التصدي لخطاب الكراهية والتطرف في الإعلام
كان تصريح ماكرون صادما وجارحا لما يقارب من مليار ونصف المليار مسلم، ساءهم أن يتعامل رئيس دولة عظمى مع حادثة عنف فردية بهذا التعميم، الذي يشجع على الإساءة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
نشارك المجتمع الفرنسي رفض العنف بشتى أشكاله، ولكن يؤذينا تصريح القيادة السياسية الفرنسية، فهو داعم للتطرف المضاد، ويشجع على العنف عندما يسمحون باستفزاز المسلمين برسومات وكاركاتير على «نبي»، ويعدون ذلك من حرية التعبير والإعلام وقيم فرنسا القائمة على الحريات والليبرالية.
صرحت هيئة كبار العلماء في السعودية تصريحا متزنا ومتعقلا، بأن الإساءة للأنبياء لا تمت لحرية التعبير، معتبرة أنها خدمة مجانية لأصحاب الأفكار المتطرفة، وأن واجب العقلاء في كل أنحاء العالم مؤسسات وأفرادًا إدانة هذه الإساءات، التي لا تمتّ إلى حرية التعبير والتفكير بصلة، وإنما هي محض تعصب مقيت، وخدمة مجانية لأصحاب الأفكار المتطرفة، وأن الإسلام الذي بُعث به سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام جاء بتحريم كل انتقاص أو تكذيب لأي نبي من أنبياء الله، كما نهى عن التعرض للرموز الدينية.
ضج الإعلام التقليدي والحديث بردات فعل متباينة، بعضها كانت لا تقل تطرفا وكراهية، خصوصا مع تسييس ردات الفعل الفرنسية من قبل حكومة أردوغان ونكاية بالمقاطعة السعودية الشعبية لتركيا.
خطاب الكراهية والتطرف هو محرك للعنف، وقد حمت جذواه في الإعلام الحديث، الذي استخدمت الجماعات الإرهابية منصاته لنشر التطرف حتى تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى أهم بيئة حاضنة يستعملها الإرهاب لتحقيق أهدافه.
قوانين حقوق الإنسان لم تتضمن تعريفا واضحا لخطاب الكراهية، كما أن تشريعات معظم الدول ليست واضحة بخصوص خطاب الكراهية والتطرف؛ مما ساهم في انتشاره وتجلى بالعنف الإلكتروني بين تكفير وتخوين وترهيب في وسائل التواصل.
يتطلب ذلك وقفة جادة مؤسسيا ومجتمعيا؛ للتصدي للخطاب المتطرف والداعي للكراهية وشق اللحمة الوطنية والاستفزاز على أساس عقائدي، وذلك من خلال نشر خطاب التسامح والاعتدال ويبدأ من التعليم، وإشراك المجتمع المدني، وحماية الناشطين بمواجهة خطاب الكراهية والتطرف، ومع الصرامة بالتعامل تجاه المتطرفين وناشري الكراهية.