آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 11:58 م

الإنسان والهبات الإلهية

نزيهة حسين القروص

قال تعالى: ﴿وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا

إن المتفكر المتدبر في دقة هذا الكون الفسيح من حولنا ومافيه من خلق الله اللاّمتناهي، تدهله الدقة والتماسك لمخلوقات هائلة الضخامة والإبداع والتنوع جميعها من سماوات، وأراضين وكواكب، وافلاك، ومجرات، وجميع مانراه وندركه بحواسنا من مخلوقاته، مايدعونا لنقف ولنتأمل في روعة المناظر وتناسقها ونأخذ نفسا عميقا متفكرين ومتدبرين ومدركين أن من خلقها بالدلائل الثابتة القاطعة أنه الواحد الأحد الفرد الصمد الحي الدائم الباقي ذي الجلال والإكرام وراء هذا الصنع والإبداع لهذه المخلوقات، فنقدسه سبحانه لاإله إلاهو على عظمته وقدرته وصنعه سبحانه جل في وحدانيته وعلوه.

قال تعالى: ﴿وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا «30» أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا «31» وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا «32» مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ «33» .

وإذا أخذنا هذه الأرض الهائلة في التكوين والمكونات والتي نعيش فوقها حيث خصها بما يجعلها مكاناً كاملاً معداً ومُهيَّأ ومملؤاً بالجمال، والإبداع، والتنوع وبالنعم، والخيرات، والتوازن فوقها وفي باطنها وحولها ولايزال رغم مانستهلكه من خيراتها تختزن الكثير الكثير إذ جعله سبحانه وتعالى كنوزاً مدخرة لاتنبض ولاتنتهي كل ذلك لكائن خلقه ويعيش على هذه الأرض قال تعالى: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا ?لْإِنسَ?نَ فِى? أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ? مخلوق يريد له الإحترام، والتكريم، والكرامة، والرفعة، والرغد، في عيشه والأمان لأنه سيضع فيه أسمى وأجل المكونات التي تليق بمن يعمر هذا الكوكب «الأرض» وينمي خيراتها ويزيدها إزدهاراً بمايكفل له ولبقية البشر الخيرات والتطور والسعادة والنماء.

واْشتق الله سبحانه وتعالى لهذا الإنسان، من الصفات الخلقية والخلقية لاتمثال ولاتشابه بل تختلف اختلافاً كبيراً عن المخلوقات، والكائنات الأخرى كافة فهو معجزة آحادية التركيب والتكوين والهيأة وقد فصل علم التشريح في الطب مايحتويه جسد الإنسان من أجهزة داخلية وخارجية، ظاهرة وماهي فوائدها للجسد قد اْدهلت العلماء من عظمة التركيب ودقة العمل لكل خلية وجهاز في بدن الإنسان كما وهبه مخزوناً ضخماً من القدرات والطاقات وفتح له أبواب العلوم، والمعارف، والأسرار المعرفية، وميزة بالعقل المحكم الذي يمكنه من فتح أبواب العلم والمعارف بجميع أنواعها وهو كالنور المتوهج ينير ويضيء له رحلتة طوال حياته لاينطفيء فيميز له الخير من الشر والصواب من الخطأ وينبهه من الأخطار ليحفظه من أي ضر أو سوء ربما يؤدي نفسه وغيره من البشر فهو عبارة عن سلطة شرعية وقانونية عالية الحساسية والدقة توجهه إلى الصواب رحمة وعطفاً من رب العالمين لأن رأفته ورفقه به أعظم وأكبر من أن توصف لأنه سبحانه وتعالى أراد من خلق الإنسان أن يحيط به الأمان والطمأنينة والسلام،

للإستمرا في التفكر والتدبر والتعلم والإطلاع والإنتاج وبناءً حضارت وثقافات وأن يتقدم ويبدع في جميع مايحتاجه البشر، قال تعالى: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ﴿7 فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴿8 قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا ﴿9

وقد عرفه على ذاته من هو ولماذا خلق وكيف يأخذ بنفسه إلى الأمان والسلام في الحياة الدنيا وكيف يخلد في نعيم الآخرة وماهي الأعمال والوسائل التي تمكنه من النجاة فلكل إنسان من البشر نفس بشرية تعتبر من أهم مافي الإنسان وإن كنا لانراها فكل مخلوق يدركها فهي كالمد والجزر في البحار، علينا أن لانتركها تاْخذنا إلى الغرق وأن نعرف كيف نوجها إلى سبل الصواب، بأنواع الأعمال والتصرفات التي ترضي الله سبحانه وتعالى فهي على وجه الشبه عبارة عن وعاء أو خزانة علينا أن نملأها بما خلقنا لأجله إذ منحنا سبل الهداية من خلال الحقائق الواضحات وانبت لنا الصفات الإنسانية التي يحبها الله سبحانه وتعالى

كالرحمة والعطف والمودة والسلام، وحب الخير، ومساعدة الأخرين وعلينا أن نحمي ونحفظ أنفسنا من الميل إلى دروب الشر الموجودة ايضاً داخل أنفسنا فنظل ونشقى وأن نبحث عن الأعمال الصالحة التي تسمو وترقى وتليق بالصفات الإنسانية التي خص الله سبحانه وتعالى بها الإنسان وخلقه ليعملها

قال تعالى: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ

وإن اختلفت الطاقات والقدرات والهبات الإلهية من شخص لآخر تبقى نعم الله سبحانه وتعالى تنهمر علينا دون إنقطاع ويغيثنا بتسخير اْوجه الخيرات ويرفق بنا عند الشدة والحاجة ويزيد في إلهامنا عند أي إمتحان وإبتلاء

فينعم علينا ويستنقدنا من الهلكات ويهدينا بهداه فنسلم، اللهم ملكنا زمام أنفسنا لاتميل بنا إلى الهاوية، لك الحمد حتى يبلغ الحمد منتهاه ويليق بالحمد والثناء عليك يا ارحم الراحمين.