ميليشيات المشاعر
غالبا ما استوقفتني عبارة الكاتبة والقاصة الإنجليزية: أجاثا كريستي أن الإنسان الضعيف يصبح وحشاً مفترساً إذا أتيحت له الفرصة، إذا كان حاقداً على الحياة والمجتمع.
من الضرورة بمكان الإعتناء كثيرا بتربية النشئ منذ الصغر، على بناء نفسه روحياً وجسدياً وعقلياً ليحدث التوازن البشري والإنساني بداخله، ليكون فرداً صالحاً وبنّاءاً لنفسه ومجتمعه، قوياً لتخطي كل نواحي الحياة وعثراتها وهزائمها وانكسراتها
الفرد الضعيف يولد مجتمعاً ضعيف متأزم حاقد ومخفق ليس له أهداف وأحلام واضحة، يعيشون الحزن والكآبة رغم الرفاهية المادية والنعم التي تحيط بهم، تجدهم يقللون من إنجازات الآخرين ينتقدونهم، همهم الشاغل اطاحة واسقاط من يقع في براثن نفوسهم المأزومة.
عند التلفاز مع عائلتي ونحن نشاهد أحداث فيلماً في النتفليكس «ميليشيات المشاعر» يحكي مجموعة من النساء، جلهم من المتعلمات على إدارة وتشغيل الحواسب الإكترونية، ومن جرائمهن الكبرى إختراق حسابات الناس، أهدافهم ليست سلب المال، هدفهم الغريب سلب سعادة الناس بقناعاتهم وبما لديهم من أحباء وأصدقاء وحياة أسرية كريمة. وكن شغلهن الشاغل هو سلب راحة كل الأسر التي وقعت في أيديهن وأثارت براكين الحقد والكراهية في نفوسهم
لا أطيل عليكم عند إطاحة هؤلاء العصابة المشوهة إنسانياً، تم رصد المعلومات الكافية عنهن، وللدهشة الكثير منهن من أسر معروفة، متعلمة، تملك المال، والجمال، لكن فاشلات في إدارة حياتهن العائلية والمجتمعية، مطلقات أو مهمشات.
جانب الضعف الروحي والنفسي حّول قوة إمكانياتهن العلمية والمادية إلى سلاح فتاك لأنفسهن ومن هم حولهن.
في نهاية الفيلم، كانت هناك بعض السطور للمؤلف مضيفاً لأحداث الفيلم ”إجتهدوا على نقاء قلوبكم لتكونوا صالحين للحياة الآدمية ولتتخطوا عثراتكم وانهزاماتكم وإنكساراتكم ولتعمروا وتتحابوا لتنعم الحياة“.
فيلمٌ ممتع بحق وهو يحاكي واقع مليشيا موجودة في كل زمان ومكان، ذكوراً وإناثاً يغلفها سواد الحقد والكراهية ورغبة جامحة في خراب البيوت، بأساليب وطرق مختلفة ومتعددة، يتلذذون بعذابات الناس وإخفاقاتهم.