جودة الحياة
علينا أن نقر أن مدننا وبلداتنا بحاجة إلى ما يعزز جودة الحياة والسعادة، ولذا انطلقت رؤية المملكة 2030 ببرنامج لتحقيق ذلك. ولن أذهب للمناداة بإطلاق وزارة للسعادة، فالسعادة وحدها لا تكفي فهي جزء من أجزاء. ثم، قد يكفي أن تطلق الرؤية السعودية 2030 أهدافها ذات الصلة بالارتقاء بجودة حياة السكان «مواطنين ووافدين على حد سواء»، أن تطلقها وتدفعها للمقدمة، بهدف الإنجاز المعجل. وهناك من قد يظن أن المناداة بالارتقاء بجودة الحياة أمر قد يأتي لاحقا، باعتبار أنه ليست له أولوية! لكن عليه أن يتأمل، فما ”جودة الحياة“؟ عمليا، جودة الحياة هي حالة يتصف بها الشخص المرتاح المعافى والسعيد. وهكذا نجد أن ”السعادة“ ليست حالة منفصلة، بل متصلة، لها اشتراطات سابقة وأخرى لاحقة، ولن تتحقق السعادة إلا بتمام ما قبل وما بعد.
ومع ذلك أعود للقول إن تحقيق أساسيات الحياة، يتم أيضا من فهم أن تركيز الدعم لتوفير احتياجات الأسر المحتاجة بالكامل ضروري، وبذلك تصبح تلك الأسرة المحتاجة من تحقيق أساسيات الحياة، بما يمكنها من الانتباه لما حولها والاستمتاع به، والسعي إلى تعليم أبنائها والاهتمام بهم ليكبروا ويتعلموا، وتصبح سبل الحياة متسعة لهم، شأنهم شأن أي مواطن آخر، ليأخذوا فرصتهم كاملة في بناء الوطن وتحقيق ذواتهم. وهنا نلحظ دور حساب المواطن لتعزيز دخل الأسرة، وللمبادرات لتمكين ذوي الإعاقة وتعزيز دخل الأسر المحتاجة بما يوفره لها الضمان الاجتماعي من مخصصات شهرية.
ثم نأتي للأسر الأقل احتياجا من سابقتها، وماذا يمكن أن نفعل لها؟ نريد لها أن تصل إلى البحبوحة، وبذلك ستشعر بمزيد من الاستقرار. بمعنى أن الهدف دفع كل الأسر لتحقيق مزيد من النجاح، إذ إن اهتمام المجتمع المتكافل لن يتوقف عند مساعدة المحتاج ماليا، بل إن التطلع متصاعد لدفع كل فرد من سكانه ليصبح ”مرتاحا ومعافى وسعيدا“.
لكن اهتمامات المجتمع المزدهر لا تتوقف عند إسعاف المحتاج، إذ إن المطلب لمجتمعنا هو الازدهار والنمو والاستقرار الاجتماعي - الاقتصادي المستدام. هذا أمر يشمل تحقيق ”جودة الحياة“ لكل من يعيش هنا. وهو دون شك مطلب عملاق، يستوجب منا الكثير. ولذا، فعند الحديث عن الترويح والترفيه، فالحديث ليس عن أن مجرد الذهاب للسينما أو للمسرح بل أن تملأ ”جودة الحياة“ وجداننا، ولذلك متطلبات ومعايير ومؤشرات.