قطاع الكهرباء من جديد
عايش قطاع الكهرباء مخاضا طال أمده، ويبدو أخيرا أنه في طريقه إلى الانقضاء. وما يبرر القول بقرب انقضاء انقباضات وانبساطات قطاع الكهرباء ما بينه وزير الطاقة من تشكيل لجنة وزارية برئاسة ولي العهد، تهتم بتطوير قطاع الكهرباء وتتابع هيكلة استثمارات القطاع، مع تنفيذ حزمة من الإصلاحات الهيكلية والتنظيمية والمالية لقطاع الكهرباء، لتسهم هذه الإصلاحات في تحقيق استدامة ورفع كفاءة قطاع الكهرباء طال انتظارهما، عبر: رفع كفاءة التوليد للمحطات، وخفض استخدام الوقود السائل، ورفع مستوى الالتزام البيئي، وتعزيز موثوقية شبكة نقل الكهرباء، لتحقيق مستهدفات مزيج الطاقة وتحسين أداء شبكات التوزيع بتحويلها إلى شبكات ذكية.
ومن الاصلاحات المؤثرة، التوجه إلى إلغاء الرسم الحكومي المفروض على الشركة السعودية للكهرباء، باعتبار أن زيادة التعرفة الكهربائية جاءت كرسم حكومي، وليس زيادة في إيرادات شركة الكهرباء تمكنها من توظيفها لتعزيز استثماراتها في القطاع، لتحقق للشركة استقرارا واستقلالا ماليا. وكذلك معالجة الشأن المعلق حيال المستحقات الحكومية على الشركة السعودية للكهرباء، الأمر الذي لطالما شكل عاملا ضاغطا على القوائم المالية للشركة. ومن الإصلاحات الفارقة كذلك التزام الحكومة بانتظام سداد مستحقات الكهرباء عليها، ما يؤدي إلى تعزيز التدفقات النقدية للقطاع. ومن الإصلاحات الجوهرية، تغطية الفارق بين الإيراد المطلوب والدخل المتحقق من التعرفة المعتمدة من خلال حساب الموازنة، مقابل التزام الشركة بالإجراءات التي تهدف إلى رفع جودة الخدمة المقدمة للمستهلك، ما يعد دعما مشروطا بتجويد الخدمة.
وفي هذا السياق، فقد فتح ملف هيكلة قطاع الكهرباء عبر العقود أكثر من مرة، لكن جوانب عديدة منه بقيت معلقة لاعتبارات، أهمها: ضخامة القطاع، تعدد قطاعاته، تشعب أنشطته، تأثيره الهائل في النشاطين الاجتماعي والاقتصادي، فضلا عن ضخامة التزاماته المالية وضرورة التوسع المستمر في سعاته، بما يعني إلحاح تواصل الضخ الاستثماري فيه دونما انقطاع أو حتى تباطؤ.
وما يعزز موثوقية إنجاز الحل هو إعلان الشركة السعودية للكهرباء توقيعها اتفاقية مع الحكومة ممثلة في وزارة المالية، تهدف إلى معالجة صافي الالتزامات المالية المستحقة للحكومة على الشركة، من خلال تحويل هذه الالتزامات إلى أداة مالية ثانوية بأجل غير محدد، غير مضمونة، تصنف ضمن حقوق المساهمين، وليست ضمن فئة الأسهم العادية، وعليه، فلن يكون لها أي تأثير في نسبة ملكية حملة الأسهم في الشركة.