لتكن صدقاتنا ذكية
يتجه الإنسان في العصر الحديث إلى أن تكون خياراته ذكية من الهاتف الذكي إلى الآلات الذكية إلى البيوت الذكية.
كل ذلك لتكون خياراته في أقصى صحة التقدير والرشد. فالجهاز الذكي هو الذي يقدر الحاجة بدقة ويضبط الأداء وفقا لها. فلماذا لا تكون تبرعاتنا ذكية إذا؟ كيف ذلك؟
ما أثارني لمناقشة الأمر هو إصرار بعض المتبرعين على تخصيص تبرعاتهم لمصرف معين حتى مع التوضيح أن هنالك مصارف أخرى أولى وأشد حاجة.
لنأخذ كفالة الأيتام كمثال. المتابع للجمعية ولتقاريرها يدرك أن هناك دائما فائض من موارد الكفالة لا يتم صرفه في السنة ولكن يتم ترحيله الى السنة التالية ويتكرر نفس الامر في السنوات التالية فيبقى المبلغ مخصصا للأيتام لكنه عمليا غير منتفع به ولا تستطيع الجمعية التصرف فيه في مصارف أخرى للاعتبارات الشرعية.
أنا اتفهم رغبة المتبرعين في توجيه أموالهم للأيتام لما له من ثواب كبير ولكن ماذا لو كان الفقير أشد حاجة اليوم من اليتيم للدعم؟ ألا يصبح توجيه هذا التبرع للفقير أولى وأذكى؟
البعض قد يرى في اليتيم أقصى عنوان الحاجة والذل ولذلك يقبل على إعطائه ولكن أليس الفقير المعول المريض يستحق منا نفس المقدار من الشفقة؟ أفلا تستحق الأرملة وأبناءها «وإن لم يكونوا أيتاما» نفس المقدار من الشفقة؟ أفلا تستحق المطلقة والمهجورة والمسجون زوجها التي ليس لها من تلجأ إليه نفس المقدار من الشفقة؟ أفلا يستحق الطالب الفقير الذي يحتاج الدعم لإكمال دراسته والتي لا تستطيع عائلته توفير المبلغ المطلوب - أفلا يستحق الدعم والشفقة؟
هناك ما يقرب من 300 أسرة تكفلهم الجمعية بشكل دائم وتدعمهم في المأكل والمسكن والعلاج‘ كل هؤلاء هم مصداق جيد للصدقة الذكية التي هي في محلها الصحيح. هناك عدد مثله أو أزيد من أهل الحاجة الطارئة التي تلجئهم الظروف الصعبة إلى طرق باب الجمعية لسداد دين أو دفع إيجار أو علاج أو خلافه، أفلا يستحق كل أولئك وإن لم يكونوا أيتاما الدعم والمساعدة؟
هنا لا بد أن أقول إن العبء الأكبر يقع على الجمعية فهي المسؤولة عن إدارة الجمعية وحسنا إذا سعت أخيراً للدعوة إلى برنامج كفالة الأسر الفقيرة ولكن هناك حاجة أكبر للتوضيح والارشاد والتثقيف وكشف البيانات التي تساعد على الاحساس بالفجوة.
وعلى المجتمع في المقابل المتابعة ومعرفة التفاصيل وتفحص التقارير التي تصدرها الجمعية وتوجيه التبرعات بشكل يوازي توزيع الحاجة في المجتمع لتكون صدقاتنا في محلها. ذكية راشدة.