آخر تحديث: 13 / 11 / 2024م - 1:09 ص

تهيؤ الأشياء

أمين محمد الصفار *

سؤال يتردد عادة خلال مواسم معارض الكتاب من فئة عزيزة وهو ”أي كتاب تنصحني أن أقرأ؟“، في عام 2018م وفي لفتة مميزة خصصت إدارة معرض الكتاب في الكويت ركناً خاصاً لمساعدة من يحتاج من زوار معرض الكتاب للإجابة على هذا السؤال.

كتاب تهيؤ الأشياء هو باكورة إصدارات الباحث في علم الأنسان القديم عادل البشراوي. بمجرد قراءة أولى صفحات الكتاب سوف يتساءل القارىء عن علاقة عنوان الكتاب بموضوعه، لكنه سيكتشف الإجابة وربما القناعة بمغزى ذلك أثناء القراءة، يحاول الكتاب ملامسة العديد من الظواهر العلمية بأسلوب قصصي شيق يسهل على القارىء الولوج إلى كثير من الزوايا العلمية بطرح مختصر مفيد.

حديث في تطور الأشياء، هو الباب الأول من الكتاب، وفيه وقفات عديدة حول نظرية التطور، يرى القارىء أنها محاولة لفك الإلتباس السائد عن نظرية التطور التي يتم اختزالها في عبارات ظالمة للنظرية ولصاحب النظرية بل ولأي محاولة لرسم تصور صحيح ومبسط حولها.

خريطة من عناصر مختلفة رسمها الكاتب كتشويق لبحث التطور، قد نراها لأول وهلة ألا علاقة بينها وبين الحديث عن نظرية التطور أو الإرهاصات التي هيأت لنشأة ثم تطور هذا الكون، أرى هذه «الخريطة» أنها ابتكار يحسب للمؤلف، ويمثل التميز الذي يحظى به الكتاب، فهو بهذه الخريطة يستعرض مختلف الظواهر وكأنه بل هو بالفعل يقوم بعملية تهيئة للقارىْ للولوج لهذا العالم والابحار في مسارات التطور.

عندما نقول أنه إبحار في مسارات التطور فنحن نقصد أننا عندما نقرأ هذا الكتاب فأننا نبدأ بالحديث عن أكثر من ثلاثة عشر مليار سنة الى أن يصل بنا الكتاب إلى تاريخ الأنسان العاقل، لعل هذا أحد أسباب عدم تحبيذ الكاتب ذكر مصطلح ”قبل الميلاد“ عند الحديث عن أحداث سبقت مولد المسيح ، باعتبار أن الفي عام ليست تلك المدة الطويلة التي تستحق التمييز، فما قبل 5000 سنة مثلاً لا يستحق - حسب وجهة نظر المؤلف - أن نميزه بالقول 3000 قبل الميلاد.

رغم تجنب الكاتب ربط نظرية التطور بأي بعد ديني إلا أنه حام حول حمى موضوع الإلحاد دون أن يقع فيه. ولم ينس المؤلف أن يقدم نقداً رشيقاً لنظرية التطور ويقدم تساؤلات حاول تقديم إجابات حولها لتفتح الباب أكثر نحو مزيد من الأسئلة. أما الباب الثاني للكتاب فقد كان أعمق ”نسبياً“ في التطرق للجانب الديني رغم نفي الكاتب ذلك، فقد كتبه عالم الفيزياء العماني د. حسن أحمد اللواتي، الذي خصص هذا الباب لنظرية التطور نفسها، فهو يقدم مادته العلمية بنكهة علمية وفلسفية لكنها موجهة أيضا لغير المختصين، فهي مادة ذات طابع ثقافي وليس علمي صرف.