محذور تربوي خطير للاختبارات عن بعد هل غفلنا أم تغافلنا عنه..؟!
لا شك أن التعليم عن بعد يعتبر نقلة نوعية وتجربة حضارية مميزة تهيأ الأجيال القادمة للتعامل الرقمي والتكنولوجي والذكاء الصناعي القادم.
والحقيقة أن الأسرة السعودية وضعت فجأة في تحدي «الكتروني» غير مسبوق عانت خلاله وما زالت تعاني مختلف المصاعب فمن مشكلات توفير الأجهزة «والانترنت» إلى الجهد والوقت في متابعة الأبناء خاصة الأسر التي لديها أكثر من طالب.
كل تلك التحديات مرحلية وستتلاشى مع تلاشي الفايروس بإذن الله... لكن ثمة هنالك محذورا تربويا أجده خطيرا من ناحية التنشئة الأخلاقية للطلاب وقد يساهم لا قدر الله في صنع أجيالا تتماهى مع الفساد والفاسدين.
ولا أدري كيف استسغنا هذا الأمر الذي تسلل لنا عبر البرامج والشاشات بكل سلاسة لكل منزل دونما استئذان ربما في غفلة أو تغافل منا أو بسبب إنهاك الإسر ورغبة منها بإنهاء هذه المرحلة بأي صورة كانت.
برأيي الذي يحتمل الخطأ هذا المحذور التربوي يجب أن نلتفت إليه وينبغي معالجته بغير تهاون وتردد لآثاره السلبية على المجتمع.
فحينما يشرعن الغش في الأسر في أي صورة من الصور وسواء كان بشكل مباشر أو غير مباشر دون أن يحسب أحد مدى تأثير ذلك على وعي هذا الطالب وعلى تكوين شخصيته وقيمه ومبادئه الأخلاقية فلا تتعجب غدا إذا استفحلت مشاكل الفساد والفاسدين وهنا تكمن الخطورة ولهذا يجب التدخل..!
فجميعنا لاحظ حضور الأم أو الأب على المنصة «الالكترونية» أو عبر برنامج «التيمز» وبحكم العاطفة الأبوية للآباء والأمهات وبنية مساعدة الأبناء وقت الإختبارات تجرها هذه العاطفة الجارفة والتي تميل بل وتتوق بطبيعة الحال أن يحصل الأولاد على أفضل الدرجات هذه العاطفة التي لا تعرف العقل تدفعهم بحالة شبه غياب أو تجمد مؤقت للقيم لا شعورية إلى «تغشيش» الأولاد مستسلمين لضغوط العاطفة وظروف الجائحة متناسين ما كانوا يوجهون ويرشدون به أبنائهم بحرمة الغش وضرورة اعتماد الجد والاجتهاد للنجاح والتفوق...
واضعين وعي الأبناء في تناقض وبلبلة غريبة فحينما تنهى عن خلق وتأتي بمثله تهتز صورة القدوة وتهتز معها المبادئ والقيم الأخلاقية ويبدأ نمو المشكلة في النشوء والتطور مع الزمن حتى تضعف ثم تتهاوى.
لا شك أن كل ذلك سيقودنا لسقوط تربوي خطير في التنشئة الأخلاقية للطلاب لذلك وجب معالجة هذا الأمر سريعا لتلافي المشكلات النفسية التربوية التي ستنشأ في نفوس وشخصيات أبناءنا وستتفاقم تدريجيا دون أن نشعر بها الآن وستتحول يوما ما لمشكلات نفسية وأخلاقية وإجتماعية وأمنية مستقبلا فاذا ترسخ الغش في نفوس وعقول الطلاب وغابت القيم السليمة سينعكس ذلك حتما وبشكل سلبي على قناعاتهم وسلوكياتهم في المجتمع.
لذا ندعو للتفكير السريع والجاد في حل تربوي إبداعي لا شائبة تعتريه لهذه الثغرة التربوية. فربما كان اعتماد طريقة التقويم المستمر على سبيل المثال وإلغاء لاختبارات هي الأفضل فهذه المرحلة الاستثنائية تحتاج أيضا إلى قرارات استثنائية تجنبنا الوقوع في هذا المحذور الذي لايقل خطورة عن فايروس كورونا وذلك لحين عودتنا للوضع الطبيعي.