ايجابية السلبية
تسللت بصمت، احدثت ارباك غريب، غادرت مخلفة بعضاً من الضجيج.
اما كيف ومتى؟ ليس لدي اي جواب لذالك لاسيما وانني محترزة بطبعي اينما اكون.
وبحمد من الله وفضله اقتصرت علي وحدي دون افراد اسرتي.
لا اطيل عليكم أعزائي....
بعد أشهر من الاحترازات والتباعد زارتني كورونا الملعونة.
ومع أنني ترددت كثيرا في الافصاح عن اصابتي اذ الحديث عنها بات ثقيلاً على النفس لما خلفه من تجارب قاسية على كثير منا وفي جميع أنحاء العالم.
ارتأيت أن المح اصابتي بها للتذكير بضرورة إستمرار الاحترازات، حفظ الله الجميع من كل وباء وسقم.
ما يقارب الشهرين من المعانأة ولازلت أعاني آثارها المزعجة التي باتت مؤخراً بمنة من الله طفيفة.
ومع ان لدي من الاحباب عدداً ممن اصيبوا قبلي كلاً على حدة، البعض فرادة والبعض اسر باكملها والبعض من انتقل الى رحمة الله بسببها.
إلا ان كل حالة هي تجربة قائمة بذاتها بها من التشابه وبها من الاختلاف الكثير.
لذا كان من الواجب سرد تجربتي لتكون ضمن تجارب الآخرين.
زرت المستشفى بسبب إلتهاب في الجيوب الأنفية والحلق منذ ما يقارب أسبوعين مصاحب لصداع مستمر وغريب، كتمة في الصدر وحشرة في الحلق مع عدة أعراض غريبة مزعجة.
المهم كانت نتيجة المسحة إيجابية.
والحمد لله اقتصرت علي وحدي والله سلم جميع المخالطين.
القصد إن الأعراض نفسها المعتادة في الإنفلونزا وحساسية الجيوب الأنفية إلا أنها مختلفة بغرابتها اي أن الإحساس بلاعراض غريب أو دخيل غير المعهود..ولا اقصد شدة الألم لا... فمثلا أنا أعاني من الصداع النصفي المزمن العنيف صداع الكورونا لا يعادل ربع ألم الشقيقة إلا انه مختلف. وهذه أحد الأعراض التي جعلتني أقول ربما تكون كورونا.
وبالنسبة للمدة منذ بداية الأعراض إلى مراجعة المستشفى واخذ المسحة يوم 16/92020 مع أسبوعين قبل المسحة.
أكتب لكم اليوم 25/10/2020. واستطيع القول إن الأعراض باتت ضعيفة.
بمعنى أن كورونا سلبت مني شهرين على أقل تقدير.
منذ أخذ المسحة زائد ما لا يقل عن اسبوعين أعراض بداءت متوسطة الى ان اضطرتني مراجعة العيادة.
التي كنت حريصة على عدم زيارتها إلا للضرورة نظراً لظروف كورونا والاحترازت الوقائية.
تمنياتي لجميع المرضى بالشفاء العاجل والرحمة لمن انتقلوا لدار الحق والخلاص من هذا الوباء يارب.
عند مدخل المستشفى أخذت الممرضة الاستفسار حول ما اشكو منه وادخلت البيانات بعدما اكدت على الاعراض التالية الحرارة، الكحة، الصداع، صعوبة التنفس....
بعد تردد منها، اخبركم لاحقاً لما ترددها، حولتني على العيادة لاولية لتقوم الممرضة هناك باعادة نفس الاستفسارات الى ان اتخذت قرارها بعد المداولة مع محطة الكشف الاولى فأخذتني إلى غرفة كشف خاصة بالكورنا وقامت الطبيبة باعادة نفس الأسئلة ومجرد كشفت علي بحذر شديد مباشرة حولتني لأخذ المسحة.
وكانت قد اعطتني مضاد لسبعة أيام مع مسكن للألم.
