تراثنا يجمعنا
جاءت زيارة الدكتورة رنا القاضي والدكتورة أمل العلي لمنطقة القطيف ضمن الجهود الأهلية التي تساهم بتعريف مثل هذه الكفاءات الوطنية ببعضها البعض وكذلك التعرف على الأرث التاريخي والتراث المتنوع في منطقة مهمة من هذا الوطن.
هذا النوع من التواصل الأفقي بين الكفاءات بمختلف مناطق المملكة يعطي مزايا عديدة ونتائج سريعة ومباشرة لا تقل أهمية عن بعض تلك الزيارات الرسمية التي يسبقها جهود كبيرة ولا تتمتع بالرشاقة الكافية التي يتمتع بها التواصل الأفقي بين الناس كأفراد أو مستوى الشفافية والتلقائية التي تحظى بها مثل هذه الزيارات.
لقد كشفت هذه الزيارة - كما الزيارات الأخرى - أننا نتحدث نفس اللغة الوطنية ونستخدم نفس المسطرة والمعايير المهنية والحب لهذا الوطن، يقودنا الأمل في تسريع عجلة التنمية المحلية عبر الاستفادة القصوى من الموارد العديدة والمزايا الخاصة التي تتمتع بها القطيف وكل مدينة في هذا البلد العزيز، وهو جانب يكتسب أهميته من خلال دعمه وتكامله مع الأنشطة الحكومية المختلفة التي تسير وفق رؤية المملكة 2030.
في جزيرة تاروت أثارت د. رنا القاضي خلال هذه الزيارة أكثر من نقطة جديرة بتسليط الضوء عليها والتوسع في الحوار حولها، فقد أكدت على أهمية وجود بيت للفن التشكيلي في القطيف يتم فيه عرض اللوحات الفنية المختلفة كما هو موجود في مدينة الخبر الجميلة، وهي نقطة أراها عالية الأهمية، فعدد الفنانين التشكيليين في القطيف يفوق عدد زملائهم في الخبر، وكذلك من حيث تنوع الخطوط وسعة المساهمة والتواجد على الخريطة
الفنية داخل وخارج المملكة وهو أمر يعرفه أهل الأختصاص.
تحت عنوان التنمية المحلية أيضا دارت حوارات عدة بين ثلة من المختصين والمهتمين حول إنشاء المتاحف المتخصصة سواء الأهلي منها أوالحكومي، حيث يحتفظ العديد من الأهالي في القطيف بركن خاص في منازلهم يضم ما يعبر عن شغفهم بتراث منطقتهم إضافة لمن حول معظم بيته الى ما يشبه المتحف الخاص بمقتنياته التراثية المختلفة، وكذلك الحرف المحلية التي مازلت نماذج رائعة لم تموت بعد، بل ماثلة تنبض بالحياة في القطيف، ويمارس معظمها فئة من شبابنا وليس الشيوخ كما هو معتاد، أيضا الأطمعة التراثية الموسمي منها وغير الموسمي التي تشتهر بها المنطقة، وربط كل ذلك بمسار سياحي كي يشكل عصباً رئيساً للسياحة والتنمية المحلية.
أثبتت ردود الفعل الجميلة - من مختلف مناطق المملكة - على الصور التي نشرتها د. رنا القاضي في وسائل التواصل عن هذه الزيارة - كما تفعل عادة بعد كل زيارة للمدن التراثية - عن مدى تعطش سكان المملكة لتراث هذه المدينة، ورغبتهم في المعرفة والتعرف عليه ولو عن طريق الصور الفوتغرافية.
أن تشعب المجالات المتعلقة بالتراث وعلاقتها بحياة الناس وتشابكها مع الثقافة والسياحة والتنمية المحلية يجعل الحديث عن إنشاء الجمعيات الأهلية المتخصصة بالتراث أمراً حيوياً وهاماً بل تلقائي الطرح في مثل هذه اللقاءات، وكذلك الحديث عن الأثار والتراث في المملكة عموماً وفي المدن التاريخية كالقطيف خصوصاً يشرّع الباب واسعًا للحديث عن أفضل السبل العملية لإدارة المواقع الأثرية والتراثية المهددة في القطيف.