آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 11:58 م

صلاة مثالية

ملاك الراشد

جميعنا نمر بفترات نشعر فيها بأننا مهزومين من الحياة وأنفسنا، حتى أننا نشعر بأننا بحاجه إلى معجزة أو حدث يغير ما نحن عليه، وبطريقة متطرفة نتمنى لو أننا نستطيع فقدان الذاكرة أو على أسوء الأحوال وأكثرها تمنيًا الموت، رغم خوفنا القهري منه.

بالتأكيد كل شخص منا يشعر بألم خاص ويمر بأحداث مختلفة ومحاط بأشخاص مختلفين عما يمتلكه الشخص الآخر فلكل منا قصته وأسبابه الذي يجعله كارهًا او غاضبًا أو ربما حزينًا في هذه الحياة أو منها.

المؤسف المضحك أن هنالك سببًا مشترك لدى الأغلبية وهو أهم الأسباب الرئيسية لعدم قبولنا لأنفسنا وحياتنا او حتى قبولنا للآخرين وهو «أننا نريد أن نعيش بمثالية» أو بطريقة أخرى كما نريد أن «نمتثل عليه في حياتنا وفق صورة للحياة وصورة لأنفسنا والآخرين والأهداف والعمل والدراسة وابوينا واهالينا وموطننا» وغيرها الكثير من الأشياء حتى أننا تطورنا إلى أننا نريد أن يكونوا الأطفال مثاليين!.

المضحك في الموضوع أن فكرة المثالية رغم أنها أكثر الأسباب التي تجعلنا نشعر بمشاعر غير محببة لأننا غير سُعداء لأننا غير مثاليين هي بحد ذاتها تجعلنا أشخاص أقل ابداعًا فاحيانًا نحن أنفسنا نمنع بعضنا البعض عن الإستمرار في النجاح بقولنا «لا تكن مثاليًا!» وان رأينا شخص مقصر في عمل ما أو ظهر بطريقة غير جيدة او لدينا هدف في الزواج أو الوظيفة أو الإنجاب أو التربية كي لا نكون مفضوحين بكلمة المثالية نسلحها بقناع «المفروض» وعليه فإن كل ما فرضناه عليه أن يتحقق ويتجلى بمثالية، فأصبحنا لا نعلم هل نريد المثالية ام اننا نبغضها؟.

فالوقت الذي يمنعك احدًا من أن تكون إنسان مُحسن بسبب المثالية تأكد بأنك في الطريق الصحيح فلا شيء يستدعي إننا نسعى للمثالية من عدمها حيث أنها غير موجودة على أي حال، فلا نحن نرهق أنفسنا أن نكون مثالين ولا نتوقع أن يكون هنالك ذرة من المثالية في الحياة، حتى إن عماد الدين وهي الصلاة لم تطلب منا بمثالية! من المستنكر ان يأمرك احد أن تصلي بمثالية!! - جرب أن تأمر احدًا وقل: له صلي بمثالية. حتى وإن كان بمخيلتك -

هل وصلك احساس الاستهزاء؟ أحب أن أؤكد لك أن لا شيء يفترض أن يكون مثاليًا كما صلاتنا فنحن مدعون للإحسان فيها لا فلم يرد مصطلح المثالية كما أننا مدعوون للاتقان والإخلاص والصبر والفرح والاستمتاع بالنعم كما هي موجودة لدينا ونستطيعها لا كما نريدها وفقًا لما نتمناه ونشتهيه.

حياتنا ليست ورقة ممنهجة على أسس المثال والتطبيقات فلا تضع لنفسك قواعد في ما يحدث أو ما أنت عليه بمثالية، ليس عليك أن تكون مقيد بسلاسل المثالية فلا هدف مرتبط بعمر ولا أشخاص مرتبطين بصفات تريدها ولا أعمال مرتبطة بأماكن محددة ولا أطفال مرتبطين بسلوكيات هادئة، خلقنا احرارًا غير مقيدين فلا داعي لصناعة سلاسل المثالية التي تحولك لآلة بجودة مثالية!

أختر على الأقل شيئًا واحدًا يرهقك كثيرًا، وتمعن ما الذي حددته بمثالية له ليصبح هذا الشيء الآن عبئًا عليك حتى وإن كانت نفسك!

كن حرًا وعش بإحسان.