السراج لمنير والنور الخالد
قال تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾ تعاقبت أقوام وحضارات وثقافات وأديان ومذاهب وجماعات على وجه الأرض منذ أن هبط أبونا آدم وأمنا حواء عليهما السلام من الجنة إلى الأرض
وبعث الله تعالى الأنبياء والرسل ليأخذوا بأيدي الناس إلى طرق الإيمان والهداية والصواب والسعادة وقد أوحى الله سبحانه بعضاً من هذه القصص على رسول الله صل الله عليه وآله وسلم وذُكرت في القرآن الكريم وقرأنا الكثير والكثير من تلك السير وعن الأقوام والبلدان ولاتزال آثار حضارتهم موجودة قائمة ماثلة للاْعين وإن أغلب من أُهلك منهم كانوا يرفضون رفضاً قاطعاً سنن الله سبحانه وتعالى في خلقه بل أستكبروا وأستعلوا وزدادو اعنادا ظناً منهم أن لهم من القوة والجبروات مايمنع عنهم الموت والفناء كما ذَكر تلك الأمثلة لطرق هلاكهم وأسبابه وأنواعه كتاب الله المكرم، وبالرغم إن أقواما أخرى جاءت ويعلمون ما أصاب من سبقهم من العقاب والعذاب والفناء بسبب عصيانهم إلا إن كل أمة تأتي تكون أشد من ممن سبقتها.
قال تعالى: ﴿فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾
وبدأ سبحانه وتعالى في التمهيد لظهور دين قوي مسددا خالدا يمحو جميع ماقام من أفكار خاطئة ومبادئ يحرمها ويبغضها الله ولقد هيأ سبحانه المكان والأرضية والنبي المختار ليحمل النور والضياء للبشرية أجمعين، المكان الأرض المباركة التي اختارها لوضع أساس البيت الحرام وهي أرض خليله نبينا إبراهيم وأبنه إسماعيل عليهما السلام إذ اتما بناء البيت العتيق وهو أول بيت وضع للناس في مكة المكرمة ليجعله ملاذا وقبلة تتوجه إليه القلوب والأبصار والناس أجمعين، وعند بيته وعلى هذه الأرض يولد آخر الرسل وخاتم الأنبياء محمد صل الله عليه وآله وسلم، وتنزل عليه آخر الرسالات السماوية بعد أن وضع الله فيه جميع الملكات الإلهية ليحمل مشعل هذا الدين ويؤسس لخلوده وديمومته حتى يرث الله الأرض ومن عليها قال تعالى:
﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأََكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾وبدأ الاشراق للدين الكامل والكمال للبشرية الذي ينقل العالم من الظلام إلى النور إلى الرحاب الواسعة سيوجه الإنسان إلى مايملك من طاقات توصله إلى فهم أنه مخلوق عظيم، محترم، ومكرم وإن الإيمان بالله عزوجل وهو أول مابدأ به والذي سيجعل العقل يتوجه بالتعلم والتفكر والتدبر والتعمق والإجتهاد للمعرفة وإتساع الإدرك ويجعله الموجه والمصيطر على تصرفات البشر وليس العادات أو التقاليد أو الأهواء أنه الدين الإسلامي، رسالة السماء إلى الأرض، وحمله وبشر به وعرف الخلق بمبادئه، أعظم المخلوقات والكائنات وأشرف الناس المختار والمعد من رب العالمين لحمل وتبليغ الرسالة الإلهية التي ستغير حال شبه الجزيرة بل العالم كله سيجعل من الإنسان سيد نفسه مخيراً وليس مسيرا، سيشرق ويعم الضياء أرجاء الأرض سيعرفهم السلام والمحبة والأمن والطمأنينة، ويبدل الظلم والظلال والجهل، سيهزم ماحرم وما أبغضه الله تعالى وكرهه لأن مضمون هذا الدين العدل والمساواة والإحسان إذ لم يغفل عن جانب صغيراً كان اوكبيراً إلا وتناوله في حياة البشر الخاصة والعامة بدقة تعجز ذوي الألباب لأنه تناولها بدقة متناهية وتفصيل في قانون الحقوق والواجبات حتى أبسط الأشياء منها تميزاً من هذا الدين السمح، كتبسم المرء في وجه أخيه في الإنسانية وهو رمز للمحبة والسلام،
قال تعالى: ﴿لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ماجعل الدين الإسلامي ورسوله صل الله عليه وآله وسلم حتى يومنا هذا في محل دراسة وقراءة دقيقة من أكبر الفلاسفة والمستشرقين والمستبصرين الذين أذهلهم الشمولية العميقة لهذا الدين في جميع النواحي، أنه الدين الخالد حتى يرث الله الأرض ومن عليها قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾
وبقي هذا الدين ثابت الجذور راسخاً ومن أْرسل به محفوظين بعين الله سبحانه وتعالى لأنهما النهر الممتد من السماء إلى الأرض وسيبقيا خالدان بإرادته لا إله إلا هو العزيز الحكيم.
وماقدمه رسول الله صل الله عليه وآله وسلم ”رسول الرحمة“ وآل بيته ”أعلام الهدى“ صلوات الله عليهم أجمعين، من الصبر وتحمل الأذى وتقديم التضحيات حتى بأرواحهم الطاهرة الزكية، وإن أستشهاد حفيد رسول الله صل الله عليه وآله وسلم الإمام الحسين أرواحنا له الفداء «إن كان دين محمد لم يستقم إلا بقتلي فيا سيوف خديني» وهو انتصاراً كبيراً وثباتاً لهذا الدين العظيم، فهم سلام الله عليهم العُمد والدعائم التي قام عليها هذا الدين المقدس وسرج الإيمان وانواره وضياؤه حتى لا تهتز مبادئه وقيمه وتبقى أنواره خالدة مخلدة لا تنطفئ.