هل يحتاج القطاع الثالث للاتصال المؤسسي؟
أضحت أساليب الأدارة في القطاع العام والقطاع الخاص يومًا بعد أخر تتشابه أكثر وأكثر لصالح الأسلوب الأكثر عملية وديناميكية وهو أسلوب القطاع الخاص، أما القطاع الخيري والاجتماعي المسمى بالقطاع الثالث فهو أيضا يسير بهذا الاتجاه، ويكاد يبقى الاختلاف بينهم في الفلسفة الخاصة بكل قطاع.
الاتصال المؤسسي هو من المفاهيم والتطبيقات الأدارية الحديثة نسبياً، وقد بدأ القطاع الخاص بتطبيقه ثم تبعه على تفاوت القطاع العام، ويبدو أن القطاع الثالث هو الآخر يقتفي الأثر. ويهتم الاتصال المؤسسي ببناء الهوية «السمعة» للمنظمة التي هي رأس مال أي منظمة خصوصاً المنظمات الخيرية والاجتماعية وذلك من خلال: تعزيز الاتصال الداخلي «داخل المنظمة»، والاتصال الخارجي الذي يتضمن التواصل مع المجتمع ووسائل الاعلام والجهات الإشرافية ومن في حكمها.
يُعرف البعض الاتصال المؤسسي على أنه دمج بين مهام العلاقات العامة وبين مهام التسويق، وهذا التعريف نراه جيد في تقريب الفكرة لكنه لا يراعي أن بناء السمعة للمنظمة لا يعني الترويج للمبيعات أوالخدمات، فالاتصال المؤسسي يعنى ببناء الهوية وليس بإضافة مميزات للخدمة، كما أنه يعنى باستهداف الجمهور وليس العملاء فقط، وكذلك يعنى بالتأثير على الرأي العام وليس زيادة الطلب على الخدمات.
لبناء الهوية أو السمعة يحتاج الاتصال المؤسسي أولاً الى التمكين من قبل الإدارة العليا حتى يتمكن من رفع الروح المعنوية للموظفين من خلال التدريب والتعلم والتحفيز وهو ما يعبر عنه بالتواصل الداخلي، وكذلك التواصل مع المجتمع ووسائل الاعلام والجهات الإشرافية ومن في حكمها بمزيد من الشفافية والاحترافية في عرض المعلومات، وكذلك تمتين العلاقة مع الجمهور من خلال الذهاب لهم وليس الانتظار لحين وصولهم أو وصول ملاحظاتهم «التواصل الخارجي».
أن تطبيق مفهوم الاتصال المؤسسي يتطلب تغييراً جوهرياً في المنظمة ليس على مستوى الهيكل التنظمي فحسب، بل قد يمتد أيضا إلى تصميم مبنى المنظمة ووسائل الاتصال بها، فالوحدات الإدارية التابعة لإدارة الاتصال المؤسسي تحتاج أن تكون إدارياً وتصميمياً واجهة المنظمة المعبرة عن أهدافها سواء في المبنى الإداري أو من خلال تواصلها مع الجهات المختلفة أو حتى على موقعها على الأنترنت ووسائل التواصل المختلفة لتكون إدارة التواصل المؤسسي هي النقطة المركزية في كل اتصالات المنظمة.
أن الميزة والمهمة الأبرز لإدارة الاتصال المؤسسي تكمن في كونها المصدر الرئيس الذي تتجمع لديها بصورة مؤسسية منظمة نواتج كل أنواع الاتصال الخاص بالمنظمة، وبالتالي تستطيع أن تعطي تصوراً متكاملاً وشاملاً عن المنظمة للإدارة العليا.
في ظل التطور التقني والإعلامي والمتغيرات الكثيرة لعل الفرصة الآن أكثر إلحاحاً للجمعيات الخيرية والمؤسسات الاجتماعية للبدء بتطبيق مفهوم الاتصال المؤسسي ولو تدريجياً وذلك للبناء والحفاظ على مستوى متقدم من هوية مؤسساتهم بزيادة مستوى الاتصال الفعال بكافة أنواعه وأدارة التحديات والتكاليف الإدارية في أوقات الأزمات والأوقات العادية في آن واحد.