آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 10:22 م

قراراتك الإندفاعية إلى أين..!

ياسين آل خليل

نحن كبشر يغلب علينا طابع الإندفاعية في تأدية مهامنا الحياتية اليومية. هذا من شأنه أن يعرضنا إلى ارتكاب الكثير من الأخطاء، ويجعل خياراتنا أقرب إلى العشوائية منها إلى النظامية الهادفة، التي تنبع من أنفس مطمئنة يسودها السلام والسكينة.

الوقت يَمُرُ سريعًا بينما ينتابنا شعورٌ غريب بالندم والأسى لما أصابنا من غفلة جعلتنا نُدمن الكثير من العادات السيئة والتي ليس آخرها هذه الاندفاعية الجنونية عند تأديَتنا للكثير من أعمالنا. لا شك أن هناك بعض الأشياء التي تحتاج إلى السرعة في التنفيذ، وأن التباطؤ في تأديتها له عواقب وخيمة ومُكلفة، لكن علينا أيضا أن نُجيد التعامل مع مختلف الأمور كل على حدة وبالأهمية التي يستحقها كلٌ منها.

على ما يبدو أن الكثير منا أدمن السرعة في كل نواحي حياته اليومية، وإن بدا هذا أمرًا طبيعيًا لدى العامة، إلا أن هذه العادة قد تؤدي إلى اختيارات خاطئة حينا وكارثية أحيانا أخرى. هناك حاجة ماسة تملي علينا أن نأخذ وقتنا من التأني والحيطة قبل أن نُقْدم على صناعة أي قرار نعتقد جازمين أنه لا يحتمل الخطأ، لأهميته وحساسيته ومكانته في بلورة القادم من مستقبل أيامنا.

هل تعلم عزيزي القارئ أننا كبشر، غالبًا ما نكون الأسوأ، مقارنة مع بقية المخلوقات، في فهم رغباتنا وعواطفنا..! أن تكون راضيًا بعلم أو غير علم، عما يحصل لك جراء قراراتك المتسرعة، هذا أمر يخصك. لكن كُن واثقا أن اجراءاتك التي اعتمدت عليها في الماضي، هي التي لعبت الدور الأساس في تكوين شخصيتك وعالمك الذي أنت عليه اليوم. قراراتك هي الأخرى، وإن اتخذتها للتو، هي واقعيًا ليست وليدة اللحظة. هناك أمورٌ تراكمية قد أخذتَ بها في الماضي وعلى جهل منك بعواقبها في حينها، جعلتك تتصرف بهذه الاندفاعية الغير مسبوقة، والتي حَوّلتك الى انسان متسرع، يتخذ قرارات متهورة، وفي غضون ثوان معدودات، ودون تفكير يُعتد به.

تعدد تطبيقات السوشيال ميديا ذات العلاقة، تجعل من المعلومة مادة دسمة في متناول الجميع. هذا في حد ذاته حافز كبير، يُدخل من تنطبق عليهم صفة الاندفاعية إلى تقديم أنفسهم على أنهم من الدراية بمكان، يعطيهم الحق في الحديث في أمور عدة مع من تجمعهم بهم علاقة. هذا المسلك، قد يضع صاحبه في زاوية تجعله يغفل عن الخطورة التي يكتنفها هذا المشهد وما له من سلبيات قد لا يمكن ردها أو إصلاحها. عندما تنطلق الكلمات وتصل الى مسامع الطرف الآخر، فإنها تفعل فعلتها دون أن تكون هناك من إمكانية لمعالجتها أو التخفيف من مضارها، فينتهي المطاف بالمتحدث إلى خذلان أحبائه وإحباطهم.

لو كانت لدينا إدارة حقيقية لعقولنا ومشاعرنا، لما بادرنا بقول ما نعتقد أنه خطأ في الوقت الخطأ، ودون أن نُفكر مسبقا أن تلك الردود ستضر بعلاقاتنا. لو كان لدينا القدر اليسير من إدارة رغباتنا، لما هرعنا في إبداء آرائنا، ولأعطينا الفرصة للآخرين بالتحدث واستمعنا لهم جيدًا بروح مبادرة تتوخى الخير في أصغر الأشياء لتصل الى نتائج مرضية لكلا الطرفين. لأن الهدف من أي حديث بين اثنين أو أكثر، هو تبادل الرؤى والأفكار، وتقديم إجابات ذات مغزى، لا أن تكون ردودنا ردودا مُرتجلة، فارغة ومُجردة من أي معنى..!

في النهاية نحن نعلم أن قدراتنا على اتخاذ القرارات الجيدة والحكيمة، تنخفض في الساعات الأخيرة من يومنا الحافل بالعديد من المهام والالتزامات. عند تصديك لأي موقف ما، من المستحسن أن تفكر فيما تريده حقًا، قبل القيام بأي أجراء، أو حتى التفوه بكلمة. أخيرًا، ليس من الذكاء ولا الحكمة أن تأخذ بأول فكرة تتبادر إلى ذهنك، دون أن ترجع الى قلبك، وهو موطن العواطف والنوايا ومكمن المشاعر من خوف وغضب وحزن وسعادة.