اليوم الوطني في كلمات
في الثالث والعشرون من سبتمبر من كل عام تمر علينا مناسبة عزيزة على أنفسنا، لكنها مناسبة ليست ككل المناسبات. الواحد منّا لا يمكنه أن يكون أكثر امتنانا وفرحة وفخرا ورضا، إلا عندما يعيش هذه اللحظات بوعي شامل وكُلّيّ. أن تعيش في وطن مُستقل، سَيّد نفسه، تجوب شرقه وغربه، شماله وجنوبه، دون أن تشعر أن هناك من جسم غريب يُنَغص عليك حُرية التنقل، أو أن يشعرك بعدم الإنتماء الى هذا الوطن الشاسع الأرجاء والذي تقدر مساحته بما لا يقل عن 2,15 مليون متر مربع، لأمرٌ يغمرالإنسانَ بالبهجة والعزة والإباء.
اليوم الوطني هو فرصة رائعة نُذَكِّرُ فيها أنفسنا والآخرين، بمدى الصُعوبات التى عاش فيها أسلافنا من أبناء هذا الوطن قبل تسعون عاما من هذا اليوم الميمون. كيف كانوا يعملون، وكيف كانوا يسكنون ويأكلون. كيف كانوا يتنقلون وماذا كانوا يلبسون. علينا أن نتذكر هؤلاء الذين خططوا وعملوا ليل نهار وتحدوا بطريقتهم وأسلوبهم صعاب الحياة، حتى جعلوا من أحلامهم حقيقة يعيشها الأبناء وينعم بها الأحفاد من بعدهم.
نحن اليوم بما نمتلكه من ثقافة وترَاث ومقومات الوطن من بُنَى تحتية وفوقية، وعَلَمٌ يُرفرف في معظم عواصم العالم، لأمرٌ يستحق أن نقف وقفة عِزّ وفخر بأن هذه الأمة نالت بجدارة وسام الشرف في أن تُحترم بين أقرانها من الدول على ما أنجزته على صعيد الدولة والإنسان، تحت قيادتها الفذة والحكيمة.
كل واحد منا بات شريكا في بناء هذا الوطن وإيصاله إلى ما هو عليه اليوم. الطالب في مدرسته والعامل في مصنعه والقائد في مؤسسته والمزارع في حقله والطبيب في مشفاه، جميعنا بُتنا شركاء الوطن في أن نحتفل بهذا اليوم لأننا أضفنا لبِنَةً جديدة على طريق النجاح، لنجعل من هذا المُسْتَقَرّ مكانًا أفضلَ للعيش.
يُقَال أن الإنسان لا يعرف قيمة الشيء حتى يَفقده، ونحن كمواطنين في هذا الوطن الغالي، المملكة العربية السعودية، لم يعد بإمكاننا إلا أن نُحب هذه الأرض من أعماق قلوبنا. بات علينا أن نسعى أفرادا وجماعات أن نُحافظ على هذا الوطن من الطامعين والحاسدين، وأن نبذل الغالي والنفيس في أن يبقى شامخًا عزيزًا يناطح السحاب. يعلو بهمم رجاله وأبنائه الذين لا يكلّوا أو يَملّوا، بل هم في حركة دئوبة للارتقاء بكل ما يمت لهذا الوطن في شيء.
رؤيتنا والحمد لله واحدة، وديننا واحد وهويتنا واحدة. الوطن يعيش الأمن والأمان تحت قيادة صائبة وثاقبة، وتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمير الشاب محمد بن سلمان حفظهما الله. إذا كانت بلادنا تستحق أن نموت من أجلها في أوقات الحروب، فإنها دون شك تستحق أن نعيش من أجلها في أوقات السلام.
كَمَا أننا نفتخر ونعتز بماضينا ونشعر أنه من الأهمية بمكان، فإننا أيضًا نرى في مستقبلنا ضالتنا، وعلينا أن نحرص كل الحرص أن يكون مستقبلنا أفضل من حاضرنا. جميعنا قد سئمنا الكراهية والبغضاء ونَبَذْنا العُنف والإرهاب. ما نحتاجه في حاضرنا ومستقبل أيامنا، هو مزيدا من تراص الصفوف ومزيدا من التآلف والحب.
أمّا حُبّي لهذا الوطن فلا يمكن وصفه في كلمات. كل ما أتمناه في هذه المناسبة الكريمة، أن يبارك الله في هذا البلد وأن يجعله آمنًا مستقرا وأن يهدي أهله سبيل المَحَبّة والرشاد والريادة والرَفاه.
ونحن نحتفل بهذه الذكرى الوطنية الغالية على قلوبنا، علينا أن نضع في اعتبارنا دائمًا أنه لا توجد هناك من أوطان مثالية كاملة، إلا بقدر ما يكون أهلها مِثاليين ونموذجيين. إلى عيدٍ وطني آخر، نرفع أيدينا إلى السماء وندعوا من قلوبنا أن يأتي علينا العام القادم وقد انجلى وباء كورونا عن العالم أجمع ونحن في خير ونعمة، لا فاقدين ولا مفقودين، وأن ينعم على هذا البلد وأهله بالرخاء والازدهار والأمن والأمان.