط.
نراهن على أن أغلب أبناء مجتمعنا متمسكون بفطرتهم السليمة ولن تفلح شبكات التواصل الاجتماعي ولا منصات الأفلام الهابطة في إغواءهم أو دفعهم للتخلي عن غيرتهم وكرامتهم.