لماذا نكره الخير لغيرنا؟
بكلمة واحدة، بغيبة، بنميمة، ببُهتان لا يعلم المُتهم به من أمره شيئًا يتم اختلاس فُرص النجاح وسلبها من انسان بذل كثيرًا من الجُهد ليستحقها عن جدارة، فيتجرَّع مشاعر الحسرة على فُقدانها دون أسباب واضحة تستحق حرمانه منها.
شخصٌ يتم ترشيحه لمنصب مهني أعلى فيُختطف منه لأن أحد الحاسدين دس دسيسة ضده في الخفاء، شخصٌ يُختار لوظيفة تتناسب مع مؤهلاته وخِبراته فيُحرم منها قبل أن يتم تبليغه بخبر اختياره لها لأن أحد الحاسدين قلل من شأن تلك المؤهلات أو أشار لبعض أفكاره ومُعتقداته الشخصية بسوء، شاب مُحترم تقدم لطلب يد فتاة فشوَّه أحد الحاقدين سُمعته أمام أهلها لتكون النتيجة رفضه، شابَّة مُهذبة لطيفة يُفكر رجُل محترم بالتقدم لطلب يدها فيُلقي أحد المُتطفلين كلِمة عابثة تُشير إلى أنه يستحق امرأة أكثر جمالاً وأصغر عُمرًا وأرقى نسبًا وحسبًا منها ك ”فلانة ابنة فلان“؛ ويصرف عنها ما كان من الممكن أن يغدو نصيبها! حتى في عالم المجالات الإبداعية والفنية والثقافية والأدبية التي تبدو لعامة الناس من غير المُنتمين لهذا العالم مُعتمِدة على الموهبة والثقافة والاجتهاد بالدرجة الأولى؛ من السهل هذه الأيام أن يُحرم المُبدع الموهوب من آلاف الفُرص في هذا المجال بسبب كلمة تجعل الجِهة المُمسكة بزِمام تلك الفُرصة تمحو اسمه من قائمة خياراتها وتُقدمها لغيره دون إعلامه بالأسباب!! الأمثلة على هذا النوع من ”قاطعي السبيل“ لا تكاد تُحصى، وأكثرهم لن يمسهم أدنى ضرر إذا نال الآخر نصيبه من الخير الذي كان مُقبلاً نحوه قبل أن يصدَّوه عمدًا أو عبثًا، ما يجعل سلوكهم هدفًا للبحث والتحليل لاستكشاف دوافعه غير الواضِحة.
من المؤسف حقًا أن أكثر الناس مازالوا ”كلمة تجيبهم وكلمة توديهم“، لا يمتازون بذاك الوعي العميق الذي يجعلهم يتساءلون عن الأسباب الخفية التي تدفع هذا الشخص لإقناعهم بعدم منح الفُرصة للآخر، ومن المؤسف أيضًا أن ”قاطعي السبيل“ عمدًا أو عبثًا لا يفهمون أن ما يفعلونه سيؤدي إلى حرمانهم من فُرص كثيرة يستحقونها في المُستقبل عقابًا على أفعالهم الدنيئة، ومنهم مَن يصفعه العِقاب تلو العِقاب دون أن يلتفتَ إلى أن ما يحدث ليس سوى رسائل متوالية تتصاعد درجة الألم فيها شيئًا فشيئًا لعلهم يُعدلون مسارهم على هذه الأرض.
إن كُنتَ تُريد الاستكثار من الخير لنفسك فاعلم أن الخير يأتيك بمُساعدة الآخرين، ودعمهم، ومُساندتهم ولو بكلمة طيبة، فإن لم تملك ما تُقدمه عليك بكف أذاك عنهم لتمنع الأذى عن نفسك، وتدفع عنها صنوف البلاء.