«أبو سراج» شخصية المؤمن الولائي
في كل عام وتحديدا في العاشر من محرم، يلبس السواد ويتجه إلى أحد الحسينيات وربما لأكثر من حسينية أو مسجد ليرثي عَشيقه منذ الصغر، الذي ورث حبه من أبيه المرحوم عبد الكريم قريش، المولع هو الآخر بحب الحسين وآل بيت النبي. هذا العام تغير كل شيء مع كورونا، فمعظم الناس يستمعون الى المآتم عن بعد وعبر وسائل التواصل المألوفة.
لكن ماذا عنك ”أبا سراج“ وأنت الذي تتحضر لهذه المناسبة قبل أن تأتي بأشهر لتقدم أفضل ما لديك ولترثي من أحببت وعشقت..! هذا المرض البغيض لم يعطي الفرصة لأحد أن يؤدي واجبه كما ينبغي، فتسلل إليك أنت الآخر ومن حيث لا تحتسب ليقول لك ”كفى“..!
لو كان هذا المرض انتقائيا حيث أنه يصيب أناس دون غيرهم لربما وصفناه بالعدائية لأهل البيت وأتباعهم، لكن هذا الداء لا يفرق بين أعجمي وعربي ولا صغير أو كبير ولا أبيض أو أسود.
الناس على اختلاف مآكلهم ومشاربهم يرسمون طريقة عيشهم الحياتية بأيديهم، وكذلك مستقبلهم الدنيوي والأخروي. اليوم كل من تعرف على المرحوم عمار قريش «أبَا سراج"» من قريب أو بعيد يمكنه أن يرى هذه الأطروحة بأم عينه، ولو أن هذا الفارس، دون غيره من الفرسان، هو نار على علم لا يحتاج الى تعريف من أحد لأنه بالفعل رسم لوحة رائعة للمؤمن الولائي الذي استطاع بصوته الشجي وحنجرته الذهبية، سواء كان من خلال تأديته الأذان أو رثائه الحسيني وقراءته للأدعية المروية عن آل البيت، أن يكون عابرًا للإقليم. أما ما احتوى عليه قلبه من حب لآل البيت وللناس في صفوى وهي مسقط رأسه، أو حتى على امتداد المحافظة والمنطقة، فالكلام يطول.
«أبو سراج» صحيح أن المرض أبعدك من تأدية واجبك هذا العام لتُبكي الملايين من محبي الحسين في يوم العاشر، لكنها حسن الخاتمة وإرادة الله في أرضه، اختار يوم العاشر من محرم، وهو يوم الحسين بامتياز، أن يكون هو يوم رحيلك، لتلتحق بالركب من أتباع الحسين من أهل بيته وأصحابه ومحبيه الذين وافتهم المنية في هذا اليوم.
يوم العاشر هذا العام أضاف لنا حزنا جديدًا بفراقك أبا سراج. لولا كورونا والتزام الناس بالتباعد لكان يوم تشييعك يوما استثنائيا، حيث أن آلاف الناس ستأتي من كل حدب وصوب لتُودع فارسها ”نصير الحسين“ الى مثواه الأخير. لولا هذا المرض البغيض، لضاقت أكبر حسينية في صفوى بمحبيك وهم كثر، لكن شاء الله وما شاء فعل.
رحمك الله أبا سراج وأدخلك مدخلا ترضاه مع من أحببت، محمد وآله. نعزي أنفسنا قبل أن نعزي أسرتك وأخوانك وأخواتك وجميع أفراد عائلة آل قريش الكريمة. أما ذكراك أبا سراج فستبقى حية يتوارثها الأجيال من محبيك لسنين طويلة. نسأل الله أن ييسر لنا من الخير أحسنه وأن يبعد هذا المرض الممقوت والمستهجن عن البشرية جمعاء، وأن يرضا عنا إنه لطيف غفور رحيم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصل اللهم عل محمد وآله الطيبين الطاهرين.