قبل أن تأتي النتيجة إيجابية.
اما تردد الممرضة كان نتيجة انها قدرت اني ربما اعاني المعتاد من إلتهاب الجيوب الانفية مع نوبة الشقيقة لاسيما وان الكحة لم تكن شديدة ولا أعاني إرتفاع في درجة الحرارة...
بمعنى أنها لم تكتمل لديها اعراض كوفيد 19على ما اظن.
أما متى ساورني القلق الذي حثني على الذهاب للمستشفى؟
كان عندما شعرت بحرارة شديدة تخرج من ظهري وكأن مادة حارقة تسكب علي من الداخل للخارج.
لدرجة اتحسس الفراش غير مصدقة ان هذه الحرارة مصدرها جسدي.
بعدها في النهار شعرت بتعب شديد وبدى على وجهي شحوب وادركت بأن تلك الدوخة واختلال التوازن الذي شعرت به اكثر من مرة في اوقات سابقة من ذات الاسبوع له علاقة بما اعاني منه الآن.
ولكي لا يتبعثر محتوى الموضوع سوف احاول سرد الاعراض كما حدثت ان لم تخني الذاكرة.
اولاً بداءت بصداع مزعج غير مألوف، وكأن جسماً حديدياً يقبع بعنف على الرأس وكأنه أخطبوط حديدي.
وبقيت معصبة الرأس لما يقارب أسبوع.
بعدها شعرت باحتقان في الحلق والأنف مع غثيان مستمر.
بعدها الآم شديدة في أسفل الظهر
استقر بكامل الجسم ثم وجع وشد في كامل العضلات واشتداد الغثيان.
المفارقة التي جعلتني أتأخر بمراجعة الطبيب هي ان الشعور بالألم لم يكن بحجم المشكلة.
مثلاً الشد العضلي كان شديد جداً لدرجة اني اجد صعوبة في الجلوس الا ان الشعور بالألم يحتمل ولا يتناسب وشدة الشد العضلي.
كل ما سبق من أعراض كان لمدة اسبوعين تقريباً قبل مراجعة المستشفى.
بعد يوم ونصف من اخذ المسحة جاءت نتيجة المسحة ايجابية.
وهنا اعتقدت بناء على فترة المعأناة لأسبوعين ان كورونا في نهايتها.
إلا انها لم تكن كذالك ابداً، فقد بداءت أعراض أخرى مختلفة تتوالى بالظهور.
وردني اتصال من المستشفى اخبروني بأسلوب هادئ وجميل أني مصابة كورونا وعلي البدء في الحجر الصحي لمدة أسبوعين.
طبعاً لم اتفاجئ ابدا بالخبر كنت اتوقعه بناء على الاعراض التي خبرتها.
على عكس أفراد اسرتي فقد دهشوا للخبر برغم انني عبرت كثيرا عن شكوكي بأنني مصابة كورونا.
على كل حال طلب مني اتباع التعليمات وسوف يتم التواصل معي هاتفياً بشكل يومي.
اليوم الثاني جاءني إتصال المتابعة من المستشفى وكانت الأعراض قد بدت واضحة بصوتي.
وهكذا استمرت الأعراض التنفسية في الظهور..حشرة في الحلق، كتمة بالصدر وألم في الصدر تحديدا القصبة الهوائية، غثيان شديد، الم شديد في الوجه خصوصا بوضعية السجود، اضافة للاعراض السابقة مع مرورة حادة وشم روائح جداً نتنه بين الحين والاخر.
عطش، جفاف بالبشرة، ارهاق.
ايضاً قبل تفاقم الاعراض كان فيه كوابيس وخيالات لاطياف غريبة.
وكل يوم تقوم الاخت المتابعة من قبل المستشفى بحثي على الذهاب للمستشفى للحصول على المساعدة ان كنت بحاجة.
إلا أنني كنت اتحمل ما دمت أشعر أن أموري بحمدلله على مايرام.
كنت اقيس الأوكسجين فلم ينزل عن 91 وغالباً يثبت عند 95. طوال أسبوعين العزل.
الى ان انتهت الأسبوعين وبما ان الأعراض مستمرة استمر العزل أربعة ايام إضافية.
بعد فترة العزل بداء الوضع الصحي عموما بالتحسن
الا ان الشعور بالالم اخذ يتحدد في الانف والحلق مع ظهور تقرحات مؤلمة في الفم والحنجرة ما اضطرني لمراجعة المستشفى بعد انتهاء العزل باسبوع تقريباً.
وطبعا عندما ادخل المستشفى أشعر بأني كارثة بيولوجية.
وبعد أن تمترس الطبيب داخل اقنعته وملابسه الواقية.
دار الحوار المعتاد من اسئلة من قبله عن شكواي واجوبة من جهتي عما اشكو.
فكان رأيه ان ما اعانيه هو اثار الكوفيد19 الذي تمركز عندي في الجيوب الانفية والحلق.
اما انا فطلبت منه مضاد حيوي خاص بالتهاب الجيوب الانفية نظراً لانني تعبت من شدة الالتهاب وطول المدة.
وبين اخذ ورد قال: لن يفيدك المضاد بشيء لانه لا يعمل على الكورنا وما بك هو اعراض الكورونا وليس التهاب جيوب انفية.
فإن أنت مصرة اعطيك اياه بناء على اصرارك مع علمي القطعي بأنه ان يفيدك بشيء.
وشدد على انه لو لم تعطي المضاد الاول قبل المسحة فلن تعطي اياه لأن كورونا ليس له علاج حتى الان.
لا غير بخار واوكسجين لتشعري بالراحة.
المهم استلمت المضاد للجيوب الانفية لمدة خمسة ايام وانصرفت.
بداءت باستخدامه إلى اليوم الثالث ولم استطيع التحمل....تعبت جداً فقطعته.
كان كلام الطبيب دقيق الا اني كنت ابحث عن ما يسرع شفائي.
بعد كم يوم شعرت إني عاودت التحسن.
ثم في يوم وفجأة مسكتني كحة شديدة جداً وضيق في التنفس مع دوخة.
قست الأوكسجين إلا وهو 87.
بعدما تكررت نوبة الكحة الشديدة مع نزول الأوكسجين ذهبت للمستشفى اسعاف واعطاني مضاد لحساسية الصدر مع بخاخات. وكان هذا قبل عشرة ايام من اليوم.
والنتيجة ان كل ما عانيت هو بسبب كورونا.
اليوم يكون مضى على انتهاء كورس المضاد خمسة ايام وبفضل الله أستطيع القول إني معافاة والحمد لله.
وبذالك عندما تأتي نتيجة المسحة ايجابية تأتي كل تبعاتها سلبية.
الكثير من الناس زارتهم كورونا وعدت بيسر وسلام والبعض تركت لديه ذكرى سيئة بعد معاناة انتهت بخير وسلامة والبعض رحل من هذه الدنيا على اثرها تاركاً وراءه حرقة الفراق وغصة وداعاً مبتورا ونظرة أخيرة مجهولة التاريخ... ولربما البعض طال غيابه على السرير الابيض حتى
رحيله ليبقى الشوق يمزق ذكراه ويلهب قلوب محبينه.
كورونا كابوساً حقيقياً مجهول المعالم، كابوساً يملك فنون المراوغة والتخفي لا يدري الشخص من اين يأتيه ومالذي سيحدث عند التلاقي.
كونوا بخير أحبتي... إستمرار الاحترازات هو خط الدفاع الأول لصحتنا وصحة من نهتم لامرهم ونحب.
هذه تجربتي مع كورونا أبعدها الله عنكم وحفظكم من كل مكروه.
تمنياتي بالصحة والسلامة للعالم أجمع... نسأل الله العافية والخلاص من كل ضر.