آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 10:22 م

الموجة الثانية

زكي أبو السعود *

خلال الايام الماضية بتنا نسمع كثيرا عن الموجة الثانية من الكورونا، في الوقت الذي لا زال العالم لم يلقط انفاسه بعد من تبعات الموجة الأولى. كما يقال «والرأي الاول والآخير للأطباء» ليس هناك اختلافات تذكر بين الموجتين، بمعنى ان نفس الاعراض لم تتغير، وطريقة العدوى وانتقال الفيروس من شخص لآخر لم يحدث عليها تغيير، وكذلك نوعية العلاجات المقدمة للمصابين. اذن لماذا يطلق عليها موجة ثانية؟ الجواب يكمن في عدد المصابين، فبعد أن باتت اعداد المصابين في التراجع، عادت من جديد لتبلغ ارتفاعات جنونية. واضطرت بعض الحكومات الاوروربية في اغلاق بعض مدنها، ووضع قيود صارمة على حركة السكان، بما في ذلك الخروج من المنازل. وهي حالة جدا مزعجة وقد جربناها هنا في بلدنا. بعض الأوروبين والامريكان لا يقبل بمثل هذه القيود، ويرى فيها تقييدا ً لحريته المضمونة من دستور بلاده. وآخرون يرونها سبباً لمشاكل اقتصادية لا يستطيعون تحمل تبعاتها.

الإنسان بطبعه كائن اجتماعي، والأنسان السوي لا يستطيع ان يحيا بمفرده مهما مال للوحدة والانعزال وحياته عبارة عن سلسلة، كل حلقة فيها مرتبطة بالأخرى. ومن هذا المنطلق يمكن وضع تبريرات لتصرف هؤلاء الرافضين. من حسن الحظ انهم اقلية ولا يمكنها فرض ارادتها على كافة المجتمع، والا تضخمت الموجة الثانية ككرة الثلج، وبدل ان ترتفع معدل الاصابات 45?? لما كانت عليه في الموجة الاولى، يمكن ان تصل لنسب اعلى بكثير.

حينها لن تستطيع البنية الصحية مواجهة كل هذه الزيادات، ومن الممكن أن يلحقها انهيارات في كامل المنظومة الصحية، وهو ما سيتسبب ”لا سمح الله“ في حدوث مآسي لاحصر لها.

السؤال الآخر، وهو لا بد أن يكون سؤالا مطروحا امام الجميع، وبدرجة أولى لدى قيادات وزارة الصحة؛ هل نحن في مأمن من موجة ثانية؟ وهل من الممكن ان تضربنا كما هي الآن تضرب الاوروبيين وبعض دول الامريكيتين؟ ام أننا سنتمكن من مواجهتها ونبقي الاصابات منخفضة وتحت السيطرة، ولن أقول كأستراليا ونيوزيلاندا حيث الاصابات لديهم صفر.؟

امامنا تحدي كبير، فهل نمضي في الاسترخاء كما نحن فاعلون الآن، أم نعد انفسنا لمواجهة اي موجة قادمة مبكراً، بتذكير انفسنا ”لنعد بحذر“، أو بالعودة لبعض من تلك القيود والاحترازات الصارمة التي طبقناها قبل أشهر أثناء ما كانت الموجة الاولى في عزها؟.

وتبقى مقولة ”الوقاية خير من العلاج“ سارية المفعول ما بقينا احياء. حمى الله الجميع وابعد عنا وعن العالم اجمع شرورالكورونا واضرارها.

بكالوريوس في القانون الدولي، ودبلوم علوم مصرفية. مصرفي سابق، تولى عدة مناصب تنفيذية، آخرها المدير العام الإقليمي…