مقهى عربي بثقافة أجنبية!
بعض المواقف تطالب القلم بأن ينزف الحبر على ورقة الجراح لربما الحبر يحمل البلسم من تخفيف ألم الموقف، بينما بعضها تنقل الشخص من جغرافيا الجهات الأربع في الأرض إلى عالم الأفق والسمو والسعادة.
المقال يزداد رونقا وجمالا عندما يعكس ثقافة نعيشها والكاتب يكون أحد شخصيات البطولة في المقال. لكن كتبت مقدمة المقال ثم تخليت عنها.
اليوم القلم يطالبني من نزف الحبر على الورق فلم أتوقف من إكمال مقدمة المقال.
بعض أصحاب المقاهي له عبقرية وعيون فاحصة من ثقافة البلد في فتح مشروع المقهى، حيث المقهى لا ينحصر في شرب القهوة والتلذذ في أنواع الأطباق من الحلى، المقهى يتوسع ويشمل من خلق أجواء النقاشات الثقافية والاستجمام الفكري للمجتمع.
قمت بزيارة مقهى في المدينة المنورة وذهلت مما رأيت؟ في التعامل الراقي الذي يحمل ثقافة البلد، والارتياح النفسي، فكتبت مقال تم نشره في الصحف الإلكترونية والجرائد، يعكس الشكر والتقدير إلى هذا المقهى الجميل، فلم يكن حلو المذاق في القهوة بينما المذاق يزداد حلاوة في ثقافة التقديم للطلب والسلوكيات الجميلة التي يحملها هذا المقهى، في كل مرة زيارة إلى المدينة المنورة يكون مقهى ”عينة قهوة“ مجدول في الرحلة.
بينما في الضفة الأخرى، مشهد جعل قلم الحبر أكثر جفافا، والنفس تنصدم من تحويل الورد إلى ضربات بالسوط ومن تحويل القبلات إلى جراحات، كنت مع أحد الأصحاب في اختيار مكان النقاش في بعض الأمور العملية، فتم اختيار أحد المقاهي من منطقة الناصرة ليكون اللقاء يجمعنا، عندما دخلنا في أول خطوة وجدنا أحد العمال من الجنسيات الأجنبية يتوجه لنا قبل اختيار مكان الجلوس.
في حال الجلوس، رأيناه يقف أمامنا مع إلحاح في الطلب قبل أن ترتد أنفاسنا ونختار جلسة الارتياح، فلم يتحرك من أمام الطاولة، وبلغة تحمل الجفاف يعرض قوانين المقهى بأن يكون الطلب قبل الجلوس!
صاحبي تعجب من هذا الموقف.. يا ترى هل نحن في مقهى عربي ودولة عربية؟ أو هل نحن في مقهى أجنبي وبلد أجنبي؟ في هذا الموقف أربك جلستنا وأفسد الزيارة للمقهى.
من الأسباب لربما البعض من التجار يجهلها أو يتغافل عنها في حيت فتح مشروع مقهى، من عدم تدريب العامل الأجنبي في ثقافة أهل البلد. وما يحمل أهل البلد من نفوس الزكية وأخلاق نبيلة، والترحيب بالضيف. بذلك هم يسيرون على منهج آبائهم من الكرم والجود وحب التعامل الحسن مع الآخرين، بينما العامل العربي والسعودي يحمل ثقافة البلد وانطباعهم ويرغب الزوار في المقهى.
نأمل من أصحاب المقاهي في اختيار طاقات لها خبرة بثقافة البلد حتى ينجح زوار المقهى، ليس علينا إجحاف العامل الأجنبي إنما أتى في هذه البلد المبارك يساهم في التطوير والازدهار، لكن يجب استخدام الطاقة المناسبة في المكان المناسب.