آخر تحديث: 22 / 11 / 2024م - 12:45 ص

الواسطة فساد

دكتورة لمياء عبدالمحسن البراهيم * صحيفة اليوم

دعمت قيادتنا الرشيدة مكافحة الفساد على جميع المستويات بدون استثناءات، التي صعّدت المملكة إلى المرتبة العاشرة في دول منظمة العشرين بجهودها في ذلك.

في دراسة لنزاهة عام 2015م، كانت الواسطة أكثر أشكال الفساد انتشاراً في القطاع الحكومي الخدمي بنسبة 54%.

تُعرّف الواسطة بأنها طلب المساعدة من شخص ذي نفوذ وحظوة لدى من بيده القرار أو المقدرة على ممارسة السلطة لتحقيق مصلحة معينة لشخص لا يستطيع تحقيقها بمفرده وبميزاته.

أفتت هيئة كبار العلماء بتحريم الواسطة «فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 25/389» إذا ترتب على الشفاعة أو التوصية حرمان مَنْ هو أولى وأحق من جهة الكفاية العلمية، التي تتعلق بها، والقدرة على تحمل أعبائها والنهوض بها. كما أن بها خداعا لأولي الأمر ومنع الأكفاء، الذين تم تأهيلهم ليخدموا وطنهم والنهوض به، وسلب حق المجتمع في حرمانه ممن ينجز عمله ويقوم بشؤونه كما ينبغي.

غير أن حرمان الأكفاء وحصول أصحاب الشفاعات على الفرص يولّد الضغائن بين النفوس والإحباط ويقتل الطموح ويضعف الأداء والإنجاز، ويغلب النفعية والانتهازية والأساليب الملتوية على التنافس الشريف.

فالواسطة تتجاوز النظام وتنافي العدالة وتتعدى الحقوق، ويترتب على ذلك وصول أشخاص إلى مناصب قيادية ومواقع صنع القرار بالمحسوبية بدون الاعتبار للتأهيل ومناسبة الشخص لوظيفته وكفاءته وعليه سيستغل نفوذه، فتتحول الوظائف إلى الأقارب والمعارف، مستفردين فيها بالمزايا المالية والوظيفية، وترسى العقود والمشاريع وفق المصالح الخاصة على حساب المال العام، ويقصى الأكفاء والشرفاء للحفاظ على كرسيه، وسيخل بالنظام حين تسود القوة وأصحاب النفوذ أمام الأنظمة والقانون.

الواسطة من أوجه الفساد الخفي المالي والإداري، التي جرّمتها الإستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد في أكثر من مادة، وأكدت وجوب قيام الأجهزة الحكومية بتطبيق الأنظمة وتطويرها بسد الثغرات، التي تكيف للمصالح الخاصة، وتقويمها وتوضيحها وتقليص الإجراءات وتسهيلها والتوعية بها للقضاء على الاستثناءات غير النظامية.

محاربة الفساد تبدأ باجتثاث جذوره وأولها الواسطة، وتطبيق مبادئ الجودة بمقارنة المهام الوظيفية بجدارات الموظف، الذي يشغلها من مؤهلات علمية ومهارات تبرر ميزاته الوظيفية والمالية، وتشديد العقوبات الحازمة على الواسطة، وتقليص صلاحيات المسؤول، وتدوير الكراسي الإدارية.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
محمد عبدالمحسن
[ الدمام ]: 3 / 9 / 2020م - 11:30 ص
مكافحة الفساد المالي والإداري يتم عبر أدوات فعالة ومنها " الحوكمة " مع الاستفادة من التجارب الناجحة في مكافحة هذا الوباء.
أما عملية المكافحة الشكلية فلن تحقق الهدف المطلوب، وذلك لأن المكافحة بهذه الوتيرة ستدور في حلقة فارغة.
الكثير يدرك حجم العقبات، لكن اختيار الأدوات الفعالة ستجعل الفساد يتلاشى تدريجياً بإذن الله..!!..
استشارية طب أسرة
مستشار الجودة وسلامة المرضى
مستشار التخطيط والتميز المؤسسي
كاتبة رأي