كشف الفساد
قال تعالى ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ۖ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ صدق الله العظيم [المجادلة - الآية 22].
في عام 2007 فضح أحد موظفي شركة أوراكل «Oracle» العالمية فسادها في تكلفة البيع نحو أنها باعت الحكومة الأمريكية برنامجها بأكثر مما يستحق «أغلى مما كانت تبيعه للآخرين». وقامت على ذلك دعاوى قضائية دفعت فيها أوراكل ما يقارب 200 مليون دولار للحكومة الأمريكية. «راجع مصادر الأخبار في المراجع بعد المقال».
يسمى فضح «كشف» الفساد whistleblowing. وفي الغالب، من يفضح فساد شركات ضخمة يتعرض للتحرش والمضايقات والترغيب والترهيب، إلا إذا طبعا قدم هذا الكاشف أسرار هذا الفساد إلى حكومة قوية مثل الولايات المتحدة الأمريكية والتي لا تسمح لأي كان أن يتلاعب بها. هنا، وهنا فقط، يحظى الكاشف على حماية قانونية قوية تحبط محاولات الابتزاز أو والتهديد.
الفساد قد يتسرب إلى المافيات العالمية. ولأخذ احتياطاتها، تفرض هذه المافيات على من يدخل إليها كشف بجميع أقربائه ومن كل جانب وفي كل دولة. فإن وشى بهم ولأقوى وأكبر حكومة في العالم، تم تصفية أقربائه. حينها، لا يجرؤ إطلاقا على التحدث.
خصوصا في جمهوريات الموز «Banana Republic»، الكثير من المؤسسات فاسدة لحد النخاع. ليس بالضرورة أن تقدم هذه المؤسسات خدمات مادية للمستهلكين؛ قد تكون خدمات فكرية أو عقدية أو أيديولوجية،... الخ. في الدول النظامية والتي يوجد فيها فضاء من القضاء، توظف هذه المؤسسات محامين على مستوى عالٍ من الأهلية للترافع في قضيتهم. أما في جمهوريات الموز؛ والتي ربما لا تحاط بحدود سياسية، الجمهورية مجرد رمز لانتماء معين قد يكون معنويا أكثر مما يكون جغرافيا. فتكون أكثر أساليبها الدفاعية عاطفية حيث توجه جماهيرها بالتحكم عن بعد على القناة التي تريد بثها. إن حاول أحد كشف الفساد أو التطرف له من الخارج، تم اتهامه بالحسد وعدم المعرفة والتدخل فيما لا يعنيه. وإن حاول بعض أهل الداخل كشف الفساد، تم تسقيطهم من كل جانب، تارة بالضلال وتارة بالجنون وتارة بالخروج عن الدين،... الخ. وهكذا تسقط أكثر مشاريع كشف الفساد المستشري الذي بنت الكثير من المؤسسات بنيانها عليه.
وعلى ذكر أنواع تهديدات المافيا لأفراد عصاباتها، يقوم غوغائيو بعض المؤسسات الفاسدة بتصفية أفراد الخارجين عن طوع المؤسسة أو تكسير وتحطيم مكاتبهم حيث تصل أياديهم.
تراهن الكثير من المؤسسات الفاسدة على قلة وعي الجماهير والمستهلكين حيث يكون الوعي أعدى أعدائها. وستجد المنتسبين يجاهرون بحربهم للعلم ومحاولة تسقيطه واتهامه من كل جانب بتصرفات فردية شاذة. كما تراهم يحاربون الأفكار ويقصون المفكرين، وذلك لأن بقاءهم مرهون بقلة وعي الجماهير العاطفية والمتحمسة.
