شيء يشبه العبث
العنوان مقتبس من أسم ديوان الشاعر المبدع شفيق العبادي ”شيء يشبه الرقص“.
تذكرت عنوان هذا الديوان الجميل عند رؤيتي لما يحدث لشاطىء الرفيعة في جزيرة تاروت الذي استبشر الأهالي خيراً بأعتباره أول شاطئ تقوم بلدية القطيف بالبدء بتأهيله على مستوى الجزيرة بل على مستوى كل محافظة القطيف الساحلية.
التفاعل الإيجابي للأهالي نحو الخطوات الأولى لتأهيل شاطئ الرفيعة يحتاج أن يقابل بجميل مهنية التخطيط وجودة التنفيذ، فهم الذين سبق - وبالرغم من كل التحديات - أن قاموا أفراداً وجماعات بعدة حملات لتأهيل الشاطئ عبر تنظيفه من مختلف الأنقاض والمخلفات، لقد حاولوا الاستفادة من النافذة الوحيدة - غير الكورنيش - المطلة على البحر لتطبح شاطئ لهم.
الخطوات المقدرة التي تقوم بها بلدية القطيف واستبشر بها الأهالي باتجاه شاطئ الرفيعة لازال يكتنفها الكثير من الغموض، فعدم وجود أي معلومات معلنة عما تريد البلدية القيام به هو إجراء غير معتاد للمشاريع الحكومية، أن طبيعة الاعمال على الأرض الآن هي مثيرة للتساؤل والتعجب معًا، فالكتل الأسمنتية التي غزت الشاطئ واستبدلت جزء من الرمل الناعم للشاطئ، وكذلك الاعمدة الحديدية الكثيرة التي تعيق حركة الناس بالقرب من مياه البحر خلقت شكلاً مشوهاً للشاطئ، وكذلك ايضا الوحات الضخمة ومبنى الموقع الاستثماري كلها أدوات أصبحت يتزاحم مرتادي الشاطئ الصغير بل أن وجودها بمحاذاة مياه البحر تماماً حول الشاطئ إلى شيء أخرى، وكون هذا الشاطئ هو الشاطئ الأول الذي تقوم البلدية بتأهيله في القطيف فهذا لا يعفيها من مسؤولية أن يرتقي التخطيط والتنفيذ لمستوى تطلعات الآهالي فضلاً عن الحد الأدنى من المعايير، فهو يخدم كامل المحافظة وليس فقط سكان جزيرة تاروت.
أن زيادة مساحة الاجتهادات والارتجال في العمل - المؤسسي - على حساب عملية التخطيط ومشورة المستفيدين هو أداء محكوم عليه بالفشل سلفاً مهما كان تقديرنا للخطوات والنوايا الطيبة التي نقدر أصحابها، فهذا الغموض غير المستحب نراه غير مبرراً ولا يصب في الصالح العام. فالخطوات التي نشاهدها في شاطئ الرفيعة بالكيفية الحالية بدء من تغيير مسمى الشاطئ خلافاً لبرغبة الأهالي كلها تثير الكثير من القلق الذي يصاحب مثل هذه الطريقة من الأداء، فهي أشبه بالطريقة الارتجالية التي انتهجها بعض مقاولي البناء حتى اصبح لدينا - في شمال جزيرة تاروت - جبل من الأنقاض حتى اختط مساراً على وحول غابة القرم هناك.
أن وجود إدارة مختصة بدعم البلديات في الوزارة وكذلك الصلاحيات الوزارية التي تم تفويضها لأمناء المناطق يشكلان دعماً قد غير مسبوق في تاريخ وزارة البلديات ينبغي الاستفادة القصوى منه لتصحيح مجموعة الأخطاء السابقة وتحقيق مستويات مقبولة من التنمية المحلية في المجال البلدي، وقد تمنيت على معالي الوزير بعد زيارته الأخيرة للمنطقة الشرقية زيارة جزيرة تاوت، فمثل هذه الزيارات عادة من يستفاد منها في إطلاع الوزير على إنجازات البلدية التي تستحق أن يطلع عليها، وكذلك وقوفه المباشر على أي مشروع أو مبادرة تحتاج الدعم من معاليه